العراق: فشل سياسي في معالجة «حراك الجنوب» يمهد لضربه

الحكومة الجديدة «تطبخ» على نار التظاهرات

نشر في 23-07-2018
آخر تحديث 23-07-2018 | 00:11
No Image Caption
فشل لقاء ممثلي الأحزاب العراقية برئيس الحكومة حيدر العبادي، ثم رئيس الجمهورية فؤاد معصوم في الأيام الماضية، في تكوين موقف موحد إزاء الاحتجاجات التي يشهدها جنوب العراق منذ منتصف يوليو الجاري، رغم سقوط 12 قتيلاً من المحتجين، واقتراب الحراك في أحيان كثيرة من مواقع استراتيجية، مثل معبر سفوان البري مع الكويت، ومطار النجف، وحقول النفط، وعجز السلطة التنفيذية عن تقديم تطمينات تهدئ التيار الناقم على فساد الأحزاب وضعف أداء الدولة.

وبينما تعترف أحزاب كبيرة بوجود فشل عميق متواصل لم تخففه محاولات الإصلاح الحكومي الجارية منذ عام 2016 ، في مجالات الأمن والإدارة والاقتصاد، وهو ما يجعل صبر الأهالي ينفد خلال موسم صيف قاس تتراجع فيه إمدادات الطاقة والمياه العذبة في بلاد ما بين النهرين، تحاول أجنحة سياسية أخرى مقربة من إيران خصوصاً تسويق معلومات ومزاعم بشأن تدخل من المحيط العربي، ودعم مالي لزعزعة استقرار العراق، ودخول فرق دينية سرية على الخط، وعناصر من حزب البعث المنحل، ما وصف بأنه اتجاه يحاول شيطنة التظاهرات بمستوى خطير، وتهيئة الرأي العام لاستخدام قوة مفرطة أكثر مما حصل خلال الأسبوع الماضي، لكبح جماح المعترضين الشيعة الذين فقدوا صبرهم حيال أداء الأحزاب الشيعية المهيمنة على السلطة.

وحسب مصادر رفيعة، فإن مقربين من رئيس الحكومة السابق نوري المالكي تحدثوا علناً، في اجتماع مع العبادي ومعصوم، عن وجود مصادر إقليمية عربية تبذل المال لتأجيج الشارع العراقي، وعن حركة لدى مجموعات دينية غامضة ومتطرفة لاختراق التظاهرات، بالتنسيق مع عناصر من حزب البعث المنحل، لإحداث فوضى عارمة قد تنتج حرباً داخلية، وتزعزع الاستقرار النسبي الذي يتحقق للمرة الأولى منذ سنوات، بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش.

وترى هذه المصادر أن الأجنحة المقربة من طهران والمتحالفة معها، تريد تخويف القوى السياسية، وخصوصاً تحالف الحكومة، من حركة الاحتجاج، بهدف تكوين رأي عام سياسي واجتماعي يتقبل ضربها بقوة.

واعتقلت السلطات مئات الناشطين، واستخدمت الغاز المسيل للدموع في عشرات المدن ذات الغالبية الشيعية، خصوصاً في البصرة والنجف وبغداد ذات الثقل السياسي والاقتصادي، لكن ذلك لم يفلح في وقف التظاهرات رغم تذبذب حدتها بين يوم وآخر منذ مطلع الأسبوع الماضي.

وبعد أن أعلنت مرجعية النجف العليا دعمها الواضح للمتظاهرين، عادت لتتعامل بحذر، وتتحاشى التطرق إلى الاحتجاجات بخطبة الجمعة الماضية، التي يلقيها في كربلاء عادة ممثل لمرجعية آية الله السيستاني، في موقف كشف نوعاً من الحذر حيال تطورات محتملة قد تطرأ على مسار الاحتجاجات، ونوع رد الفعل الحكومي تجاهها إذا تواصلت خلال ما تبقى من الصيف القاسي.

ويجد رئيس الحكومة حيدر العبادي نفسه لأول مرة منذ توليه منصبه عام 2014 في مواجهة نقد شعبي عارم لأدائه، وسط انشغاله بمفاوضات حاسمة لتشكيل الحكومة المقبلة.

لكن المراقبين يقولون إن التظاهرات من شأنها أن تضع قواعد جديدة لتشكيل الحكومة الائتلافية، تختلف إلى حد كبير عن الدورات البرلمانية السابقة، إذ ستضغط لتقليل نفوذ المصالح الحزبية في توزيع الوزارات، والإصرار على منح دور أكبر للخبراء والتكنوقراط المستقلين، دعماً لمحاولات الإصلاح الإداري والاقتصادي، وهو ما يمكن أن يستغله خصوصاً تحالف سائرون، الذي يضم مقتدى الصدر مع مجموعات علمانية وشيوعية، وقوى وطنية مقربة منها، مثل تيار رئيس الحكومة الأسبق أياد علاوي.

back to top