إن تستجوب سبعين مرة!

نشر في 29-06-2018
آخر تحديث 29-06-2018 | 00:10
يذكرنا الاستجواب الجديد بقوله تعالى: "إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم"، بمعنى استحالة الشيء وانعدام تأثير الاستجوابات خصوصا في المجلس الحالي، وتحديداً لرئيس الحكومة الذي منح الحصانة النيابية بشكل معلن وصريح من كتلة المعارضة السابقة من جهة، أو "للخلف در" الذي شهدناه من نواب الحراك الشبابي.
 د. حسن عبدالله جوهر استجواب آخر يقدم إلى سمو رئيس مجلس الوزراء منذ بداية الفصل التشريعي الحالي في دلالة يفترض أنها مؤشر على خلافات حكومية-نيابية حادة قد تفضي إلى طلاق سياسي بين السلطتين عاجلاً أم آجلاً.

من حيث التوقيت يذكرنا الاستجواب الجديد بما يعرف بالوقت بدل الضائع المحتسب في نهاية مباريات كرة القدم لتعويض الهدر الزمني الذي قد يلجأ إليه الفريق المتقدم بالنتيجة، وعادة ما يشكل الوقت المحتسب الإضافي فارقاً، وقد يقلب النتائج رأساً على عقب، كما هي الحال في المونديال الجاري حالياً في روسيا، ولكن لا يبدو أن استجواب الوقت بدل الضائع قد يغير من الواقع السياسي شيئاً، ومن المرجح أن يكون مصيره بعد أن يناقش بعد عدة شهور كسابقاته، حيث لم يرتق أي استجواب لرئيس الوزراء إلى طلب عدم التعاون كما جرت المناقشة في جلسة سرية لا تقدم أو تؤخر على مستوى الرأي العام الشعبي.

يذكرنا الاستجواب الجديد بقوله تعالى: "إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم"، بمعنى استحالة الشيء وانعدام تأثير الاستجوابات خصوصا في المجلس الحالي، وتحديداً لرئيس الحكومة الذي منح الحصانة النيابية بشكل معلن وصريح من كتلة المعارضة السابقة من جهة، والريوس (أو للخلف در) الذي شهدناه من نواب الحراك الشبابي السابقين أيضاً مع استمرار الموقف الوفي للنواب الحكوميين، الذي يؤكده ما رشح من تصريحات نيابية عن حنفية "المساعدات المالية" الحكومية، وبقاء أبواب الواسطة مفتوحة في مجال التعيينات والترقيات والعلاج بالخارج وبقية أنواع المعاملات والخدمات الخاصة.

وفي مقابل ذلك تحولت الاستجوابات إلى أداة فردية يلجأ إليها النواب إما لإحراج بقية زملائهم في المجلس أو الاكتفاء بإزعاج الحكومة سياسياً، أو حتى لصرف الأنظار عن مواقفهم السابقة التي كشفت ازدواجية المعايير في البعد الرقابي والاصطفاف القبلي أو العرقي في الاستجوابات السابقة خصوصا وزيري النفط والشؤون.

الأهم من ذلك كله أننا وبعد أكثر من نصف قرن من العمل الدستوري لم ننضج سaياسياً، وما زلنا نفتقر إلى معايير وضوابط وقواعد اللعبة السياسية، ولذا فقد تحول العمل البرلماني بشكل عام إلى مجرد اجتهادات شخصية إذا أحسنا الظن في هذا المقام، أو ترجمة عملية للواقع المر القائم على مصالح فردية وفئوية، وهو المنبر الذي تتعارك عليه الأحزاب والتيارات والقبائل والطوائف والعوائل بدلاً من توحيد صفوفهم في مواجهة السلطة التنفيذية في حالة عدم الالتزام بواجباتها الدستورية.

بالله عليكم كيف نفسر أن يهدد بعض النواب الوزراء ويستعرضوا طولاً وعرضاً بهم بالتهديد والوعيد ثم نجدهم في الصف الأول المدافع عن الحكومة في الاستجوابات؟ وبالله عليكم أين نصرف توقيع 20 نائباً على رفض الحساب الختامي للدولة، ولا نجد ربعهم في استجوابات موجهة لرئيس الحكومة في تجاوزات مالية كبرى وعدم التزامها بتعهداتها المتكررة لمعالجة هذا الخلل؟ طبعاً الجواب دائماً أنهم "يشوفون شيء ما يشوفه" كل الشعب الكويتي، ولذلك إن تستجوب سبعين مرة فلن تجد من يؤيد هذا الاستجواب إلا ما ندر!

back to top