رغم أنها ليست منتجاً أو مستهلكاً مهماً... تركيا تعصف بـ «النفط»

نشر في 18-08-2018
آخر تحديث 18-08-2018 | 00:02
No Image Caption
يستمر مجلس الاحتياط الفدرالي في رفع معدلات الفائدة التي تعزز قوة الدولار على حساب العملات الأخرى. كما أن النمو العالمي يظهر أيضاً بعضاً من مؤشرات الضعف، وقد تأثرت العملات في الأرجنتين وجنوب إفريقيا والبرازيل والهند وإندونيسيا بنوبات من الاضطرابات في الآونة الأخيرة.
قالت منظمة أوبك في تقريرها الأسبوع الماضي، إن السعودية خفضت إنتاجها النفطي في يوليو، في خطوة مفاجئة، بعد أن كانت تعهدت بزيادة إنتاجها في أعقاب اجتماع فيينا في يونيو. والسؤال هو: لماذا، إذن، هبطت أسعار النفط الأسبوع الماضي؟ قد يكمن الجواب في أزمة تركيا، حيث أفضت المواجهة السياسية مع إدارة ترامب إلى انهيار حاد للعملة. قد لا تبدو العلاقة واضحة للوهلة الأولى، نظرا لأن تركيا دولة غير مهمة بالنسبة لإنتاج النفط، كما أنها تستهلك كميات قليلة منه نسبيا.

الهبوط المفاجئ المتوقع في الطلب على النفط في تركيا ليس هو ما يقلق الأسواق، بل التأثير الاقتصادي والمالي المحتمل الناجم عن الأزمة الحالية. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن الأسبوع الماضي أنه يخطط لمضاعفة التعرفة على الصلب والألمنيوم من تركيا، وهي الخطوة التي فجَّرت أزمة العملة بشدة، حيث انخفضت الليرة التركية بنسبة 30 في المئة الأسبوع الماضي، و50 في المئة منذ نهاية يوليو.

والتعرفات في حد ذاتها مربكة بالنسبة للاقتصاد التركي، لكن الرسوم تأتي في وقت تعرضت عملات الأسواق الناشئة إلى ضغوط في هذه السنة. ويستمر مجلس الاحتياط الفدرالي في رفع معدلات الفائدة التي تعزز قوة الدولار على حساب العملات الأخرى. كما أن النمو العالمي يظهر أيضا بعضا من مؤشرات الضعف، وقد تأثرت العملات في الأرجنتين وجنوب إفريقيا والبرازيل والهند وإندونيسيا بنوبات من الاضطرابات في الآونة الأخيرة.

وأبلغ ريتشارد فولارتون، وهو مؤسس صندوق تحوط يركز على السلع يُدعى ماتيلدا كابيتال مانجمنت، وكالة بلومبيرغ، أن "المشكلة تعود إلى أن العالم أدمن بيئة معدلات فائدة فائقة التدني، والانتقال إلى معدلات فائدة أعلى سيكون أكثر إيلاماً من المتوقع، وعلينا أن نتوقع معدلات نمو أدنى خلال مرحلة انتقالية".

وفي غضون ذلك، يشعر البنك المركزي الأوروبي بقلق من الانكشاف الشديد للبنوك الأوروبية على تركيا، وهو مسار آخر يمكن أن يسبب البعض من المتاعب.

تقلبات العملة

وتحدث تقلبات العملة على وقع خلفية اقتصادية تظهر أيضاً نوعا من التصدع. وقد أثارت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين المخاوف من حدوث تباطؤ وهذه تداعيات حذر صندوق النقد الدولي منها الشهر الماضي.

كما تعرض معدن النحاس الذي يطرح في أغلب الأوقات على شكل مقياس رئيسي لصحة أسواق السلع العالمية والأنشطة الاقتصادية بصورة عامة إلى ضربة عنيفة هذه السنة، حتى مع التفاؤل القوي للمحللين في بداية العام. والمبالغة في قراءة أرقام النحاس الذي يملك مجموعته الفريدة من الظروف يمكن أن تنطوي على خطر، لكنها توفر نقطة معلومات تشير إلى أن المستثمرين يشعرون بقلق إزاء الاقتصاد العالمي. ويتمثل المقياس الآخر الذي يتعين مراقبته في نشاط الشحن الجوي الذي يشير أيضا إلى تباطؤ.

وكما ذكرنا، فإن هبوط الليرة التركية لا يشكل تهديداً في حد ذاته. وتركيا لاعب بسيط في أسواق الطاقة، باستثناء كونها دولة ترانزيت. وقال بنك التجارة كومرس بانك في مذكرة "إن التأثير المباشر على الطلب العالمي على النفط يمكن تجاهله في هذه الحالة. وعلى أي حال، إذا انتقلت الأزمة إلى دول ناشئة أكبر، فإن الطلب قد يتأثر بقدر كبير".

وأضاف البنك أن الأزمة في تركيا "ذات منشأ محلي"، وهي نتيجة أخطاء خطيرة من جانب القيادة السياسية فيها، وهو ما يعني "وجود قدر قليل من الخطر إزاء انجراف دول أخرى أيضا". ويتمثل الجانب المربك بهذا الصدد في أن تردي العلاقات الأميركية - التركية يعني أن أنقرة "لن تذعن بشكل شبه مؤكد إلى الطلب الأميركي بشأن شراء كمية أقل من النفط الإيراني الآن".

احتمالات تفاقم الأزمة

وتتمثل الطريقة الوحيدة لتحول هذا الوضع إلى أزمة أكبر في تحول مشكلات تركيا إلى متاعب عملات بأماكن أخرى. وفي الأسبوع الماضي هبط اليوان الصيني بأكثر قليلا من 0.3 في المئة، وأضاف إلى الخسائر التي تكبدتها العملة الصينية في هذه السنة.

وتفاقم العملات الأضعف الألم الناجم عن أسعار النفط الأعلى. وفي العملات المحلية وصلت أسعار النفط أو تخطت المستويات القياسية التي شهدناها سنة 2008 في تركيا وجنوب إفريقيا والهند وإندونيسيا. وإذا كان ثمة احتمال في أن تطلق الأزمة في تركيا حرائق هائلة بالأسواق الناشئة، فإن ذلك سوف يجعل المنتجات البترولية باهظة الثمن بالنسبة للكثير من الناس، وقد يفضي إلى تباطؤ بارز في الطلب العالمي. وحذرت الوكالة الدولية للطاقة من أن أسواق النفط يمكن أن تشهد "برودة" في وقت لاحق من هذه السنة، ولاحظت أن الطلب تباطأ في الأساس خلال الربعين الثاني والثالث، وبشكل جوهري عن مستوى الربع الأول.

وليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت تركيا سوف تمثل الشرارة التي تشعل هبوطا أعمق في الأسعار، لكن مع ازدياد توتر الأسواق، فإن الخطر الذي يواجه النفط نتيجة أحداث سياسية غير ذات صلة، مثلما يحدث في تركيا الآن، لا يمكن ببساطة استبعاده.

back to top