دروس من أحكام دخول المجلس!

نشر في 10-07-2018
آخر تحديث 10-07-2018 | 00:10
 د. حسن عبدالله جوهر دون الدخول في التفاصيل أو الأجواء المحيطة بها، أو الموقف السياسي منها سلباً أو إيجاباً، فقد طويت صفحة قضية دخول المجلس لتفتح صفحات كثيرة يفترض الاستفادة منها في التعاطي مع دروس هذا الحدث الذي أشغل البلد بما فيه على مدى 8 سنوات، وكانت نتائجها الرئيسة التي لا يمكن أن يجادل حولها اثنان تمزق النسيج الوطني ووصوله إلى أضعف حالات الهشاشة والتآكل من الداخل، وتفشي حالة الفساد وبلوغه درجات غير مسبوقة تبدأ من أصغر عامل أو موظف في مختلف الإدارات الحكومية، وتنتهي بعلية القوم من كبار المسؤولين والمتنفذين، ولا يعلم سوى الله حجم ما تم هدره أو نهبه من الثروة الوطنية الجارية والأصول الثابتة ومدخراتها الاستراتيجية، وأخيراً تسيّد الحكومة التي لا تتمتع بالحد الأدنى من الكفاءة أو الرؤية في إدارة شؤون البلد وتحوّل معظم الشخصيات والتيارات بتاريخها وجلالة قدرها إما إلى أدوات صغيرة بيدها وإما إلى أبواق تستجدي المقسوم ولو بشق تمرة!

فالأحكام النهائية في قضية دخول المجلس تعلمنا كيف تتفاوت العقوبة على الجريمة ذاتها، فدخول المجلس في يقين القضاء اعتبر جريمة يستحق الحبس، ولكن الغالبية العظمى من المتهمين لم يسجنوا، اكتفاءً بالنواب.

الأحكام النهائية تعلمنا درساً في المبادئ، فمن طأطأ للحكومة وقدم لها التنازلات وأبرم صفقة الهدنة هو من داسته الحكومة بكل قسوة، ومن أنقذ الحكومة من استجواباتها وشارك في ضياع قضايا سحب الجناسي والمغردين والقوانين المصادرة للحريات وملفات المال العام انجرف مع تلك القضايا.

الأحكام القضائية رسالة إلى النواب الشباب ورفقاء الحراك الشعبي ليس لتدارس ما يمكن فعله لاحتواء نتائج هذه القضية، إنما للحذر من الوقوع في الفخ نفسه من حكومة تستدرجهم ولا حليف لها على الإطلاق.

الأحكام القضائية عبرة في أخلاق المواطنة، فالشماتة في الآخرين والفرح بما يصيبهم من أذى خصوصا من أفعال الحكومة يمثلان دوران القدر ولا يحصدان سوى المزيد من الجراح في شماتة مقابلة نراها اليوم من البعض أيضاً للخلل النفسي نفسه في منظومة الأخلاق الوطنية.

الأحكام القضائية تعلمنا درساً في العمل السياسي في بلد محروم من الأحزاب والتنظيمات العابرة للانتماءات الضيقة، فاستبدلت بالعمل الفردي أو الفئوي، وبات من السهولة احتواؤها بل الاستفراد بضربها تباعاً، ولذا يجب أن يقوم العمل السياسي على أسس وطنية جامعة للمصالح العامة ومانعة للاختراقات والأولويات الخاصة، حيث تم تفويت هذه الفرصة طويلاً.

الأحكام القضائية تبيّن أن طريق الإصلاح طويل ولا يعتمد على أفراد وشخصيات مهما كانت قدراتهم فقط، ولكن نحتاج إلى ثقافة الشجاعة السياسية وتربية في العمل الوطني وجيل يؤمن ويتفاعل من أجل الإصلاح.

الأحكام القضائية تعلمنا أن ضريبة المعارضة السياسية قد تكون كبيرة ولكن مكافأة الفساد أكبر، وهذا ما يستدعي أن تكون الإرادة الشعبية هي الأكبر حتى لا يتحكم فينا الفاسدون إذا تم السكوت عنهم ليتحولوا إلى أسياد ويعيشون الدور بأنهم يجب أن يتحكموا في عباد الله وفق مرئياتهم الخاصة.

الأحكام القضائية إذا أضيفت إلى الكثير من الأحكام الصادرة خلال السنوات العشر الأخيرة، وإذا نظرت في إطار موضوعي ومحايد نجد أن طرفها الأول واحد لم يتغير، ولكن ضحاياها تبدلوا، وهم من كل المكونات، لذا فإن مخرج العفو يجب أن يأتي عبر جبهة واحدة عريضة بدون سخافة استعراض العضلات أو التجارة السياسية أو دلع الصبيان، فما نحتاجه أن نتصرف كرجال، فهل من رجال لهذا الموقف؟!

back to top