شوشرة: الجيران

نشر في 21-07-2018
آخر تحديث 21-07-2018 | 00:10
 د. مبارك العبدالهادي السماء ملبدة بالغيوم، والشارع الذي يقطنه العديد من الأسر في بيوت متجاورة أصبح يغلي كلما ارتطمت الأمواج ببعضها، فتظهر عاصفة فجأة تمطر فيها الأزمات وتشتد معها الخلافات والأقاويل والشائعات، فتزرع بذور الفتن والضرب من تحت الحزام والتشهير والأقاويل، وأصبح الشارع يستعد في كل يوم لمفاجأة جديدة بعد أن أصبح الجيران بينهم كل الصراعات واستخدام كل الأدوات والأغراض لتنفيذ المكائد بينهم، باستثناء ذلك الجار الذي يقف عادة على الحياد يترقب وينظر إلى هذه التفاهات ويستمع لكل الحكايات، فيتدخل لتهدئة الجميع، ولكن باءت كل المحاولات بالفشل أو الوعود، لأن هناك من يستأنس بهذه الخلافات، بل يدفع ويساهم ويبذر في كل الاتجاهات سموم التفرقة حتى يصبح الوضع في دوامة الصراعات.

الجيران اشتكوا شدة هذه الخلافات واستمرار الأزمات، خصوصا أن أسرهم لم تذق طعم الراحة والنوم، فالخوف حالهم وانتظار المجهول أصبح واقعهم، والغيوم تزداد في كل يوم ولا يعلمون ماذا يفعلون؟ لاسيما في ظل التدخل السافر من قبل مجهولين لا يمتون بصلة إلى هذا الشارع وأسره، ولا علاقة لهم بهم من قريب أو بعيد، إلا أنهم أتوا من شوارع ذات سلطة ونفوذ على الجميع، لأنهم يملكون ما يفوق الآخرين من قدرات "فرد الذراع" بالقوة، مما جعل الواقع مُراً على الجميع، فهناك من الجيران من اشترى هؤلاء الغرباء بالمال لكسب ودهم وصمتهم ودعمهم ضد أي جار لا يعجبهم، فأصبح الغريب الخبيث لاعباً مهماً بين الجيران ويكسب صداقة الجميع، لأنه امتاز باللعب تحت الطاولة رغم وضوح سياسته أمام الكل دون خوف، خصوصا أن هذا الغريب أهوج وتاريخه غير مشرف ووُلِد وترعرع في أسرة معروفة بكسب ود الآخرين بحرارة الأحضان في بيتهم العريق صاحب الممارسات اللاأخلاقية.

ورغم جهود أحد الجيران الكبيرة في حلحلة الخلافات ومساعيه إلى الوحدة، فإن هناك من اندس بينهم لـ"فكفكة" كل العلاقات وتدمير كل التوصيات وزرع بذور الفتنة والخلافات، ورغم عدم استقرار أوضاع باقي الجيران والتهاب سخونة الأجواء في الشوارع المجاورة، فهناك من يريدها حرباً من أجل مصالحه الضيقة والسيطرة والنفوذ على البعض، لأن الزعامة لا تزال مرضا مسيطرا على بعض العقول التي ليس لديها بُعد نظر للأمور، خصوصا بعد أن أضحى أصحابها فريسة سهلة للغرباء الذين استنزفوا موارد الجيران بكل سخاء ودون استحياء، والأمر صار بالفرض والقوة، فمن يدفع فسيكون تحت الوصاية، ومن يخالف فسيلقى حتفه، وسيكون تحت وطأة الجلد والضرب تحت الحزام والمؤمرات والدسائس وإثارة المشاكل الداخلية وزعزعة الأمور، لأن هناك من المندسين الذين ينفذون متطلبات الغرباء في أي لحظة.

آخر الكلام:

احذروا الخبثاء الذين يصطنعون الغباء.

back to top