قارئ الفنجان

نشر في 26-10-2018
آخر تحديث 26-10-2018 | 00:06
 فواز يعقوب الكندري القهوة بالنّسبة إليّ تحصيل حاصل، إن وجدت هممت بها وإن غابت لا أتعنّى لها، أتذوّقها لأنّها أمامي، وإن رحلت لا أسأل عنها رغم أنّ جميع من حولي يترنّم بها وكأنّها معشوقته التي برحيلها تترك خلفها الهمّ والغم والنّكد.

في افتتاح مقهى لأحد الأصدقاء في العاصمة قبل بضعة أسابيع، وبدعوة عزيزة من صاحب الكافيه وجدنا هناك أنا وصديقي «بونوّاف»، هذا الرّجل الذي اختار أن يكون منفرداً في كلّ شيء حتّى أنّه ترك كلّ من يحتفل في الافتتاح يشربون فناجينهم، واختار هو أن يقرأها لهم، مع العلم أنّي لا أؤمن بهذه الأعمال ولا أراها سوى تسليك للوقت وتكهنّات.

المصادفة هنا أن الخطوط المتعلقة على جدار فناجين الحضور تشابهت، وكأنّها منحوتة قبل أن تُسكب فيها القهوة، وظهرت على «بونوّاف» علامات الاستغراب والذّهول، فالحضور يومها من كل دول الخليج، وهذا ما زاد من دهشته، فكان تأويله حينها أنّه ربّما أمر مجتمعي مترابط، وأتبع كلماته القصيرة هذه بتنهيدة جذبت انتباه الحضور الذين حرصوا على أن يوضّح ويفسّر ذلك أكثر، فبادرهم قائلاً: «اربطوا الأحزمة».

الدّائرة الضيّقة التي تنصّف الفنجان إشارة إلى أنّ الأمور لم تعُد على ما يُرام، ورفع الفنجان قليلاً وأشار بسبّابته عليها وما يحيط بها من خطوط متلاحمة تشير إلى أنّها دعوة لكلّ الحضور إلى نبذ الخلاف والتعاضد خصوصا أنّ هناك خطوطاً ملتوية على الطرف الآخر من الفنجان تحاول أن تتسلّل إلى الدائرة عبر فتحة صغيرة صنعها بعض الإعلاميين والمغنّين والمطبّلين.

هنا بدأت أصوات الحضور تتداخل مع بعضها على هيئة توتّر وتوجّس رغم أنّها غير متيقنة من الفنجان وأخباره، إلّا أنّ الواقع الذي يحيط بنا يجعلنا نستشعر قيمة ما نسمع، وأكمل سرده لتفاصيل الفنجان متجاهلاً «شوشرة» الحضور قائلاً: هناك رسمة عين على الفنجان تشير إلى اليقظة، وصورة أنياب ترمز إلى العدو، وكأن الفنجان يقول لنا: النّجاة في الوحدة، والهلاك في الفُرقة.

جلسنا والخوف بعينينا.

نتأمل «خليجنا» المقلوب.

مع كل الود لصديقي «نزار»

back to top