وين العلة؟

نشر في 13-09-2018
آخر تحديث 13-09-2018 | 00:09
 علي محمود خاجه حسب الإحصائيات فإن في الكويت أكثر من 1400 مسجد، وأكثر من 200 حسينية، ومقرر تربية إسلامية إلزامياً لمدة 12 سنة في المدارس، وبرامج تلفزيونية دينية، بل قنوات إذاعية وتلفزيونية إسلامية بالكامل، ومعاهد دينية وكلية شريعة، وأترجة لتخريج الدعاة، ومراكز تحفيظ قرآن، وحملات إعلامية مستمرة للحث على التمسك بشعائر الدين وفتاوى في كل موضوع، حتى في «الإيموجي»، ودعاة في كل مكان وعلى كل نمط وستايل، هذا من جانب.

ومن جانب آخر هناك الممنوعات المتعارضة حسب تفسير الغالبية للدين (ولا يعني ذلك أن تفسيرهم صحيح وكذلك لا يعني القبول بتديين الدولة)، فمناقشة نشأة الكون حرام، والتطور ونظرياته ممنوعة، والكتب ممنوعة، حتى وإن كانت عروس البحر، والملحد ممنوع من دخول الكويت، بالإضافة إلى الممنوعات في الدولة المحرمة شرعاً كالخمر ولحم الخنزير والمخدرات والملاهي وغيرها.

لو قدمنا كل هذه المعطيات إلى أي عاقل فإنه لن يصل إلا إلى إستنتاج واحد بأن هذا المجتمع متمسك بالتعاليم الإسلامية الواضحة، فلا فساد ولا سرقات ولا «رشاوى» ولا جرائم ولا عنصرية ولا تفرقة ولا أفكار خارجة عن حدود الشريعة إلا بالحد الأدنى الذي لا يذكر.

إلا أن هذا الاستنتاج لا يعكس الواقع في الكويت، فالجرائم في ازدياد، والممنوعات كذلك، والعنصرية والتفرقة والسرقات والعصبية العائلية أو القبلية أو الطائفية، في حين أننا نجد بعض الدول غير الملتزمة بأي دين وغير الراعية لأي دين، والمنفتحة على كل الأفكار، تعيش في استقرار أكبر وفساد أقل وأخلاقيات إنسانية أفضل وسجون شاغرة تستدعي في بعض الدول استيراد المساجين من الخارج لتشغيل مباني السجون الخاوية!

ما أقوله واقع وليس نظرية أو فرضية بدليل هروب كثير من المسلمين من بلدانهم الإسلامية للعيش في البلدان العلمانية، وبدليل ازدهار تلك البلدان ونموها وتقدمها، لأنها باختصار طبقت عكس ما هو متبع في الكويت حرفياً، فمن يريد الالتزام بالصلاة فليلتزم بالصلاة، ومن لا يريد الإيمان بالله بل يهاجم من يعتقد بوجود الله فليهاجم لا بأس، مادام الكل يعيش تحت مظلة قانونية كفيلة بالتعايش والتعبير والاعتقاد والبحث والتفكير.

لا يهم من سيذهب إلى الجنة أو النار، المهم كلٌّ على طريقته وأسلوبه واعتقاده، المهم العدالة والمساواة والقانون، لقد أثبت النموذج المطبق بالكويت، والذي يعتنقه الكثيرون، فشله في تحقيق الغاية المأمولة، بل لم يكن عائد هذا النموذج الفشل فحسب، بل التراجع أكثر فأكثر وتحقيق أرقام قياسية في الفشل لن تصلحها زيادة القيود والمنع أبداً.

back to top