من أيرلندا إلى الخان الأحمر نهج المقاومة هو الذي ينجح

نشر في 15-07-2018
آخر تحديث 15-07-2018 | 00:09
لسنوات اعتقد بعض الناس أن التكيف مع إجراءات الاحتلال، واستبدال فتات "التحسن الاقتصادي" بالحرية، سيكون مجديا، وكانت النتيجة هي ما نراه من استيطان مستفحل، ووقاحة احتلالية، وتكريس لمنظومة أبارتهايد هي الأسوأ في تاريخ البشرية.
 مصطفى البرغوثي في أسبوع واحد تحقق للشعب الفلسطيني نجاحان بفضل الجمع بين نهجي المقاومة الشعبية والمقاطعة، وكلاهما عنصران أساسيان في الاستراتيجية التي نتبناها بديلا لما فشل من مراهنة على نهج التفاوض، والتعايش مع الاختلال في ميزان القوى.

ففي أيرلندا حققنا إنجازا عالميا غير مسبوق وقابل للتكرار، بإقرار مجلس الشيوخ الأيرلندي لقانون يحرم استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، ويعاقب من يقدم على ذلك بالسجن الفعلي لمدة لا تقل عن خمس سنوات.

وأمكن تحقيق ذلك بفضل التعاون بيننا وبين منظمات المجتمع المدني الأيرلندي، وأحزابه المناصرة لقضية فلسطين كحزب الشين فين والنواب المستقلين وعلى رأسهم السيناتور فرانسيس بلاك.

ورغم معارضة الحزب الحاكم في أيرلندا، والضغوط الهائلة التي مارسها نتنياهو شخصيا هو وحكومته، تم إقرار القانون بأغلبية حاسمة بعد معركة استمرت عامين، وحسمها في نهاية المطاف ما شاهده ممثلو حزب المعارضة الرئيسي فينافول على أرض الواقع من منظومة أبارتهايد عنصري، أثناء زيارتهم الاستقصائية للأراضي المحتلة، والتي قرروا بعدها التصويت لمصلحة قانون المقاطعة.

وفي الأسبوع نفسه حققت المقاومة الشعبية في الخان الأحمر، وبتضافر الجهود الكفاحية والقانونية والسياسية، وصمود الأهالي، صداً، وإن كان مؤقتا حتى الآن، لقرارات الهدم والترحيل، ولمؤامرة التطهير العرقي الاحتلالية على ذلك التجمع البدوي الباسل.

ووفر ذلك النجاح الوقت لمواصلة تصعيد المقاومة الشعبية، والضغوط العالمية لحماية الخان الأحمر، وما لا يقل عن ستة وأربعين تجمعا بدويا من مؤامرة التصفية الإسرائيلية الرامية إلى تطويق القدس بالكامل، وتشريع التطهير العرقي لما لا يقل عن اثنين وستين في المئة من أراضي الضفة الغربية.

النجاح في أيرلندا والمقاومة في الخان الأحمر يجمعهما فكر واحد، ونهج واحد، واستراتيجية واحدة، مضمونها أننا لن نغير واقعنا، ولن نصل إلى حقوقنا، ما لم نقاوم الاحتلال وإجراءاته، بالأسلوب الشعبي الذي أثبتت الحياة نجاحه، وما لم نغير ميزان القوى بيننا وبين الاحتلال.

وإذا كان هذا النهج يتجلى كذلك، في مسيرات العودة المتواصلة منذ مئة يوم، والمظاهرات الشعبية ضد ما يسمى "صفقة القرن"، وفي سفن كسر الحصار على غزة التي يستعد أسطولها هذا الأسبوع للإبحار مرة أخرى نحو قطاع غزة المحاصر، فما زلنا بحاجة لتبنيه، كنهج واستراتيجية على النطاق الوطني الفلسطيني العام في مواجهة مخاطر تجزئة الشعب الفلسطيني، وتصفية القضية الفلسطينية التي تمثلها "صفقة القرن"، وإجراءات حكومة إسرائيل المتتالية من اقتطاع لأموال ضرائبنا، واجتياح لكل ركن في وطننا، واعتقالات متصاعدة، وهي إجراءات تهدف إلى تكريس واقع "سلطة بلا سلطة" تحت الاحتلال الكامل، وبوظائف أمنية، دون أن تكون قادرة على حماية شعبها من بطش الاحتلال.

لسنوات اعتقد بعض الناس أن التكيف مع إجراءات الاحتلال، واستبدال فتات "التحسن الاقتصادي" بالحرية، سيكون مجديا، وكانت النتيجة هي ما نراه من استيطان مستفحل، ووقاحة احتلالية، وتكريس لمنظومة أبارتهايد هي الأسوأ في تاريخ البشرية.

من أيرلندا إلى الخان الأحمر... العبرة واضحة، نهج المقاومة هو الذي ينجح.

* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

back to top