مؤلف يحقد على بطل روايته!

نشر في 13-10-2018
آخر تحديث 13-10-2018 | 00:11
 د.نجم عبدالكريم لم يحدث في تاريخ الأدب أن حقد كاتب على بطل روايته مثلما حقد كونان دويل على بطله "شرلوك هولمز"، وكان بمنتهى السعادة وهو يصيح:

- يا إلهي أخيراً قتلته، وتخلصت من دمه الثقيل، وضغطه على أعصابي، كان لابد أن أقتله، فهذا الرجل أتلف أعصابي وأفسد حياتي. تصوروا -أيها الناس- لقد سافرت في العام الماضي لأقضي إجازتي السنوية في باريس، أتعرفون ماذا قال لي مدير الفندق؟

- أهلاً بك في فندقنا يا مستر شرلوك هولمز.

- حتى اسمه يطارد اسمي... قلت لمدير الفندق إنني أُدعى آرثر كونان دويل، وليس شرلوك هولمز.

- أنا، بكل إعجاب، أعترف بفضلك في وجود هذا الساحر، الذي بلغ هذه الشهرة الواسعة، فنحن نعرفك من خلاله.

- يا سيدي، أنت تُلغي شخصيتي بسبب هذا الرجل، الذي تُعزى إليه كل مصائبي، لهذا قتلته، ولن أحاول أن أعيده إلى الحياة مرة أخرى مهما حدث.

- يا سيدي، سيطالبك العالم كله بإعادة الحياة إلى شرلوك هولمز.

- لن أفعل... لقد قتلته في الصفحة الأخيرة من روايتي الأخيرة، يوم ألقيته في شلالات رشنباخ، وكتبت في آخر الصفحة الجملة التي كنت تواقاً لكتابتها زمناً طويلاً، حيث قلت: "وهكذا في النهاية، لقي شرلوك هولمز حتفه في هوة الشلالات العميقة"، ثم أضفت في تشفٍّ: "فلا تطمع أن أعيدك إلى الحياة في كتبي مرة أخرى".

***

• تُرى لماذا أنهى المؤلف حياة بطله بأن أغرقه في شلالات عميقة للتخلص منه بهذه الطريقة؟!

• كتب كونان دويل في مذكراته:

"لأنه سلبني متعة الحياة. إنه يصاحبني في كل لحظات حياتي، في اليقظة وفي المنام. أرى وجهه بأنفه المعكوف وغليونه الكريه، وصوته الخافت الساهم في كل أركان البيت، ففكري دائماً كان مربوطاً بهذا الشخص، الذي خلقته فاستعبدني، وعقلي كله لا يلتفت لمُتع الحياة، فكله يفكر في مغامرة جديدة من مغامراته، والانتصارات التي كان يحققها كلها تسللت من خلايا جسمي وأعصابي، حتى خُيل إليّ يوماً أنني لو مت لتتبعني إلى قبري... فأرجو ألا تسألوني: لماذا أحقد عليه؟! فسألته إحدى الصحافيات الفرنسيات:

- ألا ترى يا مستر دويل أنك أول كاتب في الدنيا يكره كل مؤلفاته التي رفعته إلى القمة الشماء في عالم الأدب؟!

- لا... لا، وألف لا... هنا نختلف، لقد كنت دائماً ميالاً إلى أن أكتب الأدب الحقيقي، ولكن للأسف انتهيت إلى القصص البوليسية، إلى شرلوك هولمز.

- مستر دويل، أنت لم توفَّق في الكتابة الرومانسية، والرواية البوليسية فتحت لك مجال الشهرة وصرت الأول في مجالك.

- أنا يا سيدتي من هواة الثقافة الرفيعة والأدب الرفيع.

***

• اتصل ناشر أميركي وعرض على دويل مبلغ 50000 دولار، ليعيد الحياة إلى لبطله من الشلالات، وقبل آرثر كونان دويل العرض.

• وعاد شرلوك هولمز ومات دويل، الذي لا يعرفه أحد، ولكن الجميع يعرف شرلوك هولمز.

back to top