عزيزي المواطن... عزيزتي المواطنة!

نشر في 25-09-2018
آخر تحديث 25-09-2018 | 00:10
عزيزي المواطن... عزيزتي المواطنة، ألا تلاحظان أن مجلسنا الموقر الذي قمنا بانتخاب أعضائه تصل إليه عشرات التقارير من الأمانة العامة لمجلس الأمة حول جرائم المال العام، وبجهد كبير بذل في رصدها بالأدلة والمستندات، ومع ذلك فشلت كل محاولات المساءلة للحكومة ووزرائها وإعطائها صك البراءة دون تردد، في دلالة على تأصيل هذا العجز في نفوسنا؟!
 د. حسن عبدالله جوهر عزيزي المواطن... عزيزتي المواطنة، ألا تلاحظان خلال السنوات القليلة الماضية الكم الهائل من القصص والحكايات حول اختلاسات مالية ضخمة أو جرائم المال المنظمة أو فضائح التزوير للشهادات العليا؟ ألا تلاحظان أيضاً التغطية الإعلامية المكثفة لمثل هذه القضايا سواءً على صعيد الصحافة أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟

ألا تلاحظان كذلك نشر الكثير من المستندات والوثائق المصاحبة لتغريدات وتعليقات كبار المهتمين بالنشر الإلكتروني ممن اشتهروا برصيد ضخم من المتابعين؟ وأخيراً، ألا تلاحظان الصمت الحكومي المريب لكل ما يحدث حولنا على الرغم من أن مسرح هذه الجرائم هو مؤسسات الدولة والوزارات الحكومية، وأن مرتكبيها هم من القيادات الوسطى والعليا في هذه الجهات؟

عزيزي المواطن... عزيزتي المواطنة، هل بدأتما تفكران ولو بشيء بسيط من التحليل والمنطق كيف تربطان خيوط هذه الحوادث بينكما وبين نفسكما للوصول إلى بعض التفسيرات التي يتوصل إليها عقلكما ويترجمها وجدانكما الداخلي؟ أم تكتفيان فقط بإعادة إرسال مثل هذه المعلومات إلى أقربائكما وأصدقائكما والقروبات الخاصة بكما مع إضافة بعض رموز التعجب والسخرية أو الغضب أحياناً؟

عزيزي المواطن... عزيزتي المواطنة، إذا أذنتما أن أشارككما ببعض التحليل البسيط بعيداً عن تعقيدات مثل هذه الجرائم، التي تزيد ولا تنقص بعد ترويجها وفضح أبطالها، من الناحية القانونية أو السياسية، فهل تقتنعان معي أن الهدف من هذا الإخراج المسرحي والمستمر على مدى الساعة، هو فرض نوع من الترويض النفسي لكما ولي، بأن ما نراه وما نسمعه هو أمر واقع ومرض استشرى في المجتمع، ولا حيلة للحكومة أو أجهزة القضاء أو الرقابة المؤسسية والمجتمعية في إيقافه أو حتى الحد منه، والوصول في النهاية إلى خلاصة مفادها "ماكو فايدة"؟!

عزيزي المواطن... عزيزتي المواطنة، هل تشاركانني الرأي بأن السبب النفسي في ذلك واضح وضوح الشمس، فمن يقوم بمثل هذه الجرائم من سرقة أو نهب الأموال باسم حجز الفنادق، أو مصاريف المؤتمرات، أو تحت شعار إطلاق مشاريع التوعية الدينية، أو احتفالات العيد الوطني، أو تنظيم مسابقة رياضية، أو تزوير الشهادات، أو سرقة الأوراق الرسمية من داخل رحم القضاء، هم مواطنون "منا وفينا"، فأبطال ما أعلن عنه من الجرائم والفضائح الأخيرة هم ضباط في الأجهزة الأمنية أو مسؤولون في الوزارة أو محامون أو تجار أو مشايخ الدين أو شخصيات أكاديمية أو رموز إعلامية وسياسية، فما ذنب الحكومة إذا كان الشعب فاسداً؟!

عزيزي المواطن... عزيزتي المواطنة، هذا هو الترويض النفسي الذي يراد له أن يستقر في أذهاننا لدرجة اليأس والإحباط، أما الهدف الخفي فهو بقاء الحكومة بشخصياتها ونمط تفكيرها ونهجها إلى الأبد، وهذا ما تحقق بالفعل في الفترة الأخيرة عندما ماتت المعارضة المخلصة وتاهت الرقابة الشعبية، وبلغنا حداً من المسخرة، بأن الحكومة الجبارة تنجح بلمح البصر في القبض على وافد متنكر بالنقاب ويسرق حفنة من الدنانير من بنك محلي، في حين تعجز عن اكتشاف السرقات المليونية بوجه مكشوف وفي وضح النهار؟!

عزيزي المواطن... عزيزتي المواطنة، ألا تلاحظان أن مجلسنا الموقر الذي قمنا بانتخاب أعضائه تصل إليه عشرات التقارير من الأمانة العامة لمجلس الأمة حول جرائم المال العام، وبجهد كبير بذل في رصدها بالأدلة والمستندات، ومع ذلك فشلت كل محاولات المساءلة للحكومة ووزرائها وإعطائها صك البراءة دون تردد، في دلالة على تأصيل هذا العجز في نفوسنا؟!

back to top