الكويت والقصة القصيرة

نشر في 31-10-2018
آخر تحديث 31-10-2018 | 00:05
 طالب الرفاعي أُرسلت أول بعثة طلبة كويتيين لمصر عام 1939. وبالنظر إلى طبيعة المجتمع المصري المنفتح، وقتذاك، وإلى أهمية وبروز الصحافة والمجلات، نجد أن الطلبة الكويتيين تعلَّقوا بعالم الكلمة والصحافة الحُرَّة، فقد اجتمعوا في القاهرة على إصدار مجلة بعنوان "البعثة"، وصدر عددها الأول في ديسمبر 1946، وحملت أهم الأسماء المتنورة، والتي كان لها الشأن والحضور الأهم في اللاحق من الأيام، وعلى رأسها يأتي اسم المرحوم الأستاذ عبدالعزيز حسين.

إذا كانت مجلة البعثة صدرت في القاهرة، فإن مجلة الرائد صدرت بالكويت، وجاء عددها الأول في أبريل 1953، وكانت تُصدرها كل شهر لجنة الصحافة والنشر لنادي المعلمين. ومؤكد أن القصة القصيرة كانت حاضرة في كلتا المجلتين.

لقد نُشرت أول قصة قصيرة كويتية بعنوان "منيرة"، وكانت بقلم خالد الفرج في مجلة "الكويت"، لصاحبها عبدالعزيز الرشيد، وذلك عام 1929. ويعكس هذه التاريخ المتقدِّم عشق الكاتب الكويتي لفن القصة القصيرة. وقد لفت نظري الصديق العزيز الأستاذ سامي الإبراهيم إلى وجود نتيجة لمسابقة قصة قصيرة في العدد الأول من مجلة الرائد، وجاء الإعلان على النحو التالي: مسابقات الرائد، نتيجة مسابقة القصة: في يوم الأربعاء 8 أبريل 1953، اجتمعت للمرة الأخيرة لجنة فحص القصص المقدمة في مسابقة الرائد لأحسن قصة قصيرة، كانت هذه اللجنة مؤلفة من حضرات الأساتذة: عبدالعظيم بدوي، أحمد اللباد، أحمد عنبر، فاضل خلف، وقررت ما يلي: فازت القصة المعنونة "الانتقام الرهيب" بين القصص الكويتية، وبمراجعة الأسماء السرية عُرف أن كاتبتها هيفاء هاشم، وقيمة الجائزة 150 روبية، وفازت قصة "الموت أشرف" بين القصص العربية العامة وصاحبها الأستاذ يونس عبدالله، وجائزتها 100 روبية، وفازت قصة "يرى الله الحق ولكن ينتظر" بين القصص المترجمة، وقد قدمها الأستاذ يوسف الصالحي، وقيمتها خمسون روبية".

وبنظرة فاحصة لهذه للمسابقة اللافتة يظهر ما يلي:

انتشار فن القصة القصيرة بالكويت في تاريخ متقدِّم، مقارنة بدول الخليج، وحتى الدول العربية، لدرجة أن مجلة ناطقة بصوت المعلمين تقيم مسابقة، وتستقبل قصصا، وتقدِّم جوائز للقصص الفائزة.

القصص تنقسم إلى: قصص كويتية، وقصص عربية، وقصص مترجمة، وبما يظهر الوصل الكبير بين المجلة والكاتب والمترجم محلياً وعربياً وعالمياً.

إفساح المجال أمام القصص العربية بمساواة القصص الكويتية، وهو ما درجت عليه الكويت، وكان شعاراً على دفاتر جميع المدارس "الكويت بلاد العرب"، وبما يؤكد دائماً على حرص الكويت؛ حكومة وشعباً، على علاقتها بالعربي والعروبة.

اللجنة مارست فحصها للقصص بشكل سري، ودون معرفة الأسماء، بما يُظهر الشفافية والنزاهة الكبيرتين اللتين تعاملت بهما لجنة الفحص مع الأعمال.

مشاركة المرأة الكويتية كانت بارزة، حتى إنها نالت المرتبة الأولى.

تقديم مبلغ مالي للفائز الأول والثاني والثالث يُظهر جدية المجلة في تقدير الأعمال الفائزة من جهة، وتقديرها للجهد الإبداعي من جهة ثانية.

لقد كانت المبادرة الشعبية، ولم تزل، تشكِّل مدماكاً أساسياً في العمل الثقافي والعلمي والإبداعي بالكويت، فالنظام التعليمي نشأ بمبادرة شعبية من ديوان الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، وتمخض عن تأسيس أول مدرسة نظامية، وهي "المدرسة المباركية"، ولاحقاً "الجمعية العربية الخيرية"، أسسها الأستاذ فرحان الخالد الخضير عام 1913، و"النادي الأدبي" 1924، وصولاً إلى إصدار واحدة من أهم المجلات العربية، وأعني بذلك مجلة العربي، التي صدر عددها الأول في ديسمبر 1958.

إن وجود أسماء كويتية قدَّمت وتقدِّم أعمالاً قصصية مبدعة على امتداد الفترة الزمنية الممتدة منذ عام 1928 حتى وقتنا الراهن يبرهن على علاقة متجددة بين الكاتب في الكويت وفن القصة القصيرة، وعلى علاقة هذه الأعمال بالواقع المعاش من جهة، وعلى قدرتها على النفاذ إلى ذاكرة ووعي القارئ من جهة ثانية، وهذا هو الرابط الأهم بين الإبداع والمتلقي.

back to top