طهران تراجعت خطوة في العراق رغم فوز محورها برئاسة البرلمان

نشر في 16-09-2018
آخر تحديث 16-09-2018 | 00:12
أرشيفية - تضاهرات الشعب العراقي من أمام مجلس الوناب
أرشيفية - تضاهرات الشعب العراقي من أمام مجلس الوناب
في وقت انتخب البرلمان العراقي، أمس، محافظ الأنبار السابق محمد الحلبوسي، المقرب من رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، رئيساً له، مدعوماً من تحالف «البناء» الموالي لإيران، كشفت مصادر وثيقة الاطلاع أن طهران بدأت تتكيف مع واقع جديد في العراق يشهد انحسار نفوذها بنحو كبير، معترفة للجناح المقرب من النجف بحقه في ترجيح كفة رئيس الحكومة المقبل، إلى درجة جعلتها تقبل مرشحين كانت ترفضهم طوال سنوات، وتدعو إلى التهدئة بخطاب ودي غير مألوف.

وعلى مدى يومي الخميس والجمعة الماضيين، خرجت مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية من الكتل التي بقيت متماسكة نسبياً، وانتقلت النقاشات إلى داخل بيت الطائفة القديم، رغم أن قواعد اللعب في ذلك البيت تغيّرت كثيراً منذ أن غادرته الطوائف ولم تغادره في الآونة الأخيرة.

فالسنة الذين التحقوا بمقتدى الصدر الفائز الأول في الانتخابات، ظلوا يواصلون مشاوراتهم مع الذين التحقوا بنوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق، وذلك لترشيح رئيس البرلمان وهو من حصتهم، والأكراد، الذين انشقوا عن حزب الرئيس الراحل جلال طالباني، عادوا إلى اجتماعات الحزب ليتفاوضوا حول مرشح الرئاسة العراقية وهو من حصتهم، أما الشيعة فقد اضطروا إلى خوض حوارات داخل الطائفة رغم رفضهم لأول مرة تشكيل كتلة نيابية على أساس مذهبي.

لكن الأحزاب التي ابتعدت عن طوائفها ثم عادت إليها في لحظة ترشيح الرئاسات الثلاث في العراق استعداداً لجلسة البرلمان أمس، وجدت أن بيت الطائفة لم يعد كما كان، ولعل أبرز مثال على ذلك هو الجناح الشيعي الموصوف بالاعتدال والمناهض لسياسات طهران، حيث فوجئ المقربون من الصدر ومرجعية آية الله السيستاني بأن الإيرانيين الذين اعتادوا التدخل بقوة في تشكيل حكومة العراق، بدوا مستعدين لتنازلات كبيرة، وبات من الواضح أن نفوذهم انحسر أكثر، وخصوصاً بعد إحراق المتظاهرين قنصلية طهران في البصرة ذات الأغلبية الشيعية.

وتذكر المصادر أن إيران وجّهت حلفاءها بضبط النفس وعدم الاشتباك مع أي فصيل مناوئ، شيعياً كان أم من طرف آخر، لأن الظروف الإقليمية والدولية قلقة جداً، وسيبقى العراق المنفذ شبه الوحيد لتخفيف الضغط والعقوبات عن طهران.

ومن أبرز نتائج ذلك أن إيران خففت دعمها لنوري المالكي، ولأي مرشح ضمن كتلة الفتح التي تضم الميليشيات الرئيسة، واعترفت بحق مرجعية النجف ومقتدى الصدر في اختيار مرشح لرئاسة الوزراء، متعهدة بعدم عرقلة جهود الصدر والسيستاني لاختيار رئيس حكومة غير حزبي يركز في تشكيل وزارته على الخبراء والتكنوقراط المستقلين، لمواجهة غضب شعبي عارم إزاء الفشل الإداري وانتشار الفساد المالي.

وكانت طهران خصوصاً تجهد، منذ الانسحاب الأميركي من العراق مطلع عام 2012، لتقييد تحركات الصدر المعارضة لها، وتتحايل على جهود السيستاني المناهض لسياساتها في أكثر من ملف، كما سبق لطهران أن عرقلت تقديم مرشحين شيعة لرئاسة الحكومة معروفين بعلاقاتهم الإقليمية والدولية الطيبة، لكن المفاوضين الإيرانيين الذين يتدخلون عادة بوصفهم وسطاء بين الأحزاب العراقية، بدأوا يتقبلون مرشحين من طراز عادل عبدالمهدي، نائب رئيس الجمهورية السابق، الموصوف بأنه ليس إسلامياً بما يكفي، نظراً لعلاقاته الفكرية والسياسية مع اليسار والقوميين منذ الخمسينيات، كما أنها لم تعارض كثيراً ترشيح رئيس المخابرات العراقية مصطفى الكاظمي، وهو شاب ليبرالي معروف بقربه من الولايات المتحدة.

back to top