عنف الأهواز أيضاً... إرهاب

نشر في 26-09-2018
آخر تحديث 26-09-2018 | 00:10
لا بد أن نبحث عن سبل تتحقق بها العدالة والحياة الكريمة لجميع السكان والقوميات والطوائف ربما بالعمل الجماهيري السلمي ومختلف وسائل الضغوط المحلية والدولية، دون اللجوء للعنف والإرهاب.
 خليل علي حيدر ما جرى في العرض العسكري الإيراني في مدينة "الأهواز" ونجم عنه مقتل 29 شخصاً، نصفهم "من الحرس الثوري" مماثل لأعمال العنف والتفجير في العراق وتركيا ومصر وأي مكان، أي أنه عمل إرهابي جبان، ينبغي أن يدان على كل صعيد، ومن قبل كل دول العالم ودول مجلس التعاون خاصة. وإذا كان البعض يرى أن مثل هذه التفجيرات المدمرة مبررة، انتقاماً من أي تصرفات لإيران ضد قومياتها في الداخل، أو اعتراضاً على سياساتها الخارجية، فهو مخطئ تماماً، ووسائل النضال لا تتصمن مثل هذه التفجيرات الدموية العشوائية، التي تهدد أول ما تهدد حياة المدنيين، وترتد بالإساءة في إيران على الشعب الأهوازي نفسه، وتحول حركته إلى مجموعة عنف، والمطالبين العرب بالحقوق القومية إلى جماعات إرهابية يسهل ضربها وتصفيتها، ولا تحظى بأي تعاطف في الداخل والخارج.

إن تفجير العروض العسكرية قد يكون مقدمة لتفجير التجمعات الشعبية والملاعب والجامعات، واللجوء إلى الأعمال الإرهابية في إيران سيكون له عواقب وخيمة علينا جميعاً في هذه المنطقة، وبخاصة إن سكتنا عنها أو أيدناها رسمياً وشعبياً، كما يطالب بعض المتحمسين، فإيران تستطيع تحمل أعمال العنف والتفجيرات والحروب، ولكن مثل هذه المخاطر تهدد بشدة الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي في بلداننا، كما أن إيران قادرة على اللعب بأوراق كثيرة في المنطقة، وتحويل مسار التنمية، وإثارة مشاكل لا حصر لها في بلدان المنطقة.

التفجير والعنف وبخاصة تهديد حياة المدنيين وعامة الجمهور، وضرب الأمن الاجتماعي خط أحمر، وكم نتذكر أن المقاومة الفلسطينية نفسها حققت بالانتفاضة السلمية والسلاح البدائي والعمل الجماهيري ما عجزت عن تحقيقه بالسلاح عبر سنوات، ونالت أوسع تأييد عالمي بما فيه بعض الأوساط الإسرائيلية، حتى لجأت إلى تفجير المقاهي والمطاعم والصواريخ، وربما كانت ستفجر كذلك دور العرض السينمائية والملاعب والمدارس، والكل يرى اليوم حياة الفلسطينيين بعد المقاومة العنيفة، فقد دمرت غزة وضاعت القدس حتى الضفة الغربية مهددة.

لم أتابع كل ما كتبته الصحافة عن تفجيرات الأهواز، ولكن أسفت أشد الأسف لمقال كاتب وإعلامي قدير ووزير إعلام عربي أسبق، الأستاذ "صالح القلاب" الذي نشر في "الجريدة" مقالا بعنوان "الأحواز... القادم أعظم" 25/ 9/ 2018، لا يعكس على الإطلاق خبرة الكاتب البارز ولا تجارب المنطقة المؤلمة مع العنف والتفجير.

ختاماً نقول إن القضايا القومية والطائفية في هذه المنطقة بالغة التعقيد، واحتمالات تبادل الانتقام مفتوحة، وقد لا تكون حتى هذه الأقليات في العالم العربي وتركيا وإيران قادرة حقا على إدارة شؤونها، وقد رأينا كيف اختلف المسيحيون السودانيون فيما بينهم بعد انفصال الجنوب والاستقلال، وكيف تتعدد المشاكل بين الإخوة الأكراد في العراق وتركيا وربما حتى إيران، وقد يكون هذا مصير غيرهم من الأقليات.

ولهذا لا بد أن نبحث عن سبل تتحقق بها العدالة والحياة الكريمة لجميع السكان والقوميات والطوائف ربما بالعمل الجماهيري السلمي ومختلف وسائل الضغوط المحلية والدولية، دون اللجوء للعنف والإرهاب، فنحن نعرف جدياً أنه قد يشفي غليل البعض لكنه لا يحل المشاكل.. إن لم يدمر كل شيء!

back to top