تركيا على خط إيران في مواجهة أميركا

نشر في 17-08-2018
آخر تحديث 17-08-2018 | 00:08
 أ. د. فيصل الشريفي منذ أن اتهمت وسائل الإعلام بجمهورية تركيا الولايات المتحدة بأنها وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي انطلقت من قاعدة "إنجرليك" بقيادة فتح الله غولن المقيم في أميركا والعلاقات من سيئ إلى أسوأ، ورغم كل المحاولات التركية لكسب الود الأميركي فإن الادارة الحالية بادلتها بتضييق الخناق عليها اقتصادياً، مما أدى إلى تدهور الليرة التركية.

البداية كانت مع إيران، حيث نجحت الإدارة الأميركية في شيطنتها، وأنها مصدر خطر وتهديد على حلفائها بالمنطقة وفِي مقدمتها إسرائيل؛ لذلك لا أستبعد توجيه تهمة الشيطنة إلى تركيا كونها معقل الإخوان في العالم الإسلامي، خصوصا مع وجود أرضية عداء لتنظيم الإخوان عند معظم الدول العربية.

إلى هنا والأمور، على ما يبدو، تسير في اتجاه واحد من خلال ضرب أي قدرة عسكرية أو اقتصادية للمكون الإسلامي، سواء كان شيعياً أو سنياً "لا يهم" ما دامت الدمى فيها مسلمين وعربا، وما أحداث الربيع العربي وأفغانستان ببعيدة عن تأكيد هذا الفهم، حيث السياسات الأميركية المتعاقبة تقوم على صنع الأزمات في المنطقة، ومن ثم إدارتها بالطريقة التي تريد، ومن المتوقع خلال الفترة القادمة خلق المزيد منها وفِي دول أخرى، لذلك يجب أخذ الحيطة من اتساع هذه الخطة الجهنمية في إرهاق الشعوب الإسلامية والعربية بحروب مباشرة وغير مباشرة.

لقد أثبتت الأيام أن أميركا ليس لها حليف سوى الكيان الصهيوني؛ لذا التعامل مع الإدارة الحالية يحتاج الكثير من الحنكة السياسية، فبالرغم من امتلاكها قوة عسكرية مدمرة فإن لديها أوراقاً أخرى أكثر فاعلية، وذلك من خلال تحريك ذراعها الاقتصادي الذي يتحكم في صندوق النقد العالمي، ومن ثم توجيه ماكينتها الإعلامية في تقوض السلم الأهلي لمجموعة واسعة من الدول.

التعامل مع الإدارة الحالية في وجود رئيس يلعب على المكشوف يحتاج إلى إعادة بناء الثقة بين الحكام والشعوب، فالرئيس الأميركي ترامب كان واضحاً في هذا الشأن، حيث ذكر، وفِي أكثر من مناسبة وهو يخاطب الرؤساء: "إن أردتم البقاء فعليكم بالدفع"، لذلك المطلوب محاربة هذه الفكرة الشيطانية كون معظم الشعوب العربية لا ترغب في تغيير حكوماتها رغم مطالبتها بالإصلاح، وهناك فرق واضح بين الاثنين.

نعم قد تملك الولايات المتحدة اليد الطولى في فرض سياستها على العالم، إلا أنها لن تستطيع التغريد خارج سرب المجتمع الدولي طويلاً، لذلك مع كل قرار تتخذه الإدارة الحالية هناك ردة فعل مساوية له من الشعوب التي أضرت بها تلك القرارات، ناهيك عن تزايد نسبة السخط الشعبي داخل الولايات المتحدة لسياسة رئيسها المخالفة للمبادئ التي تأسست عليها أميركا.

أخيراً على الشعوب العربية والإسلامية إدارك خطورة السياسة الأميركية وانعكاسها على المنطقة، وإن ما تقوم به ليس لسواد عيونها، فهي وإن أظهرت لك الحب والولاء مرة فستدير ظهرها عنك ألف مرة.

ودمتم سالمين.

back to top