إرث أمـي

نشر في 12-10-2018
آخر تحديث 12-10-2018 | 00:06
 نهى عبدالرحيم العوضي «ماذا تقصد بقولك «شلل تقدمي»؟

كان هذا هو السؤال الوحيد الذي توجهت به أمي إلى استشارية الجهاز العصبي في مستشفى «جونز هوبكنز» في صيف عام 2009 بالولايات المتحدة عندما تم أخيراً تشخيص حالتها المرضية.

حصلت أمي في النهاية على اسم المرض الذي تعانيه، وذلك بعد خمس سنوات وعشرات الزيارات إلى أطباء العيون والأعصاب وطبيب الأنف والأذن والحنجرة واختصاصيي أمراض النطق، حيث تم تشخيص حالتها خطأ مرة تلو الأخرى.

السقوط على الأرض: أثناء عبور شارع مزدحم في لندن، وأثناء النزول من الحافلة في المطار، وأثناء النزول من السلم في ليلة خطبة ابنها وغيرها الكثير.

مشاكل النطق والتعبير: على الرغم من قدرتها على التكلم باللغتين بطلاقة فإن والدتي بدأت وبشكل تدريجي تعاني عدم القدرة على التعبير عمّا يدور في ذهنها بالإضافة إلى مشاكل في النطق زادت من عدم قدرتها على التعبير عن نفسها.

مشاكل العيون: شكاوى من ومضات ضوء، ومعدل أقل لرمش العين والتحديق الثابت الذي ازداد سوءاً بمرور الوقت.

«ماذا تقصد بقولك «شلل تقدمي»؟

كان هذا هو السؤال الوحيد الذي توجهت به أمي إلى استشاري الجهاز العصبي هنا في الكويت في بدايات عام 2011. وبتعبيرها عن المخاوف التي أعربت عنها قبل عامين عندما تم تشخيصها، فإن أمي كانت لا تزال تريد أن تعرف ما ينتظرها، وماذا يحمل لها المستقبل. أرادت أن تعرف ماذا سيحدث؟

الشلل فوق النووي التقدمي هو مرض قاسٍ لا علاج له حتى الآن، ولا يتم اكتشافه عادةً في سنواته الأولى، أو يتم تشخيص حالة المريض خطأ ولفترة طويلة، إنه مرض يصيب الجهاز العصبي، وهو من الأمراض النادرة، حيث يصيب 3 إلى 6 أشخاص من بين كل 100 ألف شخص في مختلف أنحاء العالم، وكانت أمي العزيزة من هؤلاء الناس.

تم تشخيص حالتها وهي تبلغ من العمر 55 ربيعاً، وهو أقل من متوسط عمر الإصابة بالمرض، وقد عاشت مع عائلتها ثماني سنوات بعد تشخيصها، وذلك في ظل الحب والرعاية والمحبة من زوجها وأطفالها وأحفادها.

في نهاية المطاف فهمت أمي، كما جميع أفراد عائلتها، ماذا كان يعني الطبيب بكلمة «شلل تقدمي». لقد تعلمنا أولاً كيف يمكن لهذا المرض الرهيب سرقة قدرة أمي على النطق والمشي أو حتى وظيفة بسيطة مثل المضغ والبلع، وتحلت أمي بالقوة والإرادة والإيمان طوال فترة معاناتها من هذا المرض، وأنا أؤمن بشدة أن القوة التي أظهرتها طوال هذه الفترة كانت انعكاسا لشخصيتها القوية وربما كان لها نصيب من اسمها، فآمنت بالعلاج وبقضاء الله وقدره، لقد اعتقدت بشدة أن إنجازاً طبياً على صعيد علاج هذا المرض يمكن أن يحدث خلال حياتها، وأنها لن تضطر للعيش معه حتى النهاية.

توفيت أمي عصر يوم 9 أكتوبر 2017، وهذه هي الذكرى السنوية الأولى لرحيلها، فإذا كان هناك وعي أكبر حول «الشلل فوق النووي التقدمي» فإنه من المؤكد أن تشخيص حالات المرضى سيتم في وقت مبكر، ومن خلال المزيد من التمويل للأمراض العصبية، فإنه يمكن للبحوث العلمية أن تحقق اختراقاً وتنجح بالعثور على علاج ناجع لهذا المرض القاسي.

وتكريما لحياة والدتي، أتمنى عليكم مساعدتي في زيادة الوعي حول الشلل فوق النووي التقدمي، ويعتبر كل من موقع PSP.org وموقع PSPAssociation.org.uk من المواقع الإلكترونية المهمة التي توفر المعلومات للمرضى ومقدمي الرعاية والأطباء على حد سواء.

يحذوني الأمل في أن تقوموا بزيارة أي من هذه المواقع الإلكترونية والسعي إلى المساعدة في إيجاد علاج للشلل فوق النووي التقدمي وغيره من الأمراض التي تصيب الدماغ.

وأدعو إلى الله تعالى حفظ كل المرضى وعائلاتهم، وألا يتعرضوا للمعاناة الجسدية والنفسية التي عانيناها كأسرة، واكتشافنا مع والدتنا «ما هو الشلل التقدمي؟».

back to top