آمال : تنحف… والثياب تضيق

نشر في 04-10-2018
آخر تحديث 04-10-2018 | 00:20
 محمد الوشيحي في كل يوم تتضاءل الدنيا ويصغر حجمها وينحف جسمها. تشعر بأن ما يحدث في أميركا كأنه في الشارع المجاور، وما يحدث في اليابان كأنه يحدث خلف منزلك، أما ما يحدث في الوطن العربي فكأنه في حوش بيتك. كل هذا بسبب وسائل التكنولوجيا والإعلام، التي قرّبت البعيد وألصقت بنا القريب.

ومع تضاؤل الدنيا، انقضّت بعض الحكومات العربية على شعوبها وعلى الحريات، فضاقت ثياب الحرية على الناس حتى كادوا يختنقون، وبات الإرهاب على المخدة الملاصقة لمخدة الكاتب أو الصحافي، فإن كتب عن الديمقراطية اتُّهم بالإرهاب، وإن تحدث عن مصالح البسطاء وجد نفسه داعشياً، وإن تساءل عن مصروفات جهات سيادية حصل على تذكرة إلى ما وراء الشمس، بحجة الإرهاب، وهكذا.

والمتابع للصحافة، قبل سنوات قليلة، يجد أنها كانت تنعم ببعض الأكسجين، ويعرف أن ارتفاع السقف في بعض الدول يبلغ نحو مترين أو ثلاثة، أحياناً. ليس في الصحافة فقط، بل والمسرح والطرب والمجالس العامة، وغيرها.

وكان الصحافي يستطيع المشي، وإن انحنى قليلاً أمام بعض المحاذير، لكنها اليوم، أي الصحافة، تزحف على بطنها، وتئن لكثرة جروحها، ولا يستطيع الصحافي المضي في طريقه ما لم يحمل طبلة أو مبخراً أو صاجات راقصة، أو فليكتب في المناطق الخضراء، كالكتابة عن الجو والطبخ وأضرار التدخين، أو فليصمت لينجو.

ضاقت ثياب الحرية يا صاح، وسُلّطت رادارات المباحث العربية على الصحافة، وقُطعت أيدي الصحافيين، فلا تبحث في الصحف ووكالات الأنباء العربية عن خبرٍ سياسي ساخن، أو تحقيق يتناول المواضيع بمصداقية، أو تحليل يستحق وقت القراءة، والأهم لا تلُم الصحافة ولا كُتّاب الرأي، فقد ضاقت ثياب الحرية.

back to top