شهادات مزورة... وتعيينات «باراشوتية»!

نشر في 09-08-2018
آخر تحديث 09-08-2018 | 00:20
 عبدالمحسن جمعة أتذكر أنه في مجلس الأمة 1996 انتشرت ظاهرة تعيين بعض النواب أعداداً كبيرة من ناخبيهم ومفاتيحهم الانتخابية وأقربائهم في المؤسسات والشركات الحكومية، وأدى ذلك إلى مشكلة وظلم لقطاع كبير من الخريجين، مما استدعى معالجة الأمر بإصدار قانون يشترط الإعلان عن الوظائف الشاغرة، ووضع آلية لاختيار الأنسب من المتقدمين للوظائف المعلن عنها.

اليوم نعيش ظاهرة أخطر، وهي توالي عمليات تعيينات للمناصب القيادية في جهات حكومية عدة، تدور حول أغلبها شكوك تدخّل أصحاب النفوذ ونواب في تعيينهم، مما يتسبب في استياء شعبي، وإحباط لجيل كامل من أبناء الكويت، إضافة إلى الأضرار التي تصيب الجهة التي يُعيّن فيها القياديون بـ "الباراشوت" من حيث كفاءة الأداء والاستقلالية، وإحساسهم بالمسؤولية تجاه من عيّنهم، وليس للشعب الكويتي كافة، وأعتقد أن هذه الممارسات تتساوى مع ظاهرة الشهادات المزورة.

البعض سيقول إن الرئيس الأميركي عندما يفوز في الانتخابات يأتي بطاقمه معه، وهذا كلام غير دقيق، لأن الرئيس الأميركي هو مرشح حزب، وله كوادره، وغالباً ما يقدم طاقمه المساعد خلال الحملة الانتخابية ليقيّمه الناخبون من خلال فريقه الانتخابي، وكثيراً ما يصبح طاقم الرئيس مستشارين في البيت الأبيض بعد نجاحه، أما 90 في المئة ممن يتم تسميتهم لمناصب تنفيذية في الدولة، فإنه يتم التصديق على ترشيحهم من "الكونغرس" الذي يفحص تاريخهم المهني والشخصي بشكل دقيق.

ما يحدث في الكويت أمر مختلف، فالمناصب في الوزارات والجهات والمؤسسات والهيئات الحكومية أصبحت كـ "الغنائم" التي توزع على أطراف النفوذ من نواب ووجهاء وتصنيفات اجتماعية أخرى، ومع نهاية كل اجتماع لمجلس الوزراء وإعلان قائمة جديدة من القياديين في الجهات الحكومية، تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي بكشف يشمل أسماء المحسوبين على أصحاب النفوذ والسلطة من القياديين الجدد.

هذا الوضع السلبي يتطلب معالجة تشريعية سريعة بإقرار قانون شروط وإجراءات التعيينات في المناصب القيادية والموجود على جدول أعمال مجلس الأمة منذ فترة، والذي يجب أن يتضمن الإعلان عن المناصب القيادية المدنية الشاغرة، التي تقل عن درجة وكيل وزارة، ووضع طريقة شفافة ومعلنة للمفاضلة واختيار القيادي المناسب لهذا المنصب، أما ما يحدث الآن من تعيينات للمناصب القيادية بأسلوب المحاصصة وتوزيع الغنائم، فهو أمر خطير سيصيب الجهاز الإداري للدولة بمزيد من التراجع والفشل الذي لن يؤدي إلى نجاح أي خطط لمحاربة الفساد أو برامج تنموية تتبناها الدولة.

back to top