هل تشمّ روائح غير موجودة؟

نشر في 25-08-2018
آخر تحديث 25-08-2018 | 00:00
No Image Caption
هل تشمّ روائح غير موجودة؟ إن كنت كذلك، فلست الوحيد. اكتشفت دراسة نُشرت أخيراً أن ما يُعرف بالهلوسة الشمية أكثر انتشاراً مما نعتقد.
تشير الهلوسة الشمية إلى شم رائحة، مثل رائحة شعر يحترق أو منفضة، لا وجود لها. هذه التجربة موثقة بدقة، مع أن أبحاثاً قليلة تناولتها بالتحديد.

لكن علماء من برنامج علم الأوبئة وعلم الإحصاءات الحيوية في المعهد الوطني للصمم وغيره من اضطرابات التواصل أجروا أخيراً دراسة تناولت الهلوسة الشمية، باحثين عن الأسباب التي تجعلها تصيب البعض دون سواهم.

قادت الدكتورة كاثلين باينبريدج الدراسة، ونُشرت الاكتشافات التي توصلت إليها في مجلة JAMA Otolaryngology—Head and Neck Surgery.

توضح الباحثة جوديث أ. كوبر، المديرة بالوكالة للمعهد الوطني للصمم وغيره من اضطرابات التواصل، أسباب أهمية هذا الموضوع. تذكر: «نتغاضى غالباً عن اضطرابات حاسة الشم رغم أهميتها. فقد تكون لها تأثيرات كبيرة في الشهية، وتفضيلات الطعام، والقدرة على شمّ الإشارات إلى الخطر، مثل حريق، أو تسرب غاز، أو الطعام الفاسد».

إحصاءات

استند الباحثون إلى بيانات من المسح الوطني للصحة والفحص الغذائي، فاستخدموا معلومات جُمعت بين عامَي 2011 و2014 عن أكثر من سبعة آلاف شخص تخطوا سن الأربعين.

تضمّنت الاستبانة التي ملأها المشاركون السؤال: «هل تشم أحياناً رائحة كريهة، أو سيئة، أو رائحة حريق، مع أن لا مصدر لها؟».

اكتشف الباحثون أن 6.5% ممن تخطوا عموماً سن الأربعين عانوا الهلوسة الشمية، أي ما يعادل واحداً من كل 15.

تميل حاسة الشم إلى التراجع مع التقدم في السن، إلا أن العكس يحدث على ما يبدو مع الهلوسة الشمية. عانى نحو 5% ممن تجاوزوا سن الستين هذه الظاهرة. إلا أن النسبة جاءت أعلى بكثير عند مَن تراوحت سنهم بين الأربعين والستين.

كشفت الدراسة أيضاً أن الهلوسة الشمية أكثر انتشاراً بين النساء بنحو الضعف، مقارنة بالرجال، وأن هذا الاختلاف بين الجنسين بدا أكثر بروزاً عند مَن تراوحت أعمارهم بين الأربعين والستين.

عندما بحث العلماء عن عوامل خطر محتملة، لاحظوا أن الخطر يرتفع بين مَن يعانون حالة صحية متردية عموماً أو حالة اجتماعية-اقتصادية أدنى.

يفترض الفريق أن عامل الخطر الأخير هذا يعود على الأرجح إلى أن مَن يملكون مكانة اجتماعية-اقتصادية أدنى يكونون عادةً أكثر عرضة لمعدلات أعلى من السموم والملوثات البيئية. كذلك يزداد في هذه الفئة من المجتمع احتمال التعرض لمشاكل صحية أخرى وتناول أدوية قد تسبب الهلوسة الشمية.

التدخين وإصابة في الرأس

جاء احتمال التعرض للهلوسة الشمية أعلى بثلاثة أضعاف بين مَن عانوا جفاف الفم. كذلك رفعت إصابات الرأس هذا الخطر: أفاد واحد من كل 10 أشخاص فقدوا الوعي جراء إصابة في الرأس أنه عانى الهلوسة الشمية. لكن إصابات الوجه، والأنف، والجمجمة من دون فقدان الوعي لم تؤثر في خطر التعرض لهذه المشكلة.

علاوة على ذلك، كان مَن يدخنون السجائر بانتظام أكثر عرضة للهلوسة الشمية.

توضح الدكتورة باينبريدج: «لا نعرف أسباب الهلوسة الشمية. قد تكون هذه الحالة مرتبطة بفرط نشاط خلايا شم الروائح في التجويف الأنفي أو ربما خلل في جزء من الدماغ يفهم الإشارات الشمية».

تضيف: «تقوم الخطوة الأولى نحو فهم كل حالة طبية على تحديد وصف واضح للظاهرة. من هنا، يستطيع باحثون آخرون تكوين فكرة عن المواضع التي يمكنهم البحث فيها عن الأسباب المحتملة والتوصل في النهاية إلى طرائق لتفادي هذه الحالة وعلاجها».

تُعتبر هذه أول مرة يُحدَّد فيها مدى انتشار الهلوسة الشمية في الولايات المتحدة، ما يعزز فهمنا هذه الحالة. تبين في الماضي أن من الصعب تحديد مدى انتشار هذه الظاهرة لأن الناس لا يذكرونها بالضرورة لطبيبهم. في هذه العينة مثلاً، قرر 11.1% فقط ممن يعانون الهلوسة الشمية مناقشتها مع الطبيب.

نأمل بأن يسهم الوعي الأكبر حيال هذه الحالة في التوصل إلى أجوبة أوضح في المستقبل القريب.

back to top