إيران تقايض اتفاقية تمويل الإرهاب بشراء أوروبا للنفط

طهران تتشبث بـ «ورقة سورية» وتحوز مظلة روسية لبيع المحروقات... وترفض تعلل العبادي بالضغوط

نشر في 14-08-2018
آخر تحديث 14-08-2018 | 00:05
وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي يعلن تدشين صاروخ «الفتح» البالستي قصير المدى خلال مؤتمر في طهران أمس (إي بي أيه)
وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي يعلن تدشين صاروخ «الفتح» البالستي قصير المدى خلال مؤتمر في طهران أمس (إي بي أيه)
قايضت إيران اتخاذها خطوات في اتجاه الانضمام إلى معاهدة دولية للرقابة المالية، التي تهدف إلى منع تمويل الأنشطة الإرهابية بالحصول على تأكيدات من الدول الأوروبية بمواصلة شراء نفطها، وعدم الانصياع للعقوبات الأميركية، فيما تسببت خطوات لوقف أنشطة تجارية إيرانية اتخذها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في رفض طهران استقباله أخيراً.
بعد يومين من تمهيد مجلس صيانة الدستور الطريق أمام إقرار تعديلات قانونية تسمح لإيران بالانضمام إلى اتفاقية دولية للرقابة المالية، ومكافحة تمويل الإرهاب، علمت «الجريدة» من مصدر مطلع في مكتب الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أن الاتحاد الأوروبي وعد في حال اتمام الخطوة بضمان استمرار شراء بلدانه مليون برميل نفط إيراني يوميا على الأقل، وتحويل العوائد إلى طهران باليورو، لتفادي العقوبات الأحادية الأميركية على القطاع المصرفي الإيراني.

وتأتي الخطوة الإيرانية المرتقبة لمقايضة الانضمام للاتفاقية، التي يعارضها التيار الأصولي والمتشدد، تخوفاً من عرقلتها تمويل الميليشيات الموالية لطهران في المنطقة على غرار حزب الله اللبناني، و»الحشد الشعبي» في العراق، باستمرار شراء أوروبا للنفط في ظل تهديد وتوتر مع الولايات المتحدة، التي تسعى لخنق الاقتصاد الإيراني، ومنع تصديرها للنفط بشكل كامل بحلول الرابع من نوفمبر المقبل، لإرغامها على تقديم تنازلات بملفها النووي وسياساتها الخارجية.

وكان مجلس خبراء الدستور أيد انضمام إيران إلى معاهدة منع تمويل الإرهاب المعروفة بـ»FATF»، التي كانت أحد شروط الاتحاد الأوروبي لتقديم حزمة تحفيز اقتصادي لإقناع طهران بالبقاء في الاتفاق النووي، عقب انسحاب واشنطن منه في مايو الماضي.

وهدد الاتحاد بأنه لن يستطيع التعامل مالياً مع إيران إذا استمر وضعها على اللائحة السوداء للمعاهدة، فيما يتوقع أن تطرح حزمة التحفيز الأسبوع المقبل.

بوتين وروحاني

في موازاة ذلك، أكد مصدر آخر مرافق للرئيس حسن روحاني، الذي وصل إلى كازاخستان لحضور قمة دول حوض قزوين، أمس الأول، أنه بحث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين سبل التعاون الاقتصادي والمالي المشترك، حيث تقرر أن تعطي إيران التجار الروس مساحة أكبر للعمل والاستثمار بها، وفي المقابل تقوم روسيا بفتح أسواقها أمام المنتجات الإيرانية، إضافة إلى العمل لإقرار التبادل التجاري بالعملة المحلية للبلدين بدلا من الاعتماد على الدولار الأميركي.

وأضاف المصدر أن بوتين كرر لروحاني موقف بلاده المعارض للعقوبات الأميركية، مؤكداً أن موسكو، التي تعد أحد أكبر مصدري النفط على مستوى العالم، ستقوم باستيراد المحروقات الإيرانية وبيعها في الأسواق إلى جانب البترول الروسي وتحويل العوائد باليورو لإيران، أو تقديم سلع وأسلحة بقيمتها، إذا ما أصرت واشنطن على مواصلة منع الدول المختلفة من شراء البترول الإيراني.

ونصح بوتين روحاني بمواصلة الالتزام بالاتفاق النووي وتفادي الخروج من المعاهدة المبرمة في 2015، كي لا يشكل الانسحاب من الاتفاق ذريعة للدول الأوروبية لمؤازرة الولايات المتحدة ضدها.

ورقة سورية

وفي ملف آخر، بيّن المصدر أن مباحثات روحاني وبوتين تناولت دعوات خروج القوات الإيرانية من سورية، حيث أبلغ بوتين روحاني أن الإسرائيليين مصرون على الانسحاب الكامل للقوات الإيرانية مقابل بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في السلطة، وسيطرة الجيش السوري على جميع الأراضي، وأن الأميركيين مستعدون للانسحاب من أماكن وجودهم بالبلد العربي في حال رحيل الإيرانيين.

وحسب المصدر فإن روحاني أكد لبوتين أنه بعد «انتهاء الأزمة السورية» فإن بقاء أو رحيل القوات الإيرانية وحلفاء طهران يعتمد على قرار الحكومة السورية، إذا ما كانت تحتاج إلى بقائهم أو لا، وأنه لا يستطيع أن يعد بوتين بأن قواته والميليشيات الموالية لها ستخرج نزولا على رغبة إسرائيل وواشنطن، خصوصا في ظل التوتر الحالي في المنطقة، حيث تعتبر إيران بقاء قواتها ورقة مهمة يمكن أن تستعملها في أي مفاوضات مستقبلية، ولن تفرط فيها بسهولة.

وحث الرئيس الإيراني موسكو على مراعاة المصالح القومية الإيرانية عند اعطاء أي ضمانات في أي مفاوضات مع الدول الأخرى بشأن الملف الشائك.

واقترح روحاني على بوتين عرض انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة بهضبة الجولان السورية مقابل مغادرة الإيرانيين وحلفاء طهران لدمشق.

خطوات وغضب

إلى ذلك، أوضح مصدر مطلع في الخارجية الإيرانية أن إلغاء زيارة أعلنها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لإيران أخيراً، جاء بعد غضب السلطات الإيرانية التي حصلت على وثائق تثبت أن مكتب رئيس الوزراء أرسل تعميما إلى المصارف والوزارات الحكومية يلزمها باحترام العقوبات الأميركية الأحادية، ووقف إجراء المعاملات التجارية مع الإيرانيين بالدولار الأميركي. ورفضت طهران استقباله وترتيب لقاءات له مع المسؤولين الايرانيين حسب طلبه.

ولفت المصدر إلى أن الرفض الإيراني غير المباشر للزيارة، التي سعى لها العبادي للحصول على دعم لتشكيل الحكومة الجديدة، أظهر امتعاض طهران التي رأت أن رئيس وزراء تسيير الأعمال كان بإمكانه معارضة «العقوبات الأميركية الظالمة»، أو حتى تفادي توضيح موقفه الذي أعلن فيه انصياعه لواشنطن من أجل الحفاظ على «المصالح العراقية»، كما فعل الكثير من قادة المنطقة والعالم التي ترتبط بمصالح مع الويات المتحدة والجمهورية الإسلامية.

وأشار إلى أن دوائر السلطة الإيرانية رفضت استقبال العبادي ولم تقتنع بتبريرات تقدم بها نواب عن العبادي أكدوا أنه تعرض لضغوط أميركية كبيرة كي يدلي بتصريح يوضح فيه موقف بغداد من العقوبات، وهو ما اضطره إلى صياغة الخطاب الذي أعلن فيه احترام العقوبات، وعدم التعاطف معها بـ»شكل دبلوماسي».

إغلاق حسابات

من جهة ثانية، ذكر مصدر في مكتب آيت الله مكارم شيرازي أن مندوبي مراجع التقليد في «قم» تلقوا أخيراً رسائل من عدد من المصارف الأوروبية، تفيد بأنها لن تستطيع مواصلة تقديم خدمات لهم بالدولار، وطالبتهم بإغلاق حسابتهم فيها.

المصارف الأوروبية تقفل حسابات بعض مراجع التقليد الإيرانيين
back to top