تصعيد التوترات الجيوسياسية يضمن ارتفاع أسعار النفط الخام

أوضاع السوق بمجملها تضمن بقاءه قوياً خلال الأشهر المقبلة باعتبار الحاجة ومستجدات العرض

نشر في 10-07-2018
آخر تحديث 10-07-2018 | 00:02
No Image Caption
تشير توقعات «أوبك» قبل بروز أي تطور جديد على الساحة النفطية إلى ارتفاع الطلب على نفط هذه المنظمة خلال النصف الثاني من العام الحالي بمقدار 107 ملايين برميل يومياً، وهذا بشكل أو آخر يعني تحديد أقصى حجم حاجة للسوق لارتفاع الإنتاج من الدول المصدرة للنفط.
يرى بعض المحللين النفطيين أن زيادة الإنتاج النفطي من عدمه يعتمد في الأساس على المستجدات، ومن أهمها الجيوسياسية، ومنها الوضع في ليبيا، إذ انخفض إنتاج النفط الليبي مقترباً من المليون برميل يومياً خلال شهر مايو وبحدود 800 ألف برميل يومياً خلال شهر يونيو، ومع استمرار حالة عدم الاستقرار في ليبيا فإن الإنتاج لن يتجاوز 200 ألف برميل يومياً خلال شهر يوليو الجاري، مما يعني أن السوق بحاجة إلى المزيد من رفع الإنتاج مع الأخذ بعين الاعتبار أن السوق يحتاج بشكل قوي إلى نوعية النفط الليبي الخفيف جداً.

ويشير المحللون إلى أن إنتاج فنزويلا انخفض ليصل إلى 104 ملايين برميل يومياً، وباعتبار أن إنتاج فنزويلا ينخفض بمقدار 40 ألف برميل شهرياً، فإن ذلك يجعل إجمالي الخفض لديها خلال النصف الثاني من العام بمقدار 240 ألف برميل يومياً، ويضاف إلى ذلك توقعات بدء الحظر على مبيعات النفط الخام من إيران، إذ أعلنت كوريا أنها ستبدأ الإيقاف من شهر يوليو وسيظهر التأثير في الجملة في الربع الرابع من هذا العام، وقد يصل الخفض إلى نحو 500 - 700 ألف برميل يومياً.

تطورات الإنتاج

في مقابل ذلك، قررت دول أوبك رفع إجمالي الإنتاج بمقدار بنحو مليون برميل يومياً مع متابعة تطورات الإنتاج في السوق، وفي هذا السياق من المهم استذكار ومراجعة قدرات الدول حسب مصادر السوق وهي في الغالب لها ارتباط في الإنتاج الفعلي للدول الأعضاء في «أوبك».

والمطلع على قدرات الإنتاج يخلص إلى أن القدرات المتوفرة حالياً، حسب مصادر سوق النفط، ربما تتلخص في مليون برميل يومياً من السعودية، و300 ألف من الإمارات، و300 ألف من الكويت، و200 ألف من العراق، و300 ألف من روسيا، 100 ألف برميل يومياً من سلطنة عمان، 100 ألف برميل يومياً من قطر، 50 ألف برميل يومياً من الجزائر.

إنتاج إيران

وهنا لابد من الإشارة إلى أن الحديث لابد أن يتطرق إلى إنتاج المكثفات من إيران، وهو أمر من الصعوبة استبداله، إذ يرى بعض المحللين أن من الصعب جداً إيقاف صادرات النفط الخام من إيران بشكل متكامل.

وكانت طهران قد لوحت بوقف تصدير النفط كلياً عبر مضيق هرمز، تحت وطأة العقوبات الأميركية المنتظرة، في حين أكدت القيادة المركزية الأميركية أن بحريتها مستعدة لضمان حرية الملاحة وتدفق حركة التجارة عبر هذا المضيق الحيوي الذي تمر من خلاله نسبة كبيرة من النفط المصدر إلى الدول المستهلكة.

وبالنظر إلى أنها ليست المرة الأولى التي تمثل التهديدات الإيرانية تحدياً أمام حركة وحرية التجارة الدولية لنقل النفط، لكنها لم تنجح أبداً في إيقاف صادرات النفط الخام والمنتجات البترولية من الخليج العربي، خصوصاً أن العالم يعتمد على نحو 20 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات البترولية من دول الخليج، وأي إيقاف كامل لمرور النفط عبر مضيق هرمز ستكون له آثار كارثية على العالم والأسعار.

تقلبات وتذبذبات

واستطرد المحللون أن تلك التهديدات تبعث على القلق وتدعم مستويات أسعار النفط وأجور النقل والتأمين على النقل، وهي بلا شك قد تمثل أزمة كبيرة للأسعار والتقلبات والتذبذبات وعدم الاستقرار، مما قد يحد من الاستثمارات في قطاع النفط، وهذا أمر بطبيعة الحال لا يصب في مصلحة أحد وخصوصاً إيران، التي يعاني اقتصادها سواء على مستوى الغلاء والبطالة وتراجع العملة الإيرانية مع احتمالات كبيرة بوقوع الاقتصاد الإيراني بحالة من الركود بدءاً من عام 2019 وفق توقعات كثير من البيوت والبنوك التي تهتم بالشأن الاقتصادي.

الحرب التجارية

ويوضح المحللون أن الحرب التجارية عندما تتعلق بأقطاب التجارة الدولية، فإنها تمثل إجراءات حمائية يفرضها طرف على آخر وبالتالي قد تؤثر على الأسواق وحرية التجارة، ولما كانت مثل هذه الإجراءات هي بين دول كبرى في العالم، والمقصود هنا تنامي نذر هذه الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين ودول من الاتحاد الأوروبي وكندا، فإنها بالضروره ستؤثر على معدل نمو الاقتصاد العالمي وكذلك ستؤثر بالضرورة على معدل تنامي الطلب على النفط في العالم، ولا يُعتقد أن يكون لها تأثير آني لكن بلا شك لها آثار سلبية ستظهر خلال الفترة المقبلة.

وعلى العموم، فإن الظروف الحالية في أسواق النفط وسط توترات جيوسياسية وتناقص في المعروض، فإن تأثيرات الحرب التجارية ربما تكون محدودة وأطراف النزاع على علم بأن الكل سيكون خاسراً في هذه الحرب، لأنها ستؤدي إلى تأثر التبادل التجاري بين الدول المتنازعة سلباً كما يعني ارتفاع أسعار المواد الأولية مثل الألمنيوم وغيرها من أوجه النزاع علاوة على نقل المصانع إلى بلاد تضمن فيها حرية التجارة ورخص المواد الأولية وعدم ضغط التشريعات الحمائية، لكن التأثير المباشر على أسعار النفط يحدده مدى تأثر الطلب على النفط وميزان الطلب والعرض وذلك بعيداً عن مستجدات أخرى، كما يحدث حالياً إذ يطغى تأثير تناقص المعروض والتوترات السياسية على بقية المؤثرات.

ولكي تكتمل الصورة يجب أن نضيف أن أسواق النفط تعاني نقصاً كبيراً في الطاقة الإنتاجية غير المستغلة من النفط الخام، لذلك فإن هذا يزيد من مخاوف السوق حول أمن الإمدادات ويساعد في استمرار دعم الأسعار ويشجع المحافظ الاستثمارية والمضاربين في تعزيز مراكزهم التجارية وشراء العقود.

الأسعار ترتفع وسط شح في المعروض

ارتفعت أسعار النفط، أمس، مع تركيز المستثمرين على شح المعروض في السوق، بعد بيانات صدرت أواخر الأسبوع الماضي تظهر تراجع مخزونات الخام الأميركية إلى أدنى مستوياتها في أكثر من ثلاث سنوات.

وزاد خام القياس العالمي برنت 49 سنتا، أو 0.6 في المئة، إلى 77.60 دولارا للبرميل، وارتفع الخام الأميركي في العقود الآجلة 34 سنتا، أو 0.5 في المئة، إلى 74.14 دولارا للبرميل.

وأظهرت بيانات رسمية، أن مخزونات الخام في نقطة تسليم العقود الأميركية الآجلة في كاشينج بولاية أوكلاهوما انخفضت لأدنى مستوى في ثلاث سنوات ونصف السنة. ونشرت البيانات بعد يوم من موعدها المعتاد، بسبب عطلة عامة في الرابع من يوليو. وقال فيرندرا تشوهان، المحلل لدى «إنرجي أسبكتس» في سنغافورة، إن المستثمرين يركزون أيضا على مقدار الزيادة الذي ستسجله صادرات السعودية ودول خليجية أخرى.

وفي الشهر الماضي، اتفقت منظمة أوبك وبعض المنتجين من خارجها على زيادة محدودة في الإنتاج، لكبح صعود أسعار النفط، التي بلغت في الآونة الأخيرة أعلى مستوياتها في ثلاثة أعوام ونصف العام.

وستبدد زيادة الإمدادات أثر بعض تخفيضات الإنتاج التي طبقتها «أوبك» وغيرها من كبار المنتجين في مطلع 2017 لتضع نهاية لتخمة استمرت سنوات.

من جهة أخرى، صرح وزير النفط العراقي جبار اللعيبي، بأن بلاده حققت إيرادات مالية تجاوزت 40 مليار دولار من صادرات النفط الخام خلال النصف الأول من العام الحالي.

وقال اللعيبي، في بيان صحافي، إن مجموع الإيرادات المالية المتحققة من مبيعات النفط الخام العراقية خلال النصف الأول من العام الحالي بلغت أكثر من 40 مليارا و345 مليون دولار، مقارنة بعام 2017، حيث بلغت 27 مليارا و642 مليونا.

وأضاف أن ذلك سيسهم في التقليل من نسبة العجز الحاصل في الموازنة الاتحادية لهذا العام في البلاد.

back to top