ترامب سعيد بزيادة إنفاق «الناتو» ويبدأ زيارة صاخبة لبريطانيا

رفض استبعاد اعتراف واشنطن بضم القرم... وحذر من سيطرة الهجرة على أوروبا

نشر في 13-07-2018
آخر تحديث 13-07-2018 | 00:03
 ترامب وزوجته ميلانيا لدى وصولهما إلى لندن أمس (ا ف ب)
ترامب وزوجته ميلانيا لدى وصولهما إلى لندن أمس (ا ف ب)
لم يخف ترامب سعادته البالغة بتعهد دول حلف شمال الأطلسي «الناتو» زيادة الإنفاق الدفاعي "إلى مستويات غير مسبوقة"، معتبراً، بعد ورود تقارير عن تهديده بالانسحاب من «الناتو»، أن «الحلف أقوى بكثير الآن مقارنة بما كان عليه قبل يومين».
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، إحراز تقدم "هائل" في شأن الإنفاق العسكري لأعضاء حلف شمال الأطلسي "ناتو"، مؤكداً أن يومين من المحادثات الشاقة جعلا الحلف "أقوى بكثير".

وقال ترامب بعد اجتماع طارئ مع قادة الحلف الـ 29 على خلفية مطالبته بزيادة مساهمات الدول الأخرى العسكرية في الحلف فوراً، "أحرزنا تقدماً هائلاً، ووافق الجميع على زيادة مهمة لالتزاماتهم سيرفعونها الى مستويات لم يفكروا بها من قبل".

وتابع خلال مؤتمر صحافي: "أبلغتهم بأنني مستاء جداً مما يحصل وقاموا بزيادة كبيرة لالتزاماتهم والآن نحن سعداء جداً ولدينا حلف أطلسي قوي جداً جداً، أقوى مما كان عليه قبل يومين".

وأضاف: "لم تعامَل الولايات المتحدة بعدلٍ، لكننا اليوم نحصل على هذه المعاملة. أؤمن بالحلف الأطلسي". وأكد أن "التزام الولايات المتحدة بالحلف الأطلسي لا يزال قوياً"، مستطرداً أن ذلك "يعود بشكل رئيسي للأموال الإضافية التي تعهدت بها" الدول الأخرى.

تهديد بالانسحاب

وتأتي تصريحات ترامب بعدما أفاد مصدران مطلعان على المناقشات التي حصلت في القمة لـ"رويترز"، بأن الرئيس الأميركي أبلغ شركاءه في الحلف خلال اجتماع الأمس المغلق، أن على الحكومات أن تزيد الإنفاق إلى 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول يناير 2019 وإلا فستنسحب الولايات المتحدة من الحلف وستستقل بالقرار، لكنهما أضافا أنه لم يصل إلى حد التهديد في شكل مباشر بالانسحاب رسمياً من الحلف.

وأوضح المصدران، أن ترامب هاجم مجدداً شركاءه في الأطلسي فيما يتعلق بالإنفاق الدفاعي أمس، ما دفع الزعماء لعقد جلسة خاصة استبعدت المشاركين من غير الأعضاء. وطُلب من الزعماء المدعوين من دول غير أعضاء في الحلف مثل أفغانستان وجورجيا ومعظم المسؤولين المرافقين لزعماء الحلف، مغادرة القاعة ليتمكن رؤساء الدول والحكومات الأعضاء من التعامل مع الرجل الذي تتحكم بلاده في أغلب ميزانية وقوات الدفاع الأوروبي.

وفي لحظة معينة، وخلافاً للأعراف الدبلوماسية، أكد المصدر أن ترامب خاطب المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل باسمها الأول، وقال لها "أنت يا أنجيلا، يتعين عليك اتخاذ موقف في هذا الشأن".

وإلى جانب ميركل، خصّ ترامب بالذكر كذلك رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ورئيس وزراء بلجيكا شارل ميشال بسبب عدم تحقيقهما مستويات الإنفاق المستهدفة في حين يتحمل دافعو الضرائب الأميركيون الجزء الأكبر من تمويل الحلف.

وجدد أعضاء حلف شمال الأطلسي الأوروبيون الالتزام بزيادة مساهماتهم في الإنفاق العسكري لحلف شمال الأطلسي، بضغط من ترامب.

وينص اتفاق تم التوصل إليه في 2014 على أن تخصص الدول الأعضاء في الحلف 2 في المئة من إجمالي ناتجها الداخلي لنفقات الدفاع في الحلف بحلول عام 2024. وتم تجديد هذا الالتزام في البيان الذي وافقت عليه الخميس الدول الـ 29 الأعضاء.

لكن 15 دولة داخل الحلف لا تزال بعيدة عن تحقيق هذا الهدف، وبينها ألمانيا وكندا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا. وقال بعضها إنه غير قادر على تحقيق هذا الهدف في 2024، مما أثار غضب الرئيس الأميركي.

فرنسا

من ناحيته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن نظيره الأميركي لم يقل أبداً إنه يعتزم الانسحاب من "ناتو" في جلسات ثنائية أو متعددة الطرف في بروكسل.

وأشار إلى أن جميع الدول الأعضاء "تعهدوا زيادة إنفاقهم وفقاً لاتفاق تم التوصل إليه عام 2014"، وقال: "اتفقنا على استراتيجية موثوق فيها تتعلق بالموازنة تفي باحتياجاتنا، وإضافة إلى كل ذلك، إنها قمة خرجنا منها أكثر قوة لأن رئيس الولايات المتحدة أكد التزامه وأمله أن يكون لدينا "ناتو" قوي، وأنا أعتقد أن ذلك يعد أمراً جيداً".

ورداً على انتقادات ترامب لألمانيا، قال ماكرون، إن "فرنسا وألمانيا مصيرهما مرتبط، وألمانيا شريك ضروري لفرنسا".

ميركل

بدورها، وصفت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل مشاورات الأطلسي في شأن توزيع الأعباء بأنها "نقاش جدي جداً".

ولم تقل بوضوح إذا ما كان ترامب هدد خلال الجلسة الطارئة بالانسحاب من الحلف أم لا، قائلة: "يمكنني فقط تلخيص ما هي النتيجة: التزام واضح للجميع تجاه الناتو واستعداد واضح للجميع بالقيام بإسهام في ظل تغير الأوضاع الأمنية".

أضافت أن ترامب "دعا إلى ضرورة تغيير توزيع الأعباء، وأنا أوضحت نيابة عن نفسي، وأوضح الأخرون أيضاً، أننا على الطريق".

كما تعهدت المستشارة بزيادة أخرى لنفقات الدفاع بعد تعهداتها الأخيرة بالوصول إلى 1.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي حتى عام 2024.

ستولتنبرغ

أما الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، فقال، إن الرئيس الأميركي أوجد "ضرورة جديدة" للجهود التي يبذلها الحلفاء من أجل زيادة الإنفاق على الدفاع. أضاف: "هناك شعور جديد بالحاجة الملحة بسبب القيادة القوية للرئيس ترامب في شأن الإنفاق على الدفاع" ، مشيراً إلى أن الحلفاء الأوروبيين وكندا أضافوا 41 مليار دولار إلى الإنفاق على الدفاع منذ أن تولى ترامب منصبه بداية العام الماضي.

وأضاف أن "جميع الحلفاء التزموا برفع هذا المبلغ بشكل كبير. لذلك نحن نشهد تعزيزاً لم يحدث من قبل، مما يسمح للإنفاق الأميركي بالانخفاض". وتابع: "لقد توقعت مناقشات صريحة حول تقاسم الأعباء، وهذا هو بالضبط ما شهدناه"، مشيراً إلى أن القادة عقدوا "قمة جيدة جداً جعلت حلف الأطلسي أكثر قوة".

من ناحية أخرى، وقبل أيام على قمتهما، قال ترامب إن الاجتماع المقرر أن يعقده مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي ربما يكون أسهل اجتماع خلال زيارته لأوروبا.

ورداً على سؤال في المؤتمر الصحافي، عما إذا كان بوتين يشكل تهديداً، قال: "لا أريده أن يكون كذلك ولهذا لدينا حلف شمال الأطلسي". أضاف "إنه منافس، هل هو عدوي؟ إنه ليس عدوي، هل هو صديقي؟ لا، لا أعرفه جيداً، ولكن في المرتين اللتين قابلته فيهما انسجمنا تماماً".

أضاف: "لكن في النهاية هو منافس. إنه يمثل روسيا، ولأنا أمثّل الولايات المتحدة، وآمل أن يصبح صديقي يوماً ما، ولكنني لا أعلم".

وعندما سئل عن أفضل نتيجة ممكنة من اجتماعه مع بوتين أجاب: "ما الذي سيكون الأمثل؟ دعونا نرى. لا أسلحة نووية في العالم بعد اليوم، لا حروب بعد اليوم، لا مشاكل بعد اليوم، لا صراعات بعد اليوم، سيكون هذا هو الأمثل بالنسبة لي"، مشيراً إلى أنه سيثير خلال محادثاتهما قضايا الحد من الأسلحة وتمديد معاهدة "ستارت" الجديدة وانتهاكات روسيا لمعاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى.

أضاف: "سندخل الاجتماع من دون أن ننشد الكثير. نريد أن نعرف في شأن سورية. سنتحدث عن مسألة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، وهو سؤالكم المفضل. وسنتحدث عن أوكرانيا".

وأوضح إنه لا يستطيع أن يقول ما سيحدث لمنطقة القرم الأوكرانية، التي ضمتها روسيا عام 2014، لكنه رفض استبعاد اعتراف أميركا بالضم.

وألقى ترامب باللوم في مسألة القرم على سلفه باراك أوباما "الذي سمح بحدوث ذلك". وقال "لقد تم ذلك أثناء رئاسة باراك أوباما وليس أثناء رئاستي. هل كنت لأسمح أن يحدث ذلك؟ لا".

كما قال ترامب، إنه حذّر الدول الاعضاء في "الناتو"، ومن بينهم 22 دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي، لأخذ مسألة الهجرة على محمل الجد.

وأوضح: "أن الهجرة تعتبر من الأمور المهمة جداً وأخبرتهم بأن الاتحاد الأوروبي سيكون أكثر حذراً، لأن الهجرة تسيطر على أوروبا، ومن الأفضل لهم أن يكونوا شديدي الحذر".

موسكو

وفي موسكو، قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن هجمات ترامب على أنبوب "نورد ستريم 2" الذي سينقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا ترقى إلى "منافسة غير نزيهة"، مضيفاً أنها محاولة لإجبار الأوروبيين على شراء غاز بأسعار أغلى من مصادر أخرى.

وتابع أن تصريحات ترامب في معرض توبيخه لألمانيا في مستهل قمة الأطلسي، أمس الأول، يحتمل أن "تعقّد" المحادثات مع بوتين، رافضاً من ناحية أخرى وصف الرئيس الأميركي لألمانيا بأنها "أسيرة" روسيا بسبب اعتمادها عليها في الطاقة، قائلاً، إن موسكو وبرلين تعتمدان على بعضهما بعضاً بالقدر ذاته.

زيارة بريطانيا

على صعيد آخر، بدأ الرئيس الأميركي،أمس، زيارة رسمية هي الأولى له، لبريطانيا، التي وصفها بأنها "نقطة ساخنة" تشهد اضطرابات بسبب أزمة سياسية جراء قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.

وتستمر الزيارة أربعة أيام يمضي فيها عطلة نهاية الأسبوع في اسكتلندا، ويغادر الأحد إلى هلسنكي لإجراء محادثات في اليوم التالي مع بوتين.

وبعد قمة حلف الأطلسي، تأمل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التي استقبلت ترامب أمس، أن تعزز زيارته العلاقات الوثيقة بين البلدين وتساعد في إبرام اتفاق للتجارة الحرة في المستقبل.

وقالت ماي في بيان "لا يوجد تحالف أقوى من علاقتنا المميزة مع الولايات المتحدة ولن يكون هناك تحالف بهذا القدر من الأهمية في السنوات المقبلة".

ماكرون: الرئيس الأميركي لم يهدد بالانسحاب من «الناتو» وخرجنا من القمة أكثر قوة
back to top