لم يكن ولن يكون بديلاً استراتيجياً

نشر في 08-10-2018
آخر تحديث 08-10-2018 | 00:08
 علي البداح وأقصد ما سمي خطأ "البديل الاستراتيجي"، فالحكومة لو كانت جادة لقرأت وسمعت ما قاله المختصون ووضعت الحلول المقترحة بعد تمحيصها وتنظيمها لتحيل أو تبدل هذا البديل الفارغ إلى خطة استراتيجية هدفها الأول تطوير عمل الإدارة الحكومية، فالقضية لا يجوز اختصارها بمستوى الرواتب أو عدالتها لأن ما يجب أن يسبق كل هذا هو إصلاح الوظيفة العامة نفسها، وكيف نؤديها لنستطيع تحقيق العدل للعاملين بها.

الوظيفة العامة أصبحت هماً للموظف وعبئاً على المتعاملين مع وزارات وأجهزة الحكومة، فأغلب الموظفين لا يجدون عملاً نافعاً للناس ليقوموا به، ليس لأن أعدادهم أكثر مما تحتاجه الوظيفة العامة فقط، ولكن لأن توزيع المهام وتعقيد الإجراءات وسوء الاختيار للتوظيف أو الترقية، وغياب نظام عادل لقياس الأداء وتقديره، نحتاج إلى دراستها وإعادة النظر فيها لانتشال الوظيفة العامة من التدهور الذي وصلت إليه قبل توصيفها وتقييمها وتحديد درجتها.

الوظيفة العامة في الدول التي سبقتنا أصبحت تحدد وتدار كما تحدد الوظيفة الخاصة، وأصبح لها مردود ملموس ونتيجة ظاهرة مرسومة على أوجه الناس رضا وإشباعا نتيجة للسرعة والدقة والجودة في تقديمها لهم.

ما سمي "البديل الاستراتيجي" وكل الدراسات التي قدمت لمجلس الأمة والحكومة هي حلول للقشور والترضيات، ومراعاة قوى الضغط، وعجز عن علاج الكوادر المتناقضة وغير العادلة التي تم تطبيقها، ولم أسمع أو أقرأ في أي من هذه الدراسات حلاً للارتقاء بالوظيفة العامة، وانتشالها من أزمتها، وحل مشكلة تأخر الكويت بسببها.

توصيف وتقييم الوظائف ليس هو الحل السحري الذي يراه ديوان الخدمة المدنية لتحقيق العدالة، فالعدالة المطلوبة يجب أن تبدأ بوقف معاناة الناس في تعاملهم مع الوزارات والجهات الحكومية أولاً، وهذا لن يكون إلا بوقفة جادة لوضع استراتيجية واضحة هدفها تطوير العمل الحكومي على كل المستويات وصياغة الوظيفة العامة، بحيث يتم تنفيذها بسرعة وإتقان وجودة عالية. وهذا يتطلب إلغاء التشابك ليس بين الجهات الحكومية في إنجاز معاملة واحدة فقط، إنما في التسلسل المنطقي واستخدام التقنيات ووضع معايير للجودة وقياس رضا جمهور المتعاملين من أفراد ومؤسسات على مدار العام للمزيد من التبسيط والسرعة والدقة، وتوصيل الخدمة لطالبها إلى مكانه باستخدام وسائل وتطبيقات التواصل الإلكترونية. الحديث عن توصيف وتقييم الوظائف لا يجوز، بل مضرّ في وضع الوظيفة الحالية، واستمرار الحديث عن البديل الهزيل هو هروب عن الحل الصحيح لمشكلة الوظيفة، وإرضاء للناخبين على حساب الوطن.

back to top