ترامب يواجه عدوه الحقيقي

نشر في 27-08-2018
آخر تحديث 27-08-2018 | 00:00
 واشنطن بوست هل ينجو؟

تحوّلت هذه المسألة إلى مسألة جوهرية في السياسة الأميركية عصر يوم الثلاثاء، وتشكّل الموضوع الوحيد الذي يكترث له ترامب.

مع توريط مايكل كوهين عميله السابق في جريمة محتملة انهارت استراتيجية الرئيس التي تقوم على التمويه والهرب، وما زاد الطين بلة بالنسبة إلى ترامب هو صدور إدانة مدير حملته السابق بول مانافورت بثماني تهم في الوقت عينه تقريباً.

سيواصل ترامب التنعم بإنشاد مناصريه "اسجنها"، كما فعل في تجمع غرب فرجينيا، إلا أن هيلاري كلينتون لم تعد خصمه، وباتت الحقائق والوقائع عدوه اليوم، ولا يمكنه سجن هذه، فضلاً عن أنها لا تملك أي نواقص يستطيع استغلالها، لذلك يسعى ترامب والمدافعون عنه إلى التأكيد ألا وجود للحقيقة.

درجت العادة منذ ليلة الانتخابات في عام 2016 الافتراض أن أي معلومات تُكشف قد تدمر سياسيا آخر ولن تمس ترامب، حتى إن ولاء قاعدته تحوّل إلى شعار صحافي.

يأمل ترامب أن ينجح من خلال قوة خبثه الكبيرة في الإيقاع بخصومه ودفعهم إلى خوض مسائل أكثر ملاءمة له من مناقشة الأموال التي أمر بدفعها إلى نساء ادعين أنه أقام علاقة معهن، منتهكاً بالتالي قوانين تمويل الحملات (هذا إذا لم نذكر القيم والمشاعر السامية للكثير من أنصار الرئيس الأكثر ولاء).

رغم ذلك، من الصعب تطبيق مقاربة ترامب المعتادة اليوم، والذي وجّه معظم سهامه نحو تحقيق روبرت مولر بشأن تدخل روسيا في انتخابات عام 2016، لكن جهوده هذه تلقت ضربة قوية عندما نجح فريق مولر في إدانة مانافورت، إلا أن اعتراف كوهين تسبب بضرر أكثر فداحةً لأنه ربط ترامب بجريمة، لم تكن هذه مجرد رمية عشوائية بل هدف مباشر. يشير الرد الضعيف المهزوم الذي وجهه ترامب وأعوانه إلى كوهين إلى أنهم يتخبطون. غرّد ترامب: "إذا كان أحد يبحث عن محامٍ جيد، أنصحه بشدة ألا يتعامل مع مايكل كوهين!". تتناقض فكاهة ترامب المبتذلة الواهية هذه مع جدية ما يُتهم به والخطر الذي يواجهه.

أغرق ترامب نفسه في حفرة أعمق أيضاً بتغريدة أخرى بعد نحو 37 دقيقة، فعكس أخلاق زعيم عصابة، حين أثنى على رفض مانافورت "الاستسلام" وعلى تحليه "بالشجاعة"، مندداً في الوقت عينه بكوهين لسلوكه مساراً مختلفاً. يحتاج مَن يسعون إلى مساءلة ترامب إلى العزم والانضباط، فالمرشحون الديمقراطيون بدؤوا يرون في محاربة الفساد محوراً قد يوحد حزبهم، ويجذب الناخبين الأقل تحزباً (بمن في ذلك جزء على الأقل من قاعدة ترامب المؤيدة "لإصلاح الحكومة الفدرالية" في حملة عام 2016)، ويسلّط الضوء على مجموعة واسعة من الانتهاكات التي ارتكبها الرئيس، ومستشاروه، وإدارته.

كانت ممثلة ماساتشوستس في مجلس الشيوخ إليزابيث وارن آخر مرشح ديمقراطي يقدّم برنامجاً مناهضاً للفساد مع إعلان جاء في الوقت المناسب نظراً إلى الأخبار الأخيرة، ولا شك أن خجل جمهوريي الكونغرس في الرد على الضربة المزدوجة التي تعرضت لها نزاهة ترامب سيعزز قضية الديمقراطيين.

باتت المطالبة بسحب الثقة من ترامب قوية جداً، لكن هذا لا يعني أن تحويل عام 2018 إلى انتخابات سحب الثقة فكرة سديدة، فمعظم الناخبين يعتبرون سحب الثقة الحل الأخير، فضلاً عن أن صيحة الحرب هذه لن تلاقي أصداء إيجابية في كل ولاية أو دائرة انتخابية.

ولا شك أن المثل القائل إن على الإنسان ألا يتدخل في عدو يدمر نفسه ينطبق على هذه الحالة. ويُعتبر الإصرار على المساءلة والسماح للتحقيقات بالمضي قدماً من دون أي عرقلة من رئيس لا يتقيد بالقانون كافياً في الوقت الراهن.

مع تنامي التهديدات التي يواجهها ترامب يتفاقم خطر أن يتصرف بطريقة أكثر تهوراً، ولكن هل يحاول الجمهوريون في الكونغرس أو على الأقل بعض أعضاء إدارته احتواءه؟ لا نملك أسباباً كثيرة تدفعنا إلى الاعتقاد أنهم سيقومون بذلك، وهذا بالتأكيد دليل على الخلل الذي نعانيه.

* «إي. جاي. ديون»

back to top