هل ستكون الأرجنتين الضحية التالية؟

نشر في 19-08-2018
آخر تحديث 19-08-2018 | 00:00
No Image Caption
يبدو أن الأسواق تنظر إلى الوضع التركي باعتباره حالة مشابهة لغيرها من نوبات الضعف، التي شهدناها خلال السنوات الأخيرة، مستبعدة أي احتمالات لانتقال العدوى إلى الأسواق الناشئة الأخرى. يصعب عليّ تصديق ذلك، واعتبار ما يجري مجرّد حالة معزولة، وأن الأمور ستعود إلى سابق عهدها.

ومن وجهة نظري، تبدو مخاطر الأسواق الناشئة أعلى بكثير من ذي قبل، ويجب علينا القلق إزاء الدول الأخرى في الأسواق الناشئة، والتي تكافح جرّاء الانخفاضات الكبيرة في أسعار عملاتها المحلية واعتمادها المستمر والكبير على الاستثمارات الأجنبية.

وبناء على ذلك، يجب أن نلقي نظرة فاحصة على الأرجنتين، إذ هوت العديد من إصدارات السندات الحكومية هذا الأسبوع مما زاد من مخاطر إعادة التمويل حتى مع قرض الإنقاذ الأخير من صندوق النقد الدولي.

وفي الوقت الحالي، تعتمد الأرجنتين بشكل رئيسي على الديون قصيرة الأجل؛ ولهذا السبب، تحاول الآن التخلص تدريجياً من السندات المستحقة بعد أمد قصير، وإلزام المستثمرين بالسندات الحكومية الأطول أمداً. وخلال هذا الأسبوع، وصلت سندات الدين قصيرة الأجل المقوّمة بالبيزو إلى مرحلة الاستحقاق، وبلغت قيمتها 530 مليار بيزو، وأرادت الحكومة منح المستثمرين الفرصة لتقليص صفقاتهم على المدى القصير مع مزاد بقيمة 230 مليار بيزو في سندات الدين قصيرة الأجل المقوّمة بالبيزو (35 يوماً بنسبة 45.04 في المئة، و98 يوماً بنسبة 42.75 في المئة)، بينما يجب أن يذهب الباقي إلى فترات استحقاق أطول (سندات الدين العام LETES).

على أي حال، مُني المزادان بالفشل. إذ تمكنت الحكومة يوم الثلاثاء من توفير 202 مليار بيزو فقط من أصل 230 ملياراً ضمن سندات الدين قصيرة الأجل المقوّمة بالبيزو. وفي يوم الأربعاء، أدى مزاد سندات الدين العام (بأمد استحقاق 105 أيام وبنسبة 42.23 في المئة، وأمد استحقاق سبعة أشهر بنسبة 39.8 في المئة) إلى توفير 23 مليار بيزو فقط بدلاً من 40 ملياراً التي أملت بوينس آيرس بتأمينها.

ومع هروب المستثمرين نحو الدولار الأمريكي، دفع البنك المركزي إلى رفع الحد الأدنى من متطلبات الاحتياطي في البنوك الكبرى بنسبة 3% يوم أمس في محاولة لدعم عملته.

ومن الواضح أن إعادة التمويل لآجال الاستحقاق قصيرة الأجل تعتبر مشكلة، كما تشكل خطة البنك المركزي للتخلص من سندات الدين قصيرة الأجل المقوّمة بالبيزو بحلول نهاية هذا العام مخاطرة كبيرة في وقت دقيق للغاية، مع انخفاض معنويات الأسواق الناشئة بشكل كبير.

وإلى أن تستعيد الأسواق الناشئة معنوياتها، يمكن أن تشكل سندات الدين قصيرة الأجل المقوّمة بالبيزو المصدر الوحيد للتمويل الذي تستطيع الأرجنتين الحصول عليه.

وعلى النحو الموضح في الرسم البياني أدناه، انخفض إجمالي المبلغ المستحق من سندات الدين قصيرة الأجل المقوّمة بالبيزو بشكل كبير هذا الأسبوع، ولكن ذلك لا ينسجم مع خطط البنك المركزي للتخلص التدريجي من هذه السندات المستحقة. وفقد المستثمرون شهيتهم تجاه السندات الأرجنتينية، مما جعلهم غير مهتمين بالتوجه نحو سندات الدين الأرجنتينية المستحقة على المدى الطويل.

وبالرغم من أن سندات الأرجنتين المقومة بالدولار الأمريكي بدت أكثر مرونة من نظيراتها المقوّمة بالبيزو الأرجنتيني، إلا أنها انخفضت بشكل كبير منذ بداية هذا العام. وتراجعت قيمة السندات الحكومية الدولية الأرجنتينية المقومة بالدولار، بأمد استحقاق 10 سنوات وتم إطلاقها في يناير من هذا العام بعائد 6%، الآن بمقدار 20 نقطة منذ إصدارها، وتتيح 350 نقطة أساس أكثر في العائدات.

كما خسرت السندات الأرجنتينية المئوية المستحقة في عام 2017 سبعة نقاط منذ إصدارها، ويمكننا توقع مزيد من التقلبات مع تطور مجريات الأمور، بالرغم من أن الجزء الأقصر من المنحنى سيكون الأكثر ضعفاً.

وتزداد الضغوطات بشكل واضح مع تراجع قيمة البيزو الأرجنتيني بنسبة 37% منذ بداية العام. وفي هذه المرحلة، فإن السؤال الحقيقي هو إلى أي مدى يمكن أن يجد المستثمرون راحة في خطة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي بقيمة 50 مليار دولار؟

● ألثيا سبينوزي

* المتخصصة في الدخل الثابت لدى ’ساكسو بنك‘

back to top