تظلّ واعياً جزئياً تحت التخدير العام

نشر في 19-07-2018
آخر تحديث 19-07-2018 | 00:00
No Image Caption
تناولت دراسة جديدة السؤال: «هل نفقد الوعي بالكامل تحت التخدير العام أم أنه يستمر ولكن بحالة مختلفة؟». قد يفاجئ الجواب أطباء التخدير والمرضى على حد سواء.
يبدو الوعي أكثر ثباتاً مما نظن.
لا يتواصل الوعي في تجارب الاقتراب من الموت فحسب، بل تشير أيضاً دراسات أُجريت أخيراً إلى أنه يستمر بعد موتنا مدة تتراوح بين ثانيتين و20 ثانية.

واليوم، تُظهر دراسة جديدة أجراها أخيراً فريق أبحاث دولي أن التخدير العام ربما لا يكون عاماً بقدر ما نظن، وتكشف أن أجزاء من وعينا تظلّ «يقظة» خلال الجراحة.

تشارك في قيادة الفريق الدكتور هاري شينين، محاضر متخصص في علم الصيدلة والتخدير في جامعة توركو في فنلندا، وأنتي ريفونسوو، بروفسور في علم الأعصاب المعرفي في جامعة خوفدة في السويد وبروفسور في علم النفس في جامعة توركو. ونُشرت النتائج في مجلة Anesthesiology.

الدماغ تحت التخدير

وزّع الدكتور شينين وزملاؤه عشوائياً 47 متطوعاً سليماً على مجموعتين تلقت الأولى البروبوفول والثانية الديكسميديتوميدين.

أُعطي المتطوعون هذين الدواءين تدريجاً إلى أن كفوا عن التفاعل مع محيطهم، بالغين بالتالي «حالة مفترضة من فقدان الوعي».

في مرحلة ما من هذه العملية التدريجية، «حاول الباحثون إيقاظ المشاركين كي يستعيدوا تفاعلهم مع إبقاء مدهم بالدواء ثابتاً».

تحت التخدير، سمع المشاركون كلهم عبارات «متطابقة وغير متطابقة». انتهت العبارات المتطابقة كما هو متوقع، بخلاف العبارات غير المتطابقة. على سبيل المثال، تُعتبر عبارة «امتلأت سماء الليل بطماطم متلألة» غير متطابقة.

راقب الباحثون نشاط الدماغ، مستعينين بتخطيط كهربية الدماغ والتصوير بالانبعاث البوزيتروني على حد سواء.

يسجّل تخطيط كهربية الدماغ خلال اليقظة عادةً ارتفاعاً في نشاط الدماغ حين يسمع الإنسان نهاية عبارة غير متطابقة. لكن الباحثين اكتشفوا تطوراً لافتاً في الدماغ عندما يكون تحت التخدير العام.

معالجة الأصوات أثناء التخدير

توضح كاتيا فالي، باحثة شاركت في وضع تقرير الدراسة ومحاضِرة بارزة متخصصة في علم الأعصاب المعرفي في جامعة خوفدة: «عندما استخدمنا الديكسميديتوميدين، أدت حتى الكلمات المتوقعة إلى رد فعل بارز، ما يعني أن الدماغ كان يحاول تفسير معنى هذه الكلمات».

تضيف: «ولكن بعدما استفاق المشاركون من التخدير، لم يتذكروا الجمل التي سمعوها، ولم تختلف النتائج بين الدواءين».

علاوة على ذلك، تحقق الباحثون مما إذا كانت أدمغة المشاركين تعالج الأصوات الأخرى غير الكلمات. فأُسمع كل المشاركين مجموعة من الأصوات المزعجة خلال التخدير، ثم الأصوات عينها مرة أخرى بعد استعادتهم وعيهم.

أظهرت نتائج تخطيط كهربية الدماغ أن أدمغتهم تفاعلت بسرعة أكبر مع الأصوات المزعجة التي سمعوها خلال التخدير، مقارنةً بأصوات جديدة لم يسمعوها سابقاً، ما يشير إلى أن أدمغتهم ألفت هذه الأصوات.

«بكلمات أخرى، يستطيع الدماغ معالجة الأصوات والكلمات مع أن الإنسان قد لا يتذكر ذلك لاحقاً. إذاً، بخلاف الاعتقاد السائد، لا يفرض التخدير فقدان الوعي بالكامل، بما أنه يكتفي بفصل المريض عن بيئته»، وفق الدكتور شينين.

تعكس هذه الاكتشافات ما توصلت إليه دراسات سابقة. ويوضح الباحثون ما يجعل بروتوكول هذه الدراسة متيناً جداً.

يؤكدون أن اعتمادهم عملية حقن دواء ثابتة خلال حالتَي شبه اليقظة والتخدير الكامل على حد سواء سمح للعلماء بتمييز تأثيرات الدواءين من أي تأثيرات محتملة أخرى قد تكون مضللة. حتى اليوم، كان هذا يُعتبر معوقاً إزاء تكوين فهم دقيق لما إذا كان التخدير يسبب فقدان وعي كامل أو لا.

الدماغ أثناء التخدير العام يعالج الأصوات والكلمات مع أن الإنسان قد لا يتذكر ذلك لاحقاً
back to top