«أهلاً وسهلاً سعادة السفير»

نشر في 04-08-2018
آخر تحديث 04-08-2018 | 00:05
 خالد اسنافي الفالح كنت في السادسة من عمري، أرقد بأمان والدَيْ، بينهما وعلى سريرهما، فلما استيقظت وجدت "صدّام" على جانب من الفراش مقابل والدي، كان سبباً لإرهاب والدتي حين أيقظتُها! رفع سلاحه على رأس والدي حين استيقظ هو الآخر! لم يكن "صدّام" هذا وحده، بل كان هناك صدّامون آخرون في صالة شقتنا الكائنة في منزل جدي، وفي صالة بيت جدي، هؤلاء الذين اقتحموا حرمة دور النساء! وكشفوا ما ستره الحجاب! ولم تؤنبهم ضمائرهم أمام توسلات جدتي واستجداءاتها وهي تقبّل رؤوسهم الفارغة وأحذيتهم الوسخة كي يطلقوا سراح بكرها الذي أخذوه من أمامها معصوباً مكبلاً إلى حيث لا تعلم.

كان كل صدّام منهم يستجوب الأسرى في مراكز الشرطة التي احتلها، يهينهم باستفراغ قذارات لسانه، ويعينهم على ظلمهم الصدّامون الآخرون بتنظيم الأسرى في طوابير أمام شاحنات النقل يقودها صدّام آخر تنقلهم إلى سجون الجمهورية الصدّامية.

تنقل لي جدتي منيرة، أطال الله في عمرها، من بعض ذكرياتها عني عندما كنا في البحرين بعد أسر والدي أنني حين أرى اصطفاف الجنود أقول "يما كلهم صدّام كلهم صدّام"! وما ظننت يوماً أن هذا التعبير الطفولي- الصادق بلا شك- سيكون ضمن مطالب البالغين في النظام السياسي الجديد لجار الشمال.

هم يزعمون أن من غزا الكويت في فجر الثاني من أغسطس للعام الميلادي ١٩٩٠ نصف مليون نسخة لصدام ضمن الجيش الشعبي محاصر بثلاثمئة ألف نسخة آخرين ضمن الجيش الجمهوري. ويطالبوننا ألا نجر اسم جمهوريتهم (العراق) جريرة قرارات قائد بائد ونسخه من جنده وشعبه.

سعادة سفير الجمهورية العراقية في دولة الكويت، كنت آخر من أعلن تلك المطالب قبل أيام، ولن تكون الأخير بالتأكيد، لكن بودّي أن أستفسر من سعادتكم عن الدور الذي قمتم به نيابة عن جمهوريتكم ونظامها السياسي الهش تجاه الكويتيين الأسرى والمفقودين والشهداء وأسرهم؟ هل شعّت شمسكم على قمركم لتُظهر جانبه المضيء؟ "آنا ماني شايف إلا ظلمة"* لذا أنصحكم ألا تقدّموا مطالبات تنسفها صوركم التي تشبه كل تلك النسخ التي استدعت الآلام من سفر الذاكرة!

*نص من مسرحية (حامي الديار) الخالدة.

back to top