الصوم يحفِّز جزيئة تحافظ على شباب الأوعية الدموية

نشر في 15-10-2018
آخر تحديث 15-10-2018 | 00:02
No Image Caption
اكتشف بحث جديد أن الصوم عن الأكل يطلق جزيئة من شأنها أن تُؤخّر شيخوخة الشرايين. وقد تسهم هذه النتائج في الوقاية من أمراض مزمنة ومرتبطة بالسن مثل السرطان ومشاكل القلب والأوعية الدموية والزهايمر.
يشغل البحث عن الشباب الأبدي تفكير البشر منذ عصر الإغريق القدامى. يكفي أن نلقي نظرة سريعة على الأساطير الإغريقية كي نفهم أن الشباب كان أهم بكثير من الخلود، إذ يروي بعضها قصصاً عن تفاهة الخلود ما لم يترافق مع الشباب الدائم.

في هذا الإطار، بدأ الطب المعاصر يواكب الأساطير القديمة أخيراً. تُشجّعنا الإنجازات العلمية الناشئة على زيادة أملنا بتحوّل أسطورة الشباب الأبدي إلى حقيقة ملموسة قريباً.

في دراسة أخيرة، نجح الباحثون في عَكس مؤشرات الشيخوخة، مثل فقدان الشعر والتجاعيد، لدى نماذج من الفئران، وتمكن فريق آخر من الباحثين من تحقيق نتيجة أكثر إبهاراً حين نجح في تجديد الخلايا البشرية المُسنّة.

تطرح الدراسة الجديدة أدلة إضافية على إمكانية عَكس مسار الشيخوخة. أثبت بعض العلماء، بقيادة الدكتور مينغ هوي زو، مدير «مركز الطب الجزيئي والتحولي» في جامعة ولاية جورجيا في أتلانتا، أن الصوم، أو حصر السعرات المستهلكة، قد ينتج جزيئة تسمح بتأخير شيخوخة الأوعية الدموية.

نُشرت النتائج في مجلة «الخلية الجزيئية».

تأثير جزيئة الكيتون

يوضح زو الدوافع وراء هذه الدراسة قائلاً: «يتعلق أهم جزء من مسار الشيخوخة بشيخوخة الأوعية الدموية. مع التقدم في السن، تزيد حساسية الأوعية التي تمدّ الأعضاء الأخرى بالدم وتصبح أكثر عرضة لمضار الشيخوخة، لذا تُعتبر دراسة شيخوخة الأوعية بالغة الأهمية».

لهذا السبب، بدأ العلماء يركزون على شيخوخة الأوعية الدموية والتغيرات الحاصلة مع التقدم في السن وطرائق الوقاية منها.

حلل الباحثون تحديداً الرابط القائم بين حصر السعرات المستهلكة وبين شيخوخة الأوعية الدموية. استعمل زو وزملاؤه نماذج من الفئران المصابة بتصلب الشرايين وحللوا الشريان الأورطي لديها بعد نفوقها وأجروا سلسلة من تجارب زراعة الخلايا. كذلك جعلوا القوارض تجوع وأجروا اختبارات مماثلة.

كما كان متوقعاً، لاحظ الباحثون أن الفئران الجائعة أنتجت جزيئة البيتا هيدروكسي بوتيرات. لكن كان مفاجئاً أن تمنع تلك الجزيئة شيخوخة الأوعية الدموية أيضاً.

البيتا هيدروكسي بوتيرات نوع من جزيئات الكيتون التي ينتجها الكبد وتُستعمَل كمصدر للطاقة عند غياب الغلوكوز. ينتج الجسم الكيتونات في فترات الصوم أو الجوع، أو عند تبني حميات قليلة الكربوهيدرات، أو بعد ممارسة تمارين جسدية مطوّلة.

كشف البحث أيضاً أن البيتا هيدروكسي بوتيرات يعزز انقسام الخلايا التي تحدّ الجهة الداخلية من الأوعية الدموية ويُسرّع تكاثرها، علماً بأن الانقسام الخلوي يشير إلى شباب الخلايا.

يوضح زو: «اكتشفنا أن البيتا هيدروكسي بوتيرات يؤخر شيخوخة الأوعية الدموية، ما يعني وجود رابط كيماوي بين حصر السعرات المستهلكة والامتناع عن الأكل وبين أثر مكافحة الشيخوخة. يستطيع هذا العنصر أن يؤخر شيخوخة الأوعية الدموية عن طريق الخلايا البطانية التي تَحِدّ السطح الداخلي للأوعية الدموية واللمفاوية. حتى أنه يمنع شيخوخة الخلايا تحديداً».

أدوية مستهدفة

كشفت الدراسة أيضاً أن ذلك العنصر يطلق تفاعلاً متسلسلاً آخر لإبقاء الحمض النووي في تلك الخلايا البطانية شاباً وسليماً. حين يتصل البيتا هيدروكسي بوتيرات ببروتين الريبونوكليوتين النووي غير المتجانس «أ1»، يزيد نشاط عامل نسخ الخلايا الجذعية الذي يُسمّى «عامل النسخ المتّصل بالأوكتامير».

في المقابل، يزيد ذلك العامل مستوى اللامين «ب1» الأساسي الذي ينشط ضد شيخوخة الحمض النووي المُسببة للمضار، ما يسمح بالحفاظ على شباب الأوعية الدموية.

يقول زو: «قد يشكّل عامل النسخ المتصل بالأوكتامير هدفاً دوائياً لإبطاء الشيخوخة أو الوقاية منها. وحين يتجدد شباب الأوعية الدموية، يتراجع احتمال التعرض لأمراض وعائية أو ألزهايمر أو السرطان لأن هذه الأمراض كلها مرتبطة بالسن».

يتابع: «نعتبر هذا الاكتشاف بالغ الأهمية ونعمل على إيجاد عنصر كيماوي جديد يقلّد أثر هذا الكيتون في الجسم. يصعب أن نقنع الناس بالامتناع عن الأكل على مدار الأربع وعشرين ساعة المقبلة لزيادة نسبة تركّز ذلك العنصر، ولا يستطيع الجميع الالتزام بذلك، لكن إذا تمكنا من إيجاد مركّب قادر على إعطاء هذا الأثر رغم متابعة الأكل، فيمكن تسهيل حياة الناس ومساعدتهم على محاربة الأمراض».

الباحثون حللوا الرابط القائم بين حصر السعرات المستهلكة وشيخوخة الأوعية الدموية
back to top