الشاعر أدونيس الخطيب: القصيدة عندي فكرة أساسها الدهشة

«الصياد شاعر وفارس... هذه ثلاثية التراث العربي الحقيقية»

نشر في 05-08-2018
آخر تحديث 05-08-2018 | 00:03
الحياة بالنسبة إليه فرح وإبداع وجنون... هذه الثلاثية يترجمها الشاعر اللبناني أدونيس الخطيب في شعره وفي رسمه وفي ألحانه، راسماً لنفسه خطاً يغوص عميقاً في الأحاسيس متخذاً من الزمان والمكان مساحة تعكس انفعالاته تجاه قضايا مختلفة تحيط به، يتعامل معها من منظار الشاعر الذي يمتلك روحاً شفافة تحوّل السلبيات إلى إيجابيات وتضفي على الشعر حاسة جديدة هي الحاسة السابعة.
في ديوانه الصادر حديثاً «صياد الخطايا»، يصول الشاعر أدونيس الخطيب ويجول في المشاعر التي تنتابه سواء في العلاقات الإنسانية أو في حب الوطن، في محاولة لاكتشاف كنه أعماقه والسير قدماً في مشوار الإبداع سواء من خلال الكلمة المكتوبة أو الخط واللون أو اللحن.
ديوانك الجديد «صياد الخطايا»، هل الصياد هو الشاعر بالنسبة إليك؟

بين عملي كرئيس مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام ورئيس تحرير مجلة «صيد» وبين كتابتي للشعر، ثمة تداخل وطيد بين الصيد والشعر، وهذا ما يعرفه العرب منذ القدم فالصياد شاعر وفارس وهذه ثلاثية التراث العربي الحقيقية.. الشاعر صياد فكرة والصياد شاعر الأرض والفارس لا يمكن أن يكون مجرداً من الشعر والصيد.

إلى أي مدى يستطيع الشاعر أن يتحكّم بالزمان والمكان ويرسم عالمه على هواه؟

تعطي صفة الشاعر حصانة اللعب بالزمان والمكان، لأن الشاعر ملك الخيال ومن دون خيال تجف الأحاسيس. ولهذا يلعب على هواه من دون أن يدينه أحد.

هذه العبثية، إذا صح التعبير، هل هي من أسس القصيدة عندك؟

لا أؤمن بالتصنيفات. التصنيف الوحيد لدي هو جميل أم لا. فكل فكرة تختار لغتها وأسلوبها وحواسها وطريقة تنفسها. والقصيدة عندي فكرة أساسها الدهشة.

المرأة والوطن

الديوان باللغة المحكية، هل تختار الأسلوب أم يأتي تلقائياً وتفرضه الفكرة؟

كتبت أنواع الشعر كافة، والقصيدة كما سبق أن قلت تختار جسدها الشعري، سواء كان باللهجة المحكية أو اللغة الفصحى أو اللهجة البدوية. لكل فكرة مفرداتها الخاصة.

في الديوان قصائد حب ووطنيات، هل المرأة بالنسبة إليك صنو الوطن، لا وجود لأحدهما من دون الآخر؟

أولاً، لا أؤمن بالشعر خارج المرأة. والمفرادت الأنثوية أعمق وأشمل وأجمل بشكل عام، فالأمة أعمق من الوطن، والكتابة أشمل من القلم، والحياة أجمل من الموت. ومن دون المرأة لا وطن ولا رجل ولا مستقبل.

عندما يؤلف الشاعر قصيدة هل يبحث من خلالها عن توازن ما في شخصيته وفي فكره؟

أحياناً نكتب لنتوازن وأحياناً أخرى ليختل توازننا وننتقل إلى أبعاد أخرى، لنكتشف أعماقنا من زوايا جديدة.

أيهما يطغى على الآخر في شعرك: الإحساس أم العقل؟

لا أؤمن بالعقل مجرداً من الإحساس ولا بالإحساس مجرداً من العقل. الاثنان بحاجة إلى جرأة وجنون ليبدعا.

قصدت أن يكون ديوانك مكتوباً بخط يدك، كما ديوانيك السابقين «الورق ليس أعمى» (2001)، و«عم برتكب كلمة» (2003). لماذا اعتمدت هذه الطريقة، هل هي تمرّد على التكنولوجيا؟

في الحقيقة، بعد إصدار ديواني الأول «فضائح الحبر» عام 1999 وهو مطبوع بخط الكومبيوتر، ورغم فرحة الديوان الأول، فإنني شعرت بعدم الانتماء إليه كثيراً بسبب جموده. كل الحروف متشابهة رغم اختلاف معناها وأحاسيسها. لذلك قررت أن أكتب بخط يدي بحرية وإحساس من دون قواعد حجم أو شكل، ما جعل كتبي تشبه أحاسيسي، وقد أحبها القراء لأنها ظهرت بمظهر النسخة الخاصة المدونة بيد الشاعر.

الحاسة السابعة

مسرحيتك «حلم بلا تياب» التي قدمتها على مسرح جامعة القديس يوسف في بيروت وضعت الشعر في خانة الحاسة السابعة، ماذا قصدت بذلك؟

«حلم بلا تياب» مشهديات شعرية راقصة أردت من خلالها تحرير كلمة «شعر» من الكلمة، لأنني وجدت من خلال مراقبتي وتجربتي مع الموسيقى والكلمة واللون والمسرح أن «الشعر» هو الحاسة السابعة بعد الحاسة السادسة حاسة التنبؤ، وهو يشبهها تقريباً، إذ لا يمكن لمن يملك هذه الحاسة أن يمنع نفسه من الإبداع، بل ينتقل بها إلى أحاسيس عالية الجودة بأي فن مارسه. فالفنان جهاد عقل مثلاً ليس عازفاً إنه شاعر نغم، وظافر يوسف ليس مطرباً إنه شاعر صوت. كثر من المبدعين اجتازوا مرحلة تقنية الفن إلى أبعاد مذهلة في الإحساس، ترغمك على الغوص في النفس إلى أعماق ساحرة.

بين ديوانك الأول «فضائح الحبر» مروراً بديوان «على حافة امرأة» وصولاً إلى ديوانك الأخير... هل ثمة لمحات أو شذرات من حياتك وشخصيتك؟

بين ديوان وديوان تتغير ملامحنا الإحساسية، تنضج وتتمرد. شخصياً، أتعامل مع كل ديوان على أنه حالة شعرية وليس كتاباً. في ديوان «عم برتكب كلمة» قفزت خلف صفحة الفهرس لأكتب بتمرد على قاعدة انتهاء الكتاب الشرعية الطبيعة. كذلك في «صياد الخطايا»، أرغمت الفهرس أن ينظر إلى الصفحة التي خلفه ليفهم أنني شخص من سلالة «يتبع..» لا من سلالة «انتهى». وأصدرت ديواناً إلكترونياً «على حافة امرأة» وهو مؤلف من 50 خاطرة شعرية، وأقمت حفلة كاملة على موقع «فيسبوك» من دعوة محددة ومتكلمين من نقاد وشعراء، وقد ترجمت الشاعرة اللبنانية جانيت قاصوف وزوجها الشاعر الفرنسي ديديه فافر الخواطر إلى الفرنسية ونُشرت.

هذه هي ملامح شخصيتي، فأنا شخص يكره الروتين والتقليد والتكرار وأعشق الجنون وأخواته.

ما الرسالة التي تودّ أن توجهها من خلال شعرك؟

رسالتي: ثمة أحاسيس كثيرة في نفوسنا تحتاج إلى إنقاذ، فلننقذها بالحاسة السابعة.

تمزج في قصائدك بين الصورة الشعرية والنغمة الموسيقية والرسم، فهل تهدف من خلال ذلك إلى دفع القارئ إلى التفاعل مع شعرك؟

في الحقيقة لا أهدف إلى شيء بل أن ألهو وأتسلى مع الذين أحبهم. الحياة تحتاج إلى فرح.

قصيدة ونغم

حول الجديد الذي يحضّره راهناً يوضح الشاعر أدونيس الخطيب: «أنا في صدد تنفيذ كليب لفنان أتحفظ عن ذكر اسمه راهناً، وفيلم قصير عن الطيور المهاجرة.. وتصميم غلافين لصديقتين من عالم الشعر والكتابة. كذلك ثمة تعاون مع بعض الفنانين من خلال أغنيات من كلماتي أو من كلماتي وألحاني».

كتبي مدوّنة بخط يدي لأنها تعكس أحاسيسي

لا أؤمن بالعقل مجرداً من الإحساس ولا بالإحساس مجرداً من العقل
back to top