ربيع الثورة الفرنسية!

نشر في 29-09-2018
آخر تحديث 29-09-2018 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم منذ أن تولى الحكم في فرنسا لويس الخامس عشر، كانت كل الدلائل تشير إلى قيام ثورة عارمة تحرق الأخضر واليابس، وتغير وجه التاريخ في فرنسا والعالم، وقد لا يتسع المجال لأن نأتي على ما حفلت به المجلدات تلو المجلدات من ذكر الأسباب، التي جعلت شعب فرنسا يعيش في دوامة من الفوضى الدامية، أكثر من سبعين عاماً، إلى أن استقر الوضع فيها، بعد أن قطعت الرؤوس تحت المقاصل، التي نُصبت في الميادين.

• ولعل الإتيان على جزء ضئيل مما سطره تاريخ ربيع ثورة فرنسا في القرن السابع عشر يسلط بصيصاً من الضوء على أحداث ذلك الربيع!

***

• فضائح الأسرة المالكة، ومباذل الملك العربيد، والقصص الغريبة الأطوار التي يتناقلها الناس عن عشيقاته، بل وعُشاقه أيضاً، حيث غدا لويس الخامس عشر حديث معظم صالونات الدول الأوروبية، لما كان يصلها من فضائح ماجنة، بعضها تفوح منه عفونة شذوذيات تشمئز منها النفوس.

***

• إهدار المال العام في سفه على إقامة حفلات ماجنة يقيمها الملك بشكل مستمر، وكلها باذخة بكل ما لا تستبيحه الأعراف والقيم، وكان ملك فرنسا نفسه يرتدي في تلك الحفلات ثياب كيوبيد، وسط ضيوفه الذين يفرض عليهم ملابس معينة في حفلاته التنكرية المتكررة.

***

• فرض الضرائب الفادحة على الشعب، والتي كادت توقف النشاط الاقتصادي في فرنسا.

• ضرائب على كل شيء، وعلى أي شيء، بل وصلت إلى الشوارع والطرقات التي تمر بها العربات المحملة بالأغذية... وكلما خرج المتضررون من العمال والفقراء محتجين على فرض المزيد من الضرائب كان لهم القمع بالمرصاد، فيزجون في سجن الباستيل الذي يشبه إسطبلات الحيوانات.

• وإطالة الوقوف أمام عهد لويس الخامس عشر الحافل بكل ما لا يخطر على بال الإنسان من موبقات شاذة، لا طائل منها، إذ إن ثورة الشعب الفرنسي، التي كانت هي الحد الفاصل لإزالة الأسرة المالكة عن حكم فرنسا حدثت أثناء تولي لويس السادس عشر.

***

• ولما جاء لويس السادس عشر للحكم، كان فتى طيباً، قياساً على غيره من الملوك السابقين، وقد استبشر الفرنسيون به خيراً، ولم يكن يشغل وقته بالمباذل التي كان أسلافه قد تفننوا فيها، لكنه كان هاوياً للصناعة، وبالذات صناعة الأقفال والخزائن الحديدية.

وكثيراً ما كان يشير الذين يؤرخون له إلى أنه "كاد يكون محبوباً من الشعب الفرنسي، لولا ضعفه أمام تسلط زوجته ماري أنطوانيت، التي كانت على نقيضه في كل شيء؛ لأنها لم ترث صفات أمها ماري تيريز الإمبراطورة النمساوية، والتي كانت تعين الفقراء وتحنو على البسطاء".

من هنا نجد أن ماري أنطوانيت ورثت عن أبيها أخطر الصفات، من انفلاتاته العاطفية واستسلامه للرغبات الطائشة واستهانته بالمال العام... وأمام هذا الانفلات لماري أنطوانيت لم يكن لويس السادس عشر يستطيع أن يحرك ساكناً.

فكانت العابثة الماجنة اللامبالية ماري أنطوانيت سبباً في الإسراع نحو ربيع الثورة الفرنسية، يوم تظاهر أمام قصرها الفقراء؛ لأنهم لا يجدون الخبز، فقالت: ولماذا لا يأكلون البسكويت أو الكيك؟!

back to top