ماذا فعلت العقود الأربعة منذ «كامب ديفيد» للقضية الفلسطينية ؟

وقعت الإتفاقية بعد 13 يوماً من النقاش في المنتجع الرئاسي الأمريكي

نشر في 16-09-2018 | 10:43
آخر تحديث 16-09-2018 | 10:43
مناحيم بيغن وجيمي كارتر وأنور السادات
مناحيم بيغن وجيمي كارتر وأنور السادات
بعد أربعة عقود من السلام بين مصر وإسرائيل والذي جاء نتيجة اتفاق كامب ديفيد عام 1978 لا تزال القضية الفلسطينية التي لم تحل تلقي بظلالها الكبرى على المشهد السياسي في الشرق الأوسط.

هذه الخلاصة شكلت المحور الرئيسي لجلسة نقاشية عقدت في منتدى السادات حول "تأثير الاتفاق على السياسة الخارجية الأمريكية" وذلك بمناسبة الذكرى الأربعين لاتفاق السلام التاريخي بين إسرائيل ومصر.

وبدأ النقاش بقراءة رسالة من الرئيس الامريكي الأسبق جيمي كارتر مهندس الاتفاق الشهير والذي استذكر كيف جمع الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحيم بيغن بالمنتجع الرئاسي الأمريكي في كامب ديفيد بولاية ميريلاند لمدة 13 يوما خاضا خلالها "مفاوضات مكثفة وصعبة" انتهت ب "إطار للسلام في الشرق الأوسط".

وفي حين اعتبر كارتر البالغ من العمر 94 عاما ان الاتفاق "تطلب شجاعة" من السادات وبيغن على السواء أشار إلى أنه على الرغم من التغييرات الكبيرة التي طرأت على الحكومات في كل من مصر وإسرائيل خلال السنوات الأربعين الماضية إلا أن "السلام تمكن من الصمود وتم إنقاذ أرواح لا تحصى نتيجة لذلك".

وقال الرئيس الأمريكي ال39 "لقد تم اعتبار قيام نظام سياسي جديد أمرا مسلما به تقريبا" لكنه مع ذلك اعترف "بخيبة الأمل الطويلة" بشأن التفاهم الثنائي وإطار العمل الخاصين بالاتفاق لحل المشكلة الفلسطينية من جميع جوانبها بما في ذلك الوضع في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأوضح كارتر أنه يؤمن دوما بأن القضية الفلسطينية أساسية لتحقيق سلام شامل في المنطقة ومن أجل بقاء إسرائيل.

وفي إشارة إلى اغتيال السادات عام 1981 رأى كارتر أنه لو بقي السادات حيا "لكنا في وضع أفضل اليوم."

ولفت الى أنه من المحزن أن الصعوبات في الشرق الأوسط "كبيرة اليوم" مشيرا إلى التوسع المستمر في المستوطنات الإسرائيلية و"الخلافات الأساسية" بين الفلسطينيين أنفسهم.

واعتبر أن الولايات المتحدة ملزمة بمحاولة إحلال السلام في الشرق الأوسط و"لكي ننجح في ذلك علينا أن نكون وسيطا نزيها يشدد على حقوق الإنسان في المنطقة".

وأفاد بأن الولايات المتحدة بحاجة إلى "الحفاظ على العدالة" بين جميع أطراف الشرق الأوسط لكن "لا تبدو أنها تلعب دور الوسيط النزيه".

من جهتها أشارت الدكتورة جيهان السادات أرملة الرئيس المصري الراحل في رسالة بالفيديو إلى أنه "مد يد السلام لإنهاء دورة الحرب" التي شابت العلاقات المصرية الإسرائيلية لعقود.

وأضافت أن الرئيس السادات الذي ذهب إلى القدس عام 1977 "بقلب مفتوح وعقل مفتوح" أراد التوصل إلى اتفاق سلام ناجح ما دام لا يضر بمصالح مصر الوطنية معتبرة "أن حياته أخذت منه قبل أن يتمكن من إكمال رحلته".

ورأت أن اتفاق كامب ديفيد نجح بإنهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل "حيث استعادت مصر من خلاله كل شبر من أراضيها التي احتلتها إسرائيل منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 وحتى الآن يستمر تنفيذ كل جزء من المعاهدة".

وأوضحت أنه في زيارته إلى إسرائيل عام 1977 "والتي شكلت اختراقا كبيرا" قال السادات إنه لم يأت فقط من أجل السلام بين مصر وإسرائيل ولكن من أجل جميع "دول المواجهة" في المنطقة.

واستذكرت أن زوجها رأى في حينه أنه في غياب "الحل العادل" للمشكلة الفلسطينية فإن السلام "لن يكون دائما أبدا" لافتة إلى أن الجزء الثاني من اتفاق كامب ديفيد والذي يتعلق بالقضية الفلسطينية "لم يتم الوفاء به" واليوم يبدو أن حل هذه القضية "أبعد من ذلك".

بدوره ذكر ويليام كواندت والذي كان كبير مساعدي الرئيس كارتر لشؤون الشرق الأوسط والذي شارك في محادثات كامب ديفيد بأن أحد المواضيع الرئيسية كان دور الفلسطينيين والأردن في المفاوضات المستقبلية.

وقال كواندت إن "القضية المحورية كانت قضية الربط - القضية الفلسطينية" مشيرا الى انه "في هذا الصدد أراد السادات بعض الربط لكن بيغن لم يرد ذلك".

وأضاف أنه عندما بدا أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود بعد ثلاثة أيام حيث لم يعد بيغن والسادات يتحدثان مباشرة إلى بعضهما البعض قام كارتر وفريقه بتحريك العملية من خلال مشروع أمريكي جاهز "حيث تم تمرير 23 نسخة قبل أن نتوصل إلى اتفاق".

وبينما كان كارتر نفسه يعمل في إطار السلام المصري الإسرائيلي أفاد كواندت بأنه وبقية الفريق الأمريكي "عملوا على الشأن الآخر وكانت الأمور فوضوية".

وأوضح "أننا استقرينا على أننا لا نزال نرغب في سلام شامل ويمكن للأطراف الأخرى التفاوض على ذلك عندما ينتهي هذا الأمر" في إشارة إلى الدورين الفلسطيني والأردني إضافة إلى دور اللاعبين الإقليميين الآخرين.

أما دانيال كيرتزر الذي عمل سفيرا للولايات المتحدة في مصر بفترة تسعينات القرن الماضي خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون وكان سفيرا للولايات المتحدة لدى إسرائيل من 2001 إلى 2005 خلال رئاسة جورج دبليو بوش فأشار إلى أن "حيوية وقوة" تجربة كامب ديفيد أعاقتها صعوبات أخرى بالمنطقة في ذلك الوقت بما في ذلك الثورة الإيرانية والحرب السوفياتية في أفغانستان.

ورأى كيرتزر أن هذه "التغييرات الكبرى" في البيئة الدولية والإقليمية "قللت إلى حد ما" من تأثير اتفاقات كامب ديفيد مشيرا الى أن الرئيس كارتر لم يولي اهتماما كبيرا للوضع في إيران لأنه كان شديد التركيز على القضايا المصرية الإسرائيلية والفلسطينية.

وأشار الى أن المناقشات في ذلك الوقت ركزت على العوائق الأخرى أمام تحقيق سلام أوسع بالشرق الأوسط ومن بينها رفض الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد التوافق مع خطط السادات للسلام وحقيقة أن الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان الذي فاز على كارتر ومنعه من البقاء لولاية ثانية عام 1980 لم تكن لديه النية في البناء على اتفاق كامب ديفيد أو تحقيق اتفاق فلسطيني لأنه كان إنجاز لكارتر.

وأوضح كواندت أنه لم تكن هناك "فرصة" لإحداث تقدم مهم في القضية الفلسطينية خلال العقود التالية "لأننا (الولايات المتحدة) لم يكن لدينا زعيم يضغط على الليكود (الحزب السياسي المحافظ في إسرائيل)".

واعتبر أنه "من اللافت للنظر كيف أن الرؤساء الواحد بعد الآخر لم يتمكنوا من تحقيق أي تقدم بشأن القضايا الجوهرية" بما في ذلك الأرض والقدس.

وشدد على أنه خلال قمة كامب ديفيد الثانية عام 2000 والتي جمعت الرئيس كلينتون مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات لم يكن لدى كلينتون استراتيجية أخرى غير "إذا لم تقبلها فهذا أمر بعيد المنال" لافتا الى أن كلينتون كان يقترب من نهاية فترة ولايته التي استمرت ثماني سنوات فانتهت القمة بدون اتفاق.

وتحدثت أيضا إلين ليبسون وهي نائب رئيس مجلس الاستخبارات الوطنية من عام 1997 إلى عام 2002 وعضو في المجلس الاستشاري الاستخباراتي للرئيس السابق باراك أوباما من عام 2009 إلى عام 2013 وفي مجلس سياسة الشؤون الخارجية في وزارة الخارجية الأمريكية من 2011 إلى 2014 فقالت إن اتفاق كامب ديفيد عام 1978 "شكل إنجازا دبلوماسيا كبيرا للولايات المتحدة".

وأكدت ليبسون أن الاستخبارات مهمة في "فهم اللاعبين" مشيرة إلى أن "المجتمع التحليلي ربما أدرك أن السادات كان مغامرا بينما كان عرفات أقل من ذلك بكثير".

وأوضحت أن العملية التحليلية نظرت في دعم المعلومات الضرورية لنجاح المحادثات بما في ذلك إعداد الخرائط لفهم الحقائق الجغرافية والاقتصادية في المنطقة لافتة الى ان قناة المخابرات كانت "واحدة من ركائز الاستمرارية" على مر السنين مع تغير اللاعبين في الولايات المتحدة والشرق الأوسط.

وختمت بالقول إن الإسرائيليين والفلسطينيين على مدار العقود الماضية كانت لديهم قضايا أمنية "كبيرة تلوح في الأفق" سواء كانت الدبلوماسية تنجح أم لا.

back to top