الكويت تسعى لإدراج مواقع مثل «فيلكا» و«بوبيان» و«الأبراج» في قائمة التراث العالمي

نشر في 23-06-2018 | 15:27
آخر تحديث 23-06-2018 | 15:27
جابر القلاف
جابر القلاف
يبذل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب جهوداً حثيثة لترشيح العديد من المواقع والمعالم في دولة الكويت التي تحمل قيمة عالمية استثنائية ليتم إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» والتي تحصل على اهتمام من المجتمع الدولي للتأكد من الحفاظ عليها للأجيال القادمة.

ويرى فريق التراث العالمي لاتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لسنة 1972 في المجلس أن جزيرة فيلكا وأبراج الكويت والمشهد الثقافي لمنظومة إدارة المياه للقرن العشرين وجزيرة بوبيان هي المواقع الكويتية الأنسب والأبرز للترشيح لما لها من قيمة عالمية وتاريخ لا يقل أهمية عن المواقع المدرجة على «يونسكو».

كما يرى أهمية المواقع الأثرية في الصبية والتراث الحديث لمدينة الكويت ومدينة الأحمدي النفطية التي تتطلب تضافر جهود مؤسسات الدولة وتوحيد الرؤى لترشيحها.

وقال القائم على هذا البرنامج وأحد ممثلي وفد دولة الكويت في لجنة التراث العالمي في «يونسكو» المهندس جابر القلاف لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم السبت إنه يعمل وزميلته المهندسة زهراء علي بابا على ترشيح تلك المواقع.

وبين القلاف أنه في بادىء الأمر كان تسليط الضوء على إدراج موقع سعد وسعيد في جزيرة فيلكا في القائمة التمهيدية في سنة 2013 لكن فريق التراث العالمي يرى أن القيمة العالمية الاستثنائية لا تتمثل في موقع سعد وسعيد بل في جزيرة فيلكا كاملة كمشهد حضاري ثقافي لما تحمله من ثراء وتنوع في مكونات المنظر الثقافي والطبيعي.

وذكر أن الجزيرة تحتوي على مجموعة من المواقع الأثرية ومكونات تراثية بشقيها المادي وغير المادي تعبر عن وجود مستوطنات بشرية مستمرة عبر التاريخ وصولاً إلى العصر الحديث وحتى سنة 1990 وهذا ما تم تأكيده من خبراء المنظمات العالمية في مركز التراث العالمي في «يونسكو» والمجلس الدولي للمعالم والمواقع «ايكوموس» وهي الهيئة الاستشارية للجنة التراث العالمي في «يونسكو».

وقال إن تلك الهيئة تولت التقييم التمهيدي لموقع جزيرة فيلكا في شهر فبراير 2018 حيث رأى خبراء الهيئة أنه يجب النظر إلى جزيرة فيلكا بشكل متكامل ومترابط وليس كمواقع أثرية متفرقة.

وأضاف أن تلك المساعي تعتبر أولية للحفاظ على جزيرة فيلكا كتراث مستمر مما يستدعي توحيد الرؤية من خلال مشروع تطوير جزيرة فيلكا وتبني نموذج تنموي مبتكر يكون مركزه الإنسان بالدرجة الأولى عوضاً عن النماذج التقليدية للتطوير حتى يتسنى للدولة المساهمة تحقيق التنمية المستدامة.

وذكر القلاف أن وجود الثراء التاريخي الفريد في جزيرة فيلكا يمكنها من أن تكون وجهة إقليمية مميزة وتجربة فريدة من نوعها.

تطوير

وبين أن إدراج المواقع على قائمة التراث العالمي لا يمنع الدولة الطرف من مشاريع التطوير والتنمية لكن يجب أن تكون تلك المشاريع منسجمة مع توجه الحفاظ على التراث وأجندة 2030 للتنمية المستدامة وبناء على ذلك أقرت لجنة التراث العالمي وثيقة سياسة التنمية المستدامة بغرض تكامل منظور التنمية المستدامة مع اتفاقية التراث العالمي.

وأشار إلى أن التنمية لا تقتصر على المحور الاقتصادي فقط بل هي تشمل عدة محاور تتكامل فيما بينها بشكل متوازن ومنسجم لتحقيق رفاه الإنسان بالمقام الأول.

ولفت إلى موقع أبراج الكويت والمشهد الثقافي لمنظومة إدارة المياه للقرن العشرين «أبراج المياه» إذ إن أول خمس مجموعات من أبراج المياه والموزعة في بيان والصديق والعديلية وصبحان والأحمدي حازت جائزة «أغا خان» للعمارة عام 1980 ويسعى المجلس لإدارجها على قائمة التراث العالمي كتراث حديث.

وقال القلاف إن هذا النصب المعماري والهندسي يجسد عبقرية الإنسان الخلاقة المتمثلة في التصميم والرمزية التي تعبر عن هوية أمة احتضنت الحداثة والتحول الحضري ويعبر عن التقاء بين التصويرات المنبثقة من الثقافة العربية الإسلامية واحتياجات البنى التحتية المحلية.

وذكر أن الموقع يختزل الهوية الوطنية في ذاكرة المجتمع المحلي والعالمي إذ كانت كل الجهود متضافرة لبناء مستقبل واعد والريادة في الحداثة على مستوى المنطقة كما يرمز الموقع إلى فترة من التاريخ الحديث للكويت كان الاستثمار في المستقبل في أوج مراحله خلقت خلالها الكويت بيئة تساعد على نمو الإبداع وتبني أفكار خلاقة تدفع بالمجتمع نحو غد واعد اعتمادا على قدرة الأفراد والمجموعات على تقبل الانفتاح لأفكار جديدة.

وأوضح أن التراث الحديث هو الممتد ما بين عام 1920 حتى أواخر 1980 تقريبا ومن أبرز معالم التراث الحديث المدرجة على قائمة التراث العالمي مبنى «سيدني أوبرا» في أستراليا مؤكداً أن الكويت غنية بهذا النوع من التراث خصوصا في مدينة الكويت.

المدينة القديمة

وبين أن الكويت فقدت المدينة القديمة التي دمر نسيجها تماماً والمجلس الوطني الآن أمام فترة مفصلية لابد أن يستثمرها لزيادة الوعي بأهمية التراث الحديث وما يرمز له من الفترة الذهبية من حياة المجتمع الكويتي والحرص على إنتاج تشريعات وأدوات قانونية تحمي وتوثق وتصنف هذا التراث.

وأكد القلاف ضرورة العمل على إدراج جميع المراحل التاريخية والحديثة لمسيرة دولة الكويت في القائمة التمهيدية الخاصة بالبلاد لمواقع التراث العالمي في «يونسكو» من خلال تقديم مواقع تمثل مختلف التصنيفات المعترف بها من مركز التراث العالمي.

وأوضح أن تصنيف العمارة والتراث العالمي للقرن العشرين يعتبر أحد التصنيفات التي ما زالت غير ممثلة بشكل كاف من خلال المواقع التي يتم تقديمها للجنة التراث العالمي وبالأخص من قبل دول الخليج العربي.

ولفت في هذا الشأن إلى ريادة الكويت في مجال التمدن على مستوى المنطقة إذ انطلقت التغيرات بعد اكتشاف النفط وتحول المجتمع الكويتي وفق مفتهيم الحداثة في ذلك العصر «لذا فإننا نرغب في عمل اللازم لتأكيد أهمية هذة الحقبة لذاكرة العالم».

وبين القلاف أن إدراج تلك المواقع على قائمة التراث العالمي يتطلب عدة أمور يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار منها أن تكون للموقع صفة عالمية ويتطلب ذلك الأمر القيام بالتحليل والتقييم ودراسات وبحوث للوصول إلى استنتاج مؤكد.

وأضاف أن من ضمن الأمور مراعاة المنظر البصري للموقع حيث يجب أن تكون هناك مساحة معقولة حول المعلم بحيث لا تكون المباني العالية أو الملاصقة حاجزاً أو عائقاً أمام جمال وجودة المشهد.

وأشار إلى سياسة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في المحافظة على التراث والآثار في البلاد وسعيه جاهداً لتطبيق هذه السياسة ومحاولته المحافظة على ما تبقى من تراث البلاد بعد أن اختفت وأزيلت عدة معالم أثرية وتراثية بسبب التطور العمراني والحضاري.

وأكد القلاف أن المجلس الوطني للثقافة لا يقف ضد التطوير العمراني بل يدعو إلى تبني منهج متكامل ومتوازن للتطوير والذي يراعي الجانب الثقافي والإنساني للمجتمع إذ إن أساس التنمية والتحول الاستراتيجي للدول هو الثقافة.

وقال إن الثقافة وتراث البلاد جزء لا يتجزأ من تاريخ البلاد ولهما علاقة مباشرة بالتنمية وسياسة الدولة والعديد من الأمور المهمة إذا لم يكن جميعها وإنها عملية ديناميكية لا تسعى للحفاظ على الماضي فقط بل تتفاعل مع تحديات الحاضر وتطلعات المستقبل.

وتعتبر اتفاقية التراث العالمي فريدة من نوعها لأنها تدمج مفاهيم حماية الطبيعة والحفاظ على المواقع الثقافية في وثيقة واحدة وتشدد الاتفاقية على دور المجتمعات المحلية.

كما تعتبر أداة فعالة لمعالجة وسائل تغير المناخ والتوسع العمراني السريع والسياحة الجماهيرية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة والكوارث الطبيعية وغير ذلك من التحديات المعاصرة.

وتستضيف البحرين اجتماع لجنة التراث العالمي الـ 42 التابعة لمنظمة «يونسكو» وهذا الاجتماع يعتبر الحدث الأهم لمنظمة «يونسكو» بعد اجتماع الجمعية العمومية ومن المزمع عقده غداً ويستمر حتى الرابع من يوليو المقبل.

back to top