الموافقة على وجود قوات النظام بجنوب سورية تعزيز لأهداف إيران

نشر في 07-07-2018
آخر تحديث 07-07-2018 | 00:00
No Image Caption
وفق بعض المصادر الميدانية تقوم إيران منذ ابريل بإعادة نشر ميليشياتها الشيعية الوكيلة في جنوب سورية، وخصوصا في السويداء ودرعا والقنيطرة. وكان الأردن قد أصدر تحذيرات من وجود قوات حليفة إيرانية بالقرب من حدوده، ولكن بدلاً من انسحاب هذه القوات، عمد العديد من مقاتليها إلى الاندماج مع قوات نظام الأسد.

هكذا أُدمِجت وحدات «حزب الله» مع «الفرقة الرابعة» من الجيش السوري و«الحرس الجمهوري»، في حين تم رصد مقاتلين من ميليشيات مثل «لواء الفاطميين» داخل «قوات النمر» تحت قيادة العميد السوري سهيل الحسن، وهم يرتدون حتى زيهم وشاراتهم.

وسواء اختبأوا داخل وحدات النظام أو انتشروا بشكلٍ منفصل، يبدو أن وكلاء إيران وشركاءها متورّطون في الهجوم الأخير على درعا. ومع تطور المعركة ضدّ درعا، ينبغي مراقبة قضيتين عن كثب. أولاً، هل تستطيع روسيا فعلأً ضمان رحيل القوات الإيرانية ووكلائها من جنوب سورية، وهي إحدى أكثر المناطق أهمية من الناحية الاستراتيجية في سورية كلها؟ ثانياً، على افتراض تمكُّن بشار الأسد من طرد المعارضة السورية من درعا، فهل تستطيع قواته منع وكلاء إيران من التسلل والسيطرة على الحدود؟

منذ دخل «حزب الله» الحرب في سورية في عام 2012، تم تصوير مقاتليه بزيّ مختلط بشكل متكرر، مما يصعّب تمييزهم عن الوحدات السورية. وبدءاً من عام 2013، شوهد بعض مقاتليه بزيّ تمويه رقمي حديث يصلح للغابات والصحاري، لكن معظمهم استخدم أنماطاً أخرى حتى وقت قريب.

بحلول منتصف عام 2013، كان بعض القوى الميدانية يرتدي أيضاً شرائط ملونة مختلفة للدلالة على أصله، وفقا لأشرطة الفيديو المنشورة على الإنترنت وتعليقات المقاتلين الشيعة العراقيين السابقين الذين انتشروا إلى جانب «حزب الله». ومع ذلك، كان بعض المقاتلين الشيعة العراقيين وأعضاء «حزب الله» يرتدون بانتظام أشرطة باللون نفسه الذي يرتديه نظراؤهم في الجيش السوري.

وفي حالات أخرى، شوهد مقاتلون عراقيون فضلاً عن قوات «حزب الله» وهم يرتدون زياً تمويهيا يشبه نمط الغابات «M81» الذي كانت تعتمده الولايات المتحدة في حقبة الثمانينيات، وهو طراز تبناه أيضاً «الحرس الجمهوري» وبعض وحدات الجيش السوري.

وشوهدت ميليشيا شيعية أخرى، على غرار لواء «أبوالفضل العباس» ومركزها دمشق، مرتديةً الزي نفسه المعتمد من «حزب الله»، بما فيه التمويه الرقمي الحديث.

نكث الوعود

بالإضافة إلى صعوبة التمييز بين الوكلاء الإيرانيين وقوات النظام السوري، فإن عدم تمكن روسيا عموماً أو عدم استعدادها للوفاء بوعودها في سورية يبرر الشكوك التي تحوم حول ضماناتها الأمنية الأخيرة في الجنوب. فعندما استخدم الأسد الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين عام 2013 وكانت الولايات المتحدة تستعد لشنّ ضربات عسكرية انتقامية، ساعد بوتين في إقناع واشنطن بالامتناع عن القيام بخطوة من هذا النوع عبر ضمانه قيام النظام بتسليم ترسانته الكيماوية، لكنّ الأسد احتفظ ببعض من الترسانة تلك، واستخدمها مراراً وتكراراً ضد المدنيين في فتراتٍ مختلفة.

والأكثر من ذلك هو أنّه في وقت سابق من هذا الشهر جوبهت القوات الروسية بالرفض عندما رافقت «الفرقة الحادية عشر» للجيش السوري لإخراج قوات «حزب الله» من مواقعها في بلدة القصير الحدودية. وكانت الخطة - التي لم تُنسّق مع إيران أو «حزب الله»- تقضي بالاستيلاء على معبر جوسيه الحدودي مع لبنان، ثم الاقتراب من منطقة القلمون السورية. لكن قوات «حزب الله» رفضت ترك مواقعها. وبدلاً من ذلك، استدار الجنود الروس والسوريون وغادروا بعد حوالي أقل من أربع وعشرين ساعة من وصولهم، وسرعان ما عزّز «حزب الله» وجوده في القصير. وتُظهر هذه الحادثة الصغيرة - التي ربما كانت محاولة روسية لاختبار ردّة فعل إيران - أنّ موسكو قد لا تكون قادرة على زحزحة وكلاء إيران بعد ترسّخهم في جنوب سورية (أو على الأقل، غير راغبة في ممارسة ضغوط عسكرية كافية لإجبارهم على ذلك).

وجود النظام يعني سيطرة إيران

في الوقت الراهن، يبدو أنّ إسرائيل والأردن على استعداد للسماح بوجود الجيش السوري في الجنوب. وعلى الرغم من أنه ليس سراً أن وكلاء إيران يندمجون مع قوات النظام، إلاّ أنه لا يبدو أن ذلك يزعج البلدين المجاورين طالما أن جميع هؤلاء الوكلاء يفصلون أنفسهم عن الجيش وينسحبون بعد هجوم درعا.

ومع ذلك، لا يبدو أنّ الضامنين المفترضين لهذا الانسحاب قادرون على ضمانه فعلاً، فقد أظهرت روسيا أنها لا تستطيع إبعاد وكلاء إيران المتواجدين على ساحات القتال. وحتى لو انسحب كل من «حزب الله» والميليشيات الأخرى على بُعد بضعة كيلومترات من الحدود، فإن ذلك لن يبدد المخاوف الأوسع بشأن خطة إيران الاستراتيجية البعيدة المدى في سورية، فقد انسحبت القوات الإيرانية وأعيد نشرها لعدّة مرات في أماكن كثيرة في سورية، كما أنّ أي تحرك تقوم به إيران لإرضاء روسيا لن يكون إلا مؤقتاً من دون شك.

أما بالنسبة إلى الفكرة القائلة بأنّ الأسد سيعمل على إخراج إيران بعد تحقيقه النصر، فإن عودة قواته إلى الجنوب تعني العكس من ذلك تماماً. ففي خطوة هامة نحو تحقيق أهداف طهران الطويلة المدى، سيكون وجود القوات السورية بمثابة نقطة وصل لقوات «حزب الله» وميليشيات أخرى لتعيد انتشارها بطمأنينة في الجنوب في أي وقت يحلو لها، من دون الاضطرار الى التعامل مع جيوب المعارضة.

الوثوق بالروس

وبالتالي، لتجنب التصعيد في جنوب سورية، ينبغي عدم السماح لقوات الأسد بإعادة احتلال المنطقة بعد معركة درعا، ولا ينبغي الوثوق بالقوات الروسية للعمل كضامن للانسحاب الإيراني. والطريقة الوحيدة المضمونة لإبقاء إيران خارج المناطق الجنوبية وبعيدة عن الجولان والأردن ستكون من خلال إقامة منطقة فاصلة خاضعة لطرفٍ ثالث على طول الحدود الجنوبية لسورية. وبالطبع سيشكّل وضع معالم هذه القوة تحدياً كبيراً، نظراً لأن إدارة ترامب تعارض بقاء القوات الأميركية في سورية، وبسبب فشل بعثات حفظ السلام الدولية السابقة التي كانت تهدف إلى تقييد «حزب الله» في أماكن أخرى (على سبيل المثال، قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان). ومع ذلك، فإن الخط الذي يميّز القوات الإيرانية والسورية بات أقل وضوحاً كلّ يوم، وباتت هناك حاجة ملحة لمتابعة مثل هذه البدائل.

*حنين غدار وفيليب سميث

سواء اختبأوا داخل وحدات النظام أو انتشروا بشكلٍ منفصل يبدو أن وكلاء إيران وشركاءها متورّطون في الهجوم الأخير على درعا
back to top