الحرب التجارية... لعبة الشطرنج بين واشنطن وبكين

ترامب يشعل الفتيل والصين ترد... والعالم يتخوف من حرب أشد انتقامية

نشر في 19-06-2018
آخر تحديث 19-06-2018 | 00:04
No Image Caption
كما لعبة الشطرنج، يتوقع المحللون خطوة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة قريباً على السلع الصينية، والتي قد تشمل الإلكترونيات، مما يشكل ضربة قوية للاقتصاد الصيني، وقد يدفع الأخيرة لإجراءات أشد انتقامية.
بدأت بالفعل الحرب التجارية العالمية، التي كثيرا ما تخوفت منها الدول، وتستمر تبعاتها ما بين أكبر اقتصادين في العالم الولايات المتحدة والصين.

وتعرف الحرب التجارية بأنها نزاع اقتصادي ناتج عن إجراءات حمائية مبالغ فيها، حيث ترفع فيها الدول أو تنشئ تعريفات جمركية أو غيرها من الحواجز التجارية ضد بعضها البعض، استجابة للحواجز التجارية التي أنشأها الطرف الآخر أو بداعي حماية منتجاته الوطنية.

وبدأت سلسلة هذه الإجراءات بتوقيع سيد البيت الأبيض في يناير الماضي على تعرفة جمركية تستهدف واردات الولايات المتحدة من ألواح الطاقة الشمسية بنسبة 30 في المئة.

وتبع ذلك في مارس الماضي فرض ما عرف بتعرفة الصلب والألمنيوم بنسبة 25 في المئة على التوالي، مع استثناء مدة شهرين لكل من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك.

وفي نهاية مارس الماضي، تمكنت كوريا الجنوبية، إضافة إلى أستراليا والبرازيل والأرجنتين من الحصول على عفو دائم من تعرفة الصلب والألمنيوم الأميركية.

وفي بداية يونيو الحالي، فرضت واشنطن هذه التعرفة بشكل رسمي، ما أثار حفيظة الدول المصدرة، خصوصا الجارة لواشنطن ككندا والمكسيك.

وفي خطوة انتقامية بدأت الدول العظمى فرض رسوم جمركية على وارداتها من الولايات المتحدة، كان آخرها فرض الصين تعرفة جمركية بنسبة 25 في المئة على واردات بضائع أميركية بقيمة 50 مليار دولار تشمل أكثر من 500 منتج مثل حبوب الصويا والذرة واللحوم، إضافة إلى السيارات، مع التلويح بإضافة كل من الفحم والنفط الخام والمعدات الطبية الأميركية في تاريخ لاحق.

وقالت الوزارة الصينية إن الرسوم الجمركية ستكون على بضائع أميركية، قيمتها 34 مليار دولار تشمل منتجات زراعية، مثل فول الصويا، وسيبدأ سَرَيانُها من السادس من يوليو المقبل.

كما ستطبق الرسوم أيضاً على واردات السيارات والمأكولات البحرية.

ووفقاً لوزارة التجارة الصينية فإن موعد سريان الرسوم الجمركية على بقية البضائع الأميركية، التي تبلغ قيمتها 16 مليار دولار، سيعلن في وقت لاحق، وتشمل تلك الواردات النفط الخام الأميركي، والغاز الطبيعي، والفحم، وبعض المنتجات النفطية المكررة.

وكما لعبة الشطرنج، يتوقع المحللون خطوة مماثلة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة قريبا على السلع الصينية، والتي قد تشمل الأجهزة الإلكترونية، مما يشكل ضربة قوية للاقتصاد الصيني ما قد يدفع الأخيرة لإجراءات أشد انتقامية.

وقال رامي أبوزيد مدير إدارة بحوث الأسواق في شركةAT Capital Markets، إن "العديد من السلع الأميركية، التي جرى فرض التعرفات عليها من قبل الصين، تمثل نسبة كبيرة من الصادرات الأميركية، لكنها تشكل نسبة صغيرة من واردات الصين نفسها".

وأشار أبوزيد، في مقابلة مع "العربية"، إلى تأثر الأسواق في التباعد في سياسات البنك المركزي الأوروبي، عن السياسات النقدية في الولايات المتحدة، موضحاً أن الفجوة كبيرة بين الفوائد الأميركية والأوروبية، وهذا ينعكس بشكل سلبي على أداء الأسواق المالية.

وتأتي المواجهة بين العملاقين الاقتصاديين في الوقت الذي يعاني فيه النمو الاقتصادي نتيجة جهود إدارة الرئيس شي جينبينغ من أجل الحد من الدين العام.

وعلق مارك وليامز خبير الاقتصاد لدى "كابيتال ايكونوميكس" أن "الأزمة التجارية تزداد في الوقت الذي تتعزز فيه الشكوك حول الآفاق الاقتصادية للصين".

وشهدت الصين في مايو تباطؤاً للإنتاج الصناعي، وتراجعا ملحوظا في الاستثمارات والاستهلاك، على خلفية تشدد في القروض.

وهذه الإشارات مثيرة للقلق في الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى الحد من اعتمادها على التجارة الخارجية مقارنة بالسابق.

وكانت الصادرات، التي تشكل المحرك الأساسي في الاقتصاد الصيني تحسنت بـ12.6 في المئة في مايو بنسبة أقل بقليل بالمقارنة مع ابريل، لكن أفضل مما كان متوقعا (+11.1 في المئة) في الوقت الذي سجلت فيه واردات العملاق الآسيوي قفزة بـ26 في المئة على مدى عام.

وأوضحت بكين أنها ستفرض رسوما على ما قيمته 34 مليار دولار من الواردات الأميركية، من بينها منتجات زراعية وبحرية وسيارات اعتبارا من السادس من يوليو موعد دخول التعرفات التي أعلنها ترامب حيز التنفيذ.

وحذر لويس كويس المحلل لدى "اوكسفورد ايكونوميكس" أنه "سيكون هناك تأثير على النمو في الصين والولايات المتحدة وغيرهما"، مضيفا "تزايد الشكوك والمخاطر سيلقي بظلاله على ثقة المؤسسات والاستثمارات". وأدى تباطؤ القروض بحسب المحللين إلى تراجع في الاستثمارات وحد من استهلاك الأسر.

إلا أن البيع بالمفرق ازداد في مايو بنسبة 8.5 في المئة على مدى عام، لكن هذا التقدم كان أقل بكثير بالمقارنة مع الأداء في ابريل (+9.4 في المئة) مارس (+10.1 في المئة).

كما ازداد الاستثمار في رؤوس الأموال الثابتة، والتي تعتبر مؤشراً على النفقات في البنى التحتية والعقارات بنسبة 6.1 في المئة على مدى عام في الفترة بين يناير ومايو في ما يشكل التقدم الأقل منذ العام 1999.

وكان صندوق النقد الدولي نبه في أبريل الماضي إلى أنه يتوقع أن يصل النمو الاقتصادي للعملاق الآسيوي الى 6.6 في المئة في العام الحالي، و6.4 في المئة في 2019 في تراجع واضح بالمقارنة مع 2017 (+6.9 في المئة).

وقال صندوق النقد آنذاك، إن "زيادة في الرسوم الجمركية والقيود (غير الجمركية) يمكن أن تؤثر سلبا على الأسواق المالية، وتعكر عمل سلسلات الإنتاج، وتحد من الإنتاجية في العالم والاستثمار".

يضاف إلى ذلك تدخل الدولة الذي غالبا ما ينتقده خبراء الاقتصاد. وقال وليامز إن "تردد الحكومة في إفساح المجال أمام قوى الأسواق لتقرر مجرى الاقتصاد سيساهم في تباطؤ الاقتصاد"، ويحذر بالتالي من أن "النمو الاقتصادي للصين سيتراجع على الأرجح في العقد المقبل".

back to top