عندنا مسرح؟

نشر في 21-10-2018
آخر تحديث 21-10-2018 | 00:08
مؤسف ما قاله الفرج والسريع حول المسرح، مؤسف لسببين: الأول أنه جاء على لسان من لهم اليد الطولى في بناء المسرح الكويتي، وثانيا لأن حديثهما يأتي من شاهدين على العصر الذي عاشاه سابقا، وما وصلنا إليه اليوم، فوا أسفاه.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

لماذا قررت وزارة الإعلام رفع الحظر عن الكتب الممنوعة إذا ثبت أنها متاحة في دول الخليج... لماذا الشطر الثاني من الجملة؟!

***

عُقدت ندوتان يومي 15 و16من أكتوبر الجاري، حول حال المسرح في الكويت، الأولى كانت في مركز جابر الثقافي استضاف فيها الزميل علي خاجة الفنان القدير سعد الفرج أحد أبرز مؤسسي المسرح السياسي في الكويت. الثانية كانت في مركز عبدالعزيز حسين حيث استضاف نادي "مُؤرِخ" الكاتب المسرحي والمؤلف المعروف عبدالعزيز السريع، حضرت الحوار الثاني وقرأت المحاورة الأولى في الصحف، واستمعت للبث الحي لها عبر تطبيق الإنستغرام، ولي بعض المداخلات حول مسألة المسرح السياسي في الكويت.

أولاً ورغم المسرحيات السياسية العديدة التي تم عرضها مثل "حرم سعادة الوزير" 1979، و"دقت الساعة" 1984، و"حامي الديار وممثل الشعب" 1985، أو التي مُنعت مثل "هذا سيفوه" 1987، فذلك لا يعني أن الأجواء السياسية كانت مواتية تماماً وسهلة، لكن في المقابل كان هناك تفاعل سياسي شعبي قوي مثلته القوى السياسية الموجودة على الساحة آنذاك، والتي كانت تدعو للإصلاح، إضافة إلى وجود مكونات المسرح الجاد من فنانين عمالقة وكتّاب نصوص محترفين ودعم معقول من الدولة، لكن هذا كله هُدم بعد الانقلاب على الدستور عام 1986، الذي خلق حالة سياسية جديدة جففت حقبة من التفاعل السياسي الشعبي، وكان من نتائجها المُدمرة أن أنيطت الكلمة وحرية التعبير بيد "الرقيب" الجاهل.

ثانيا، فإن الأوج الذي وصل إليه المسرح السياسي كان نتيجة منطقية لعقود من الزمن في تنمية العمل المسرحي الاجتماعي والفكاهي من خلال عشرات الأعمال الرائعة، وقد شرح الكاتب والمؤلف المبدع عبدالعزيز السريع في جلسته الحوارية المُميزة كيف بدأ المسرح من مدرستي المباركية والأحمدية في عشرينيات القرن الماضي، ولاحقا من مدارس الطفرة النفطية فيما يسمى "المسرح المدرسي" الذي غذّى النشاط المسرحي في الكويت بشكل مُبهر، وغاب لاحقاً بفعل إهمال القائمين على التربية والتعليم، بل بسبب إهمال الدولة للثقافة عموماً.

وثالثاً، فإن ما أشار إليه الفنان سعد الفرج من أن المسؤولين في الدولة ارتاحوا من الفنانين الذين قادوا المسرح السياسي بعد مسرحيتي "حامي الديار" و"هذا سيفوه" فهو حقيقي بسبب ما أشرت إليه من حالة سياسية سادت بعد حل مجلس الأمة عام 1986 ، وحتى كارثة الغزو العراقي عام 1990، والتي استمرت منذ ما بعد تحرير البلاد حتى اليوم، وتكللت بقوانين الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع والإلكتروني، فقضت على المسرح بأكمله، لا على المسرح السياسي فقط.

وهذه حقيقة يجب أن نواجهها بصدق، فاليوم لا يوجد شيء اسمه مسرح بعد كل هذا التاريخ الطويل الذي بناه أعمدة الفن في الكويت، لأن نهج الرقابة بشكل عام أصبح يُمارَس مهمته بروح الموظف الذي يريد السلامة بأي ثمن، وفقا لمقولة في المنع السلامة وفي الإجازة ندامة! هذا إضافة إلى عوامل مهمة أخرى ومنها اقتصادات العمل المسرحي.

مؤسف ما قاله الفرج والسريع حول المسرح، مؤسف لسببين: الأول أنه جاء على لسان من لهم اليد الطولى في بناء المسرح الكويتي، وثانيا لأن حديثهما يأتي من شهود على العصر الذي عايشوه ولا يزالون.

فوا أسفاه.

back to top