The Seagull من مسرحية إلى فيلم ناجح

نشر في 20-06-2018
آخر تحديث 20-06-2018 | 00:00
كوري ستول وسيرشا رونان
كوري ستول وسيرشا رونان
عندما بدأ عرض مسرحية أنطون تشيخوف الأولى The Seagull على المسرح عام 1896، هزت نزعته الطبيعية الثورية المشاهدين والنقاد. واعتُبرت كارثة إلى أن أخرج قسطنطين ستانيسلافسكي نسخته الخاصة منها ومثّل فيها بعد سنتين. وما زال عمل تشيخوف هذا حياً حتى اليوم. وبمساعدة كاتب السيناريو والمسرحيات ستيفن كرم، قدّم المخرج مايكل ماير عملاً جديداً مستوحى منها على الشاشة الفضية، عارضاً تلك القصة عن التفاعلات العائلية المعقدة، والابتكار، والأسى بحميمية غير مسبوقة.
في الريف خارج موسكو، تتجمع العائلة في منزل كبير محاط بالغابات. يستدعي سورين المريض (بريان دنيهي) أخته الممثلة المشهورة إيرينا (آنيت بنينغ) لتكون قربه في أيامه الأخيرة. فتحضر مع حبيبها الأصغر منها سناً بكثير، الكاتب بوريس (كوري ستول). ولما كانت حالة سورين تبدو في تحسّن مستمر، فتقرر إيرينا البقاء في الريف خلال الصيف. يحاول ابنها المعذب عاطفياً كونستانتين (بيلي هويل)، الذي يغار بشدة من نجاح بوريس، لفت انتباه والدته عبثاً. فيروح يضرب على البيانو بقوة ويقدّم مسرحيات معقدة من تأليفه في الغابة من بطولة محبوبته وجارته نينا (سيرشا رونان).

يغوص هذا الرباعي بيأس في بحر من الغيرة، والعاطفة، والخيانة مع انجذاب بوريس ونينا أحدهما إلى آخر. تسعى إيرينا المتكبرة، واليائسة، واللعوب إلى الاستحواذ على اهتمام بوريس معتمدةً على ملابسها، ومغازلتها، وسيطرتها الواضحة، في حين يزداد سلوك بوريس عنفاً، فيصطاد نورساً ويضعه عند قدمَي نينا، معلناً أنه النورس.

تدور حول هذه الشخصياتِ الأربع مجموعة من الأقارب والأصدقاء الذين يخففون من حدة هذه الدراما أو يعززونها. على سبيل المثال، ماشا (إليزابيث موث) ابنة مديرَي المزرعة القوطية المضحكة التي تسعى وراء كونستانتين، رافضةً أي اهتمام من أستاذ المدرسة ميدفنكو (مايكل زيغن). يريد الجميع أمراً لا يحصلون عليه: الإلهام، والنجاح، والشهرة، والحب، والإعجاب.

أنوار عملية

بالتعاون مع المصور السينمائي ماثيو ج. لويد، يضفي ماير على هذه القصة إحساساً بإلحاح ملموس. يُضاء هذا بالكامل تقريباً بأنوار عملية، مثل نار الموقد أو الشموع أو نور الشمس المتراقص على البشرة. كذلك تُستخدم في كل مشهد كاميرا محمولة يدوياً تتحرك باستمرار وتقدّم لنا صوّراً عن كثب لكل ممثل. قلما نرى في هذا العمل لقطات واسعة، ما يجعلنا نشعر بأننا مقربون جداً من كل شخصية. ويبدو هذا القرب أحياناً طاغياً، ما ينقل إلينا المشاعر القوية في هذه الرواية. في المشهد الذي ينقل فيه بوريس نينا بالقارب عبر البحيرة، ينظر مباشرةً إلى الكاميرا، محطماً الجدار الذي يفصله عن المشاهد. فيتأرجح إلى الأمام والخلف وهو يجذف. فتكون هذه الحميمية كافية لتجعل أي شخص ينجذب إليه أو يختبر على الأقل المشاعر التي تعتمل في قلب نينا فيما تقع في حبه.

يعود الفيلم إلى الماضي ويكرر نفسه، متلاعباً بإحساسنا بالزمن. وتشكّل هذه طريقة فاعلة لتحديد ما تبدل وما ظل على حاله، فالثابت في هذا العمل هو المساحة بطقوسها والتفاعلات داخلها. أما المتبدل فهو الناس. وتترتب على شؤون القلب التي تبدو عابرة وتافهة عواقب مدمرة. قد يبدو بوريس رجلاً عميقاً، إلا أنه يفتقر إلى الصدق، وتكون لنقص الجرأة هذا تداعيات مأساوية.

نور الحياة وظلمتها

في نسخته من The Seagull، يجمع ماير فريق تمثيل مذهلاً ويحافظ على الجذور التاريخية. لكن الأهم أنه يكرّم خصوصاً نزعة تشيخوف الطبيعية المميزة التي شكلت تطوراً كبيراً في عالم المسرح. فيبدو أنها تعكس ماهية الإنسانية الحقيقية في كل روح في هذه القصة، ما يُبرز نور الحياة وظلمتها الفعلية في آن.

back to top