في رحاب الإمام السجاد مع ابنتي أمل

نشر في 19-10-2018
آخر تحديث 19-10-2018 | 00:08
 أ. د. فيصل الشريفي استجابة لرغبة ابنة أخي الدكتورة أمل التي طلبت مني أن أكمل مقالي السابق بعد أن بينت لها بعضا من المكانة العظيمة للإمام زين العابدين، والذي لا ينكر مكانته عاقل، ولا يستطيع أي كاتب أو باحث أن يوفيه حقه، وبيان فضله على سائر الناس، لذلك لم يكن الشاعر الفرزدق لينشد تلك الأبيات لولا رجوعه إلى ما قاله السجاد في خطبته الشهيرة بمجلس يزيد بالشام.

هذه الخطبة التي بدأها السجاد بالحمد والثناء لله، ليبدأ بعدها بتذكير الناس بما لآل البيت من مناقب وفضل على سائر الخلق "أيّها النّاس أُعطينا ستّاً وفضّلنا بسبع، أُعطينا العلم والحلم والسّماحة والفصاحة والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين، وفُضلنا بأنَّ منّا النّبي المختار (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ومنا الصدّيق ومنا الطيّار ومنا أسد الله وأسد رسوله، ومنا سبطا هذه الأمّة ومنا مهدي هذه الأمة".

بعد بيان هذا الفضل عرج السجاد بتعريف الناس به لبيان صلته بالنبي الأكرم، ونسبه من جده الإمام علي بن أبي طالب، ومن زاوية أخرى كشف زيف الإعلام الذي وصفهم بالخوارج، وفي الوقت نفسه لم ينفك بالتذكير بمناقب آل بيت النبوة وعظم شأنهم على بقية الخلق، تأكيداً منه إلى لفت انتباه الحضور وإسكات الأفواه، بحيث لم يجرؤ أحد على مقاطعة حديثه أو إرجاع الكلام إليه.

في هذه الخطبة لم يكتف الإمام السجاد بتعريف نسبه من جانب الأب، لكنه عرج على ذكر نسبه من جانب الأم أيضاً، وعلى غير عادة العرب، فقال "أنا ابن عديمات العيوب أنا ابن نقيات الجيوب، أنا ابن من كسا وجهها الحياء، أنا ابن فاطمة الزهراء وسيّدة النّساء، وابن خديجة الكبرى"، وكأنه أراد بذلك حبس أنفاس الناس عن عظم ما فعلوه تمهيداً لسؤال لا يستطيع معه المسؤول الإجابة عنه، لذلك كان وقع سؤاله عن سبب قتل أبيه الإمام الحسين كالصاعقة على رأس المسؤول.

الحقيقة وأنا أتمعن في قراءة هذه الخطبة ورغم محاولاتي الكثيرة في دراسة هذه الحقبة من التاريخ ما زلت لا أفهم كيف لأمة محمد، وفي عهدها القريب من النبوة "القرن الأول من الهجرة" استطاعت أن تبرر لنفسها قتل سبط النبي وسبي عياله، والأمر الثاني هو حجم التضليل الإعلامي الذي دعا السجاد إلى التعريف بنفسه "أعرفكم بنفسي" رغم المصيبة والهوان الذي تعرض له، أما الأمر الثالث عدم توجيه حديثه إلى يزيد إلا في آخر الخطبة بسؤاله عن سبب قتل أبيه، وكأنه اكتفى بما قالته عمته زينب بنت علي بن أبي طالب وابنة فاطمة الزهراء بنت محمد النبي الأكرم.

بعد هذا السرد المختصر للغالية أمل، همزت في أذنها بهذه العبارة "اليوم وفي ظل هذا البحر الهائج وما يحمله من جنون وإعلام مضلل نظل نرتقب كلمة الحق وحكمة العاقل، وما بينهما من أمل قد يجنب المنطقة شر حوادث الأيام، فالعالم مليء بالمؤامرات، والربيع العربي أصبح كابوساً، لكن مازال هناك بقية لحفاة يسيرون عليه". حفظ الله الكويت من كل مكروه.

ودمتم سالمين.

back to top