جزيء أساسي يوضح سبب ضعف العظام مع التقدّم في السن

نشر في 20-10-2018
آخر تحديث 20-10-2018 | 00:00
No Image Caption
تكشف دراسة تُعتبر الأولى من نوعها أن معدلات جزيء محدد ترتفع مع التقدم في السن، ما يُسكت جزيئاً آخر يشكّل العظام السليمة. كذلك تُظهر أن تصحيح هذا الخلل في التوازن يحسّن صحة العظم، ما يقدّم على الأرجح وسائل جديدة لعلاج ترقق العظم.
يصيب ترقق العظم نحو 200 مليون امرأة حول العالم.

تشير التقديرات أيضاً إلى أن واحدة من ثلاث نساء وواحداً من كل خمسة رجال حول العالم يتعرّضون بعد سن الخمسين لكسور في العظم نتيجة ترقق العظم.

يقرّبنا بحث جديد من فهم العملية التي تقود إلى تفكك العظم عند الإصابة بترقق العظم، ويطرح طرائق جديدة محتملة قد تتيح لنا معالجة هذه الحالة.

توضح نتائج هذا البحث تفاعل جزيء أساسي يُعتبر المسؤول عن هشاشة العظم مع التقدم في السن.

تولى الدكتور ساداناند فولزيل، عالم أحياء متخصص في العظام يعمل في قسم جراحة العظم في جامعة أوغوستا في جورجيا، المراسلات بشأن هذه الدراسة والمراجعة الأخيرة لتقرير جديد نُشر في مجلة Gerontology: Biological Sciences.

يوضح الدكتور فولزيل وزملاؤه عملية تكوّن العظم، التي تبدأ مع خلايا جذعية ميزنكيمية، تشكّل خلايا جذعية تنتشر في نقي عظمنا وقد تتطور لتشكّل الغضروف، أو العظم، أو الدهن في نقي العظم.

تشمل العوامل التي تؤثر في الشكل الذي تتخذه هذه الخلايا في نهاية المطاف جزيئاً يُدعى العامل المشتق من الخلايا السدوية 1 (SDF-1).

أظهر بحث سابق أجراه الفريق ذاته مدى أهمية SDF-1 في تمايز الخلايا الجذعية الميزنكيمية وتحولها إلى خلايا مختلفة تؤدي دوراً أساسياً في صحة العظم.

كشفت الدراسات التي أجراها الباحثون في المختبر وعلى نماذج حية الدور الرئيس الذي يؤديه هذا الجزيء المؤشر في تشكّل العظام. كذلك يُعتبر SDF-1 عنصراً مهماً في إصلاح العظم وحماية خلاياه من الإجهاد التأكسدي، الذي يحدث خللاً في التوازن بين الجذور الحرة ومضادات الأكسدة في الجسم، ما يقود في نهاية المطاف إلى تلف الحمض النووي والمرض.

بالإضافة إلى ذلك، برهنت دراسات سابقة أن معدلات SDF-1 تتراجع في حالة الفئران المسنة. لذلك أراد الدكتور فولزيل وفريقه في الدراسة فهم بدقة كيفية ضبط معدلات هذا الجزيء.

في بعض أبحاثه السابقة، أظهر الدكتور فولزيل أن جزيئاً صغيراً يُدعى microRNA-141-3p يمنع الفيتامين C، وهو مضاد أكسدة مهم، من بلوغ خلايا العظام.

كذلك عرف الفريق أن هذا الجزيء يمنع الخلايا الجذعية الميزنكيمية من التمايز والتحول إلى خلايا أخرى، فضلاً عن أن معدلات microRNA-141-3p ترتفع مع التقدم في السن. لذلك افترض الدكتور فولزيل وفريقه أن microRNA-141-3p يخفض معدل SDF-1، وأن هذه إحدى الطرائق الرئيسة التي يوقف هذا الجزيء الصغير من خلالها تكوّن العظام السليمة.

استعادة وظائف العظم

بغية التحقق من هذه الفرضية، حلل الدكتور فولزيل وزملاؤه خلايا ميزنكيمية أخذوها من بشر وفئران على حد سواء. في الخلايا الفتية، اكتشف الباحثون أن معدلات microRNA-141-3p منخفضة. ولكن في الخلايا المسنة، ازدادت معدلات هذا الجزيء بنحو ثلاثة أضعاف. وانطبق العكس على معدلات SDF-1.

عمد الباحثون بعد ذلك إلى حقن microRNA-141-3p في الخلايا الجذعية الميزنكيمية التي أخذوها من بالغين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 سنة، فضلاً عن مسنين يبلغون من العمر 60 إلى 80 سنة خضعوا لجراحة عظم.

أدى حقن microRNA-141-3p إلى تراجع معدلات SDF-1 ودفع الخلايا الجذعية إلى إنتاج مقدار أكبر من الدهون بدل خلايا العظم. ويوضح الباحثون أن إنتاج الخلايا الدهنية بدل خلايا العظم يزداد سهولة مع التقدم في السن.

كذلك أضاف الفريق microRNA-141-3p إلى خلايا العظم، ما زاد عمل العظام سوءاً. في المقابل، حسّن استخدام مثبط لجزيء microRNA-141-3p هذه الوظائف.

يوضح الدكتور فولزيل أن هذه الاكتشافات قد تُسهم ذات يوم في استخدام مثبط لجزيء microRNA-141-3p بغية مساعدة الخلايا الجذعية في مواصلة تمايزها وتحولها إلى خلايا عظم رغم التقدم في السن وحالات مثل ترقق العظم.

يضيف الباحث أن المثبط «يعيد وظائف العظم إلى طبيعتها. نعتقد أن مثبطاً من المستوى السريري يساعدنا في تحقيق الأمر عينه في حالة البشر».

يتابع الدكتور فولزيل مفسراً: «إذا كنت في العشرين من العمر وتنتج عظاماً ممتازة، تملك رغم ذلك microRNA-141-3p في خلاياك الجذعية الميزنكيمية. ولكن عندما تبلغ الحادية والثمانين من العمر وتضعف عظامك، تزداد معدلاته باطراد».

يذكر أيضاً الدكتور وليام د. هيل، باحث متخصص في الخلايا الجذعية في جامعة أوغوستا تولى أيضاً المراسلات المرتبطة بهذه الدراسة: «نريد أن يبلغ هذا الجزيء تلك النقطة المميزة». ويضيف الباحثون أنهم يخططون لنقل اكتشافاتهم إلى نماذج ما قبل التجارب السريرية وسيسعون إلى التوصل إلى طرائق لاستعادة معدلات microRNA-141-3p وSDF-1 الصحية.

يشير أيضاً الدكتور هيل: «ما نحاول تحقيقه هو خفض معدل [microRNA-141-3p]، الذي ارتفع إلى نسب عالية نتيجة عوامل ترتبط بالتقدم في السن والإجهاد التأكسدي وكبح الإستروجين، وإعادته إلى مدى يتيح بفاعلية تكوّن العظام الطبيعي».

يضيف: «حددنا عدداً من جزيئات microRNA التي تتبدل في خلايا نقي العظم الجذعية مع التقدم في السن. وسنسعى إلى تفحص كل منها بغية فهم كيفية عملها».

يختم الدكتور هيل: «بدأنا نعتمد مقاربة أقرب إلى الأنظمة البيولوجية. فلا نبدّل هدفاً جزئياً واحداً بل نتأمل كيفية تبدّل هذه الشبكة من الجزيئات مع التقدم في السن والمرض، فضلاً عن سبل تدخلنا وإعادة ضبط هذه المسارات المختلفة».

جزيءيمنع فيتامين C وهو مضاد أكسدة مهم من بلوغ خلايا العظام

SDF-1 يُعتبر عنصراً مهماً في إصلاح العظم وحماية خلاياه من الإجهاد التأكسدي
back to top