فاتن حمامة... الليلة الأخيرة (الأخيرة)

نشر في 16-06-2018
آخر تحديث 16-06-2018 | 00:00
رغم قناعة فاتن حمامة وسعادتها بحياتها الأسرية، وإحساسها بأنها قدّمت كل ما يمكن أن يقدمه فنان سواء للسينما أو الإذاعة أو التلفزيون، فإن ذلك لم يمنع شعورها بالحنين من آن إلى آخر للوقوف إزاء الكاميرا، وهو ما جعلها دائمة البحث في كل ما تقرأه عما يمكن أن يصلح لتعود به، حتى جاءها اتصال هاتفي من دون سابق معرفة أو موعد.
= صباح الخير يا فندم. أنا المخرج عادل الأعصر.

* آه طبعاً أهلاً وسهلاً أستاذ عادل.

= ما أعرفش حضرتك سمعتي عني أو شوفت حاجة من شغلي ولا لأ.

* طبعاً يا أستاذ عادل أعرفك... وسمعت عنك كتير. وكمان سمعت عن شغلك كلام كويس أوي. بس للأسف ماكانش عندي فرصة أشوف حاجة من شغلك.

= أولاً كوني أني أسمع صوت حضرتك في التليفون ده شرف عظيم جداً... وفي حد ذاته وسام كبير ليا.

* أنا متشكرة أوي على ذوقك وكلامك الرقيق ده.

= العفو يا فندم. وأنا بانتهز الفرصة دي علشان أقولك أنك وحشتينا جداً... ووحشتنا أعمالك. أنا مش بتكلم عن نفسي بس. ده كمان مطلب الجمهور العربي كله. اللي بيسأل ليه حضرتك حرمانا من أعمالك الرائعة؟

* أنا باشكرك والله على كلامك الجميل. وبعدين الحكاية مش مقصودة خالص... أنا فعلا نفسي أعمل حاجة وبدور على حاجة مناسبة. بس للأسف خلال الفترة اللي فاتت مالقتش حاجة كويسة من اللي اتعرض عليا.

= طب أنا لو سمحتيلي عندي فكرة. أظن أنها كويسة جداً.

* تظن.. ولا هي كويسة؟

= أنا أظن لحد ما حضرتك تأكدي الظن ده في محله ولا مجرد ظن.

* مش باقولك كلامك كويس أوي.. عموماً هانشوف.

= طب ممكن تسمحيلي أشرب فنجان قهوة مع حضرتك وأعرض عليك الفكرة ونتكلم فيها.

* أوي أوي. خلاص أنا في انتظارك بكرة الساعة عشرة صباحاً.

قرأت فاتن سيناريو وحوار مسلسل «وجه القمر» الذي كتبته الصحافية ماجدة خير الله، في شهر كامل، اتصلت بعدها بالمخرج عادل الأعصر، وأكدت له أن الفكرة أعجبتها وموافقتها على القيام بالبطولة، بعد إجراء التعديلات التي تطلبها، والالتزام بأن يكون في 15 حلقة.

استغرقت التعديلات التي طلبتها فاتن ستة أشهر كاملة حتى وصل المسلسل إلى شكله النهائي، ولكن في 18 حلقة حول المذيعة التلفزيونية الشهيرة «ابتسام البستاني»، المتزوجة من رجل الأعمال المعروف «كريم أبو العز» ولديها منه ابنها «وائل»، وهو طالب جامعي مجتهد يريد أن يحقق ذاته بعيداً عن شهرة والدته وثروة والده.

كذلك لدى ابتسام ابنتان من زوجها الأول «مصطفى قورة»، الذي توفي في حادث تفجير في لبنان أثناء الحرب الأهلية وهما «سماح» و«سارة». ومع سير حياتها في سعادة وهدوء واستقرار يظهر زوجها المتوفي ثانية وتكتشف أنه لم يمت، وأنه كان تاجر سلاح وهرب بعد إصابته بعملية التفجير مع ثروة كبيرة وخضع بعدها للعلاج. كذلك تكتشف أن زوجها الثاني كان شريكاً لزوجها الأول في عملياته. وتبدأ عندها مشاكلها مع ابنتيها اللتين تريدان التقرب إلى والدهما الذي ابتعد عنهما سنوات، خصوصاً إنه عاد وهو مريض في أيامه الأخيرة.

رشح عادل الأعصر الفنان حسين فهمي لدور «كريم أبو العز»، غير أنه فوجئ بفاتن حمامة ترفض هذا الترشيح بإصرار، ليس اعتراضاً على شخص حسين فهمي، لكن لأن عمره ليس مناسباً لعمر الزوجة التي ستجسد دورها، ورشحت بدلاً منه الفنان جميل راتب. غير أنها رحبت بشدة بترشيح صديقها الفنان أحمد رمزي ليجسد دور زوجها السابق «مصطفى قورة»، مستغلاً عدداً من الصور الفوتوغرافية التي تجمع بينهما في أعمالهما القديمة باعتبارهما زوجين من سنوات بعيدة، كما تشير الأحداث. لتعيد فاتن رمزي مجدداً إلى الشاشة، بعد توقف أكثر من خمس سنوات، منذ أن قدّم فيلمه «قط الصحراء» عام 1995. ولم يبق سوى أن تعرف الممثلين الذين سيؤدون أدوار أولادها الثلاثة، وهم «نيللي كريم، وغادة عادل، وأحمد الفيشاوي».

أكدت فاتن أنها لا تعرفهم كممثلين، وطلبت من الأعصر أن يحضرهم إلى بيتها للتعرف إليهم، ولتعزيز جو الألفة بينهم. فعلاً استقبلتهم، وطلبت منهم أن يترددوا عليها كل يوم، لمدة أسبوع على الأقل، يتناولون معها الإفطار والغداء، وفي مواعيد ثابتة، ويتحدثون في الأمور التي تخص جيلهم، كي تشعر بأنهم أولادها فعلاً.

كعادتها تتدخل فاتن حمامة في أي تفاصيل يمكن أن تخدم العمل وليس لفرض سيطرتها، من ثم نقلت عدداً كبيراً من الأثاث والأكسسوار من بيتها الحقيقي إلى بيتها في الأستوديو، لتشعر بألفة، كذلك أشرفت بنفسها على ترتيبات ديكورات حفلة زفاف ابنتها في المسلسل نيللي كريم، واختارت الورود التي ظهرت في المشهد وأشرفت على الحفلة كأنها فعلاً زفاف ابنتها.

شوق متبادل

كان الجمهور في شوق ولهفة لرؤية فاتن حمامة، كما كانت هي تشتاق إلى جمهورها، الذي أسعده أيضاً أن يراها مجدداً مع أحمد رمزي على الشاشة بعد تاريخهما الطويل معاً.

نجح المسلسل فعلاً، ولكن ليس في حجم نجاح «أبلة حكمت»، ومع انعقاد «مهرجان الإذاعة والتلفزيون» عام 2001، وجدت الإدارة أن فاتن حمامة أصبحت أكبر من منحها مجرد جائزة أفضل ممثلة، فحصدت «جائزة فخرية» ليس عن دورها في مسلسل «وجه القمر» فحسب، بل عن كامل أعمالها. وفي العام نفسه نالت جائزة المرأة العربية الأولى، وقرّرت إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي منحها جائزة «الإنجاز مدى الحياة» باعتبارها «نجمة القرن العشرين» في السينما المصرية.

لم تكن فاتن حمامة مجرد ممثلة أو نجمة عابرة في تاريخ السينما المصرية والعربية، بل فنانة استطاعت أن تتربع على قمة الفن العربي أكثر من ستين عاماً، ولم يكن ما حصلت عليه من تكريمات وجوائز محلية وعربية ودولية، ليعطيها ولو جزءاً مما تستحق كفنانة أعطت الكثير جداً لفنها ولجمهورها، منذ دورها الأول على شاشة السينما في «يوم سعيد» حتى آخر ما قدمت مسلسل «وجه القمر» وما بينهما رحلة طويلة، تألقت خلالها في أدوار «البراءة الطاهرة، والنقاء الصافي» وصورت لحظات الضعف الإنساني في أرقى صوره، بعيداً عن الابتذال والمبالغة. كذلك قدّمت الحب النبيل، والرومانسية الساحرة، معتمدة على أحاسيسها المرهفة، والمعايشة الدقيقة في كل لقطة، من خلال ملامح وجهها الهادئة، القريبة إلى كل من يراها، فاختارها الأطفال والشباب والكبار، نموذجاً لهم. كانوا يرون من خلالها أحلامهم وإحباطاتهم، وانتصاراتهم وهزائمهم، وقوتهم وضعفهم.

جسدت الطفلة والفتاة والمرأة المصرية في صورها كافة ولحظاتها، وأجادت إلى الحد الذي صدقها، بل واتحد معها، جمهورها العربي من الخليج إلى المحيط، فنالت التكريمات من الأقطار العربية كافة، من الملوك والأمراء والرؤساء والشيوخ، ومن المهرجانات العربية، العريقة والحديثة. بل إن المهرجانات الوليدة، حرصت على أن تبدأ دورتها الأولى بتكريم فاتن حمامة، وهو ما حرصت عليه إدارة «المهرجان السينمائي الدولي لأفلام المرأة» في دورته الأولى في مدينة «سلا» المغربية، في عام 2004، إذ كرّم الممثلة القديرة إلى جانب النجمة الفرنسية أنيس فارادا والمغربية «حبيبة المذكوري».

رغم ابتعاد فاتن حمامة عن الأضواء، نحو 10 سنوات، فإنها لم تغب عن بال صانعي السينما والدراما التلفزيونية، وليس الجمهور فحسب. ومع أنها أصبحت على عتبة الثمانين من عمرها، كان كثيرون يعرضون عليها فكرة العودة بعمل ضخم، «يُفصّل» لها من الألف إلى الياء، إذا ما أعلنت موافقتها. ليس هذا فحسب، بل إن عشرات القنوات الفضائية، راحت تلهث خلفها من أجل تسجيل حلقات خاصة بها، تحكي خلالها ذكرياتها، وليس مذكراتها، مع عرض مفتوح بملايين الجنيهات، للرقم الذي تحدده في مقابل ذلك. لكنها رفضت رفضاً تاماً، مؤكدة أن ذكرياتها وحياتها الخاصة ملك لها وحدها، مشيرة إلى أن ثمة شركاء يشتركون معها في هذه الذكريات، وليس من حقها المتاجرة بنفسها أو بهم.

خلال السنوات العشر الأخيرة، التي ابتعدت فيها فاتن عن الأضواء، منذ مسلسل «وجه القمر» في عام 2000، عاشت كزوجة وأم وجدة. كانت تشرف على تجديد ديكورات بيتها، وتضع التصاميم وتختار الألوان بنفسها. ليس هذا فحسب، بل وتشرف على التنفيذ بنفسها، رغم تحذيرات الأطباء لها بعدم بذل أي جهد، كي لا تجهد قلبها. غير أن أفضل لحظات سعادتها، كانت في إسعاد كل من حولها، زوجها وأولادها وأولاد زوجها وأحفادهما.

لم يكن هدف فاتن إسعاد أسرتها والمقربين منها فحسب، بل كانت تسعى جاهدة إلى إسعاد المحيطين بها كلهم، كل من تقع عليه عيناها. أكثر ما يؤلمها مشاهد الفقر والجوع، منذ أن اصطحبها المخرج خيري بشارة والسيناريست فايز غالي إلى «حي شبرا» لتكتشف الفقر الحقيقي في الحياة، وهو أشد إيلاماً من تلك المشاهد المكتوبة في سيناريو فيلم «يوم مر يوم حلو».

راحت تلك المشاهد تتزايد في السنوات الأخيرة، في مقابل ثراء مجموعة تنتمي إلى فئة بعينها، حتى اتسعت الهوة الاجتماعية بشكل كبير، ما جعل كثيرين من الشباب المصري ينادون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بإعلان الثلاثاء 25 يناير 2011، يوم غضب للشعب المصري، متأثرين بالثورة الشعبية في تونس.

لبى النداء آلاف المحتجين على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر، وخرجت التظاهرات السلمية في مختلف أرجاء القاهرة، للتجمع في ميدان التحرير بوسط القاهرة، وراح الجميع يطالب برحيل الحكومة.

وانطلقت التظاهرات في الوقت نفسه من مختلف محافظات مصر، وتحولت مطالبة المتظاهرين رحيل الحكومة، إلى رحيل الرئيس محمد حسني مبارك، الذي استجاب لمطالب الشعب وأعلن تنحيه يوم 11 فبراير من العام نفسه.

حب مصر

لم تكن فاتن تتخيل أن يمتد بها العمر لترى ثورة أخرى بعد نحو 60 عاماً من ثورة 23 يوليو 1952، تلك السنوات التي عاشتها وكانت شاهدة فيها على فترة حكم الملكية في مصر، ثم على التحول إلى الجمهورية، ومعاصرة كل رؤساء الجمهورية منذ محمد نجيب، وصولاً إلى الرئيس مبارك، مروراً بالرئيسين جمال عبد الناصر، وأنور السادات. وهي رغم كراهيتها مشاهد الفقر والظلم الاجتماعي، فإنها لم تكن تتمنى أن تصل الأمور إلى ما آلت إليه، خصوصاً بعد انتشار الفوضى وحدوث الانفلات الأمني، والانهيار الكامل في مؤسسات الدولة، ما سبب تهديداً مباشراً لكل المصريين، والأخطر تهديد قوي بانهيار مصر نفسها.

كان لا بد من أن تخرج فاتن عن الصمت الاختياري الذي فضلته منذ سنوات ليست قليلة، فقط من أجل مصر. وأكثر ما أصابها برعب حقيقي لدرجة البكاء، ذلك اليوم الذي وجدت فيه «جماعة الإخوان» تتصدر المشهد، ويتقدم أحد أفرادها ليجلس على كرسي رئاسة مصر:

* مش ممكن اللي بيحصل ده. ده من قبل ما يعملوا أي حاجة ولا ياخدوا أي قرار. تلاقي اللي طلع حرم الفن، واللي هاجم الفنانين واتهمهم باتهامات محدش اتهمهم بيها في تاريخ الفن كله، واللي طلع يحرم اللبس واللي طلع يحرم الأكل. حرموا علينا عيشتنا كلها. وكله كوم واللي بيعملوه في مجلس الشعب كوم تاني. أنا خايفة ومرعوبة فعلاً يا محمد.

= علشان كده أنا باقول نسافر اليومين دول في أي حتة لحد ما أعصابك ترتاح.

* أنا مش خايفة على نفسي. أنا خايفة على مصر... مصر ماتستحقش اللي بيحصل فيها ده.

= صدقيني يا فاتن الناس دي مش هاتستمر كتير.

* دول زي ما بيقولوا في الفضائيات جايين يقعدوا 500 سنة.

= دول لو كملوا السنة يبقى كويس وكتير أوي.

رأى الدكتور محمد ضرورة أن تلبي فاتن دعوة الجامعة الأميركية في بيروت لتكريمها، ففي ذلك فرصة لتبتعد قليلاً عن مشاهد القلق والتوتر. لبّت الدعوة فعلاً لتكرّمها الجامعة الأميركية في بيروت وتمنحها دكتوراه فخرية، تقديراً لرحلة عطائها ومشوارها الفني الحافل.

عادت فاتن حمامة من بيروت، لتتأكد من صدق حدس زوجها الدكتور محمد، بعدما أعلنت القوات المسلحة المصرية، ونزولاً عند رغبة الشعب المصري، تعطيل الدستور وعزل الرئيس محمد مرسي، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور، رئيساً مؤقتاً للبلاد إلى حين إجراء انتخابات رئاسية. وجرت الأخيرة في مايو 2014، واختير المشير عبد الفتاح السيسي رئيساً لمصر.

آخر تكريم

رغم مشاكلها الصحية، حرصت فاتن حمامة على حضور اللقاء الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي عدداً من المثقفين والكتاب والفنانين. كأنه حرص على أن يسهم في تكريمها، حتى من دون وجود مناسبة، ووجد الفرصة في هذا اللقاء. نزل من فوق المنصة وذهب إليها حيث تجلس وصافحها في مكانها، وطالبها ضمن من حضروا بضرورة عودة دور القوة الناعمة.

وجدت فاتن أنها لا تزال قادرة على العطاء، رغم تخطيها الثمانين من عمرها بثلاثة أعوام، بل إن ثمة عدداً من المنتجين والمخرجين كانوا يلحون عليها في العودة، بعد انقطاعها عن الفن نحو 14 عاماً، حتى فوجئت بالمؤلف يوسف معاطي يتصل بها هاتفياً ويطلب مقابلتها لعرض فكرة جديدة عليها:

* أنا ما نكرش أن شغلك عاجبني يا يوسف، خصوصاً اللي بتعمله مع الأستاذ عادل إمام في الكام سنة الأخيرة.

= ده شرف ليا يا هانم.

* لا دي حقيقة. بس ماعرفش إذا كنت بتعرف نظام شغلي ولا لأ؟

= اعتقد أن اللي دخل المجال الفني من ساعة واحدة وبس... عارف كويس أوي سيدة الشاشة العربية بتشتغل إزاي ومطالبها إيه.

* كلامك كويس أوي يوسف. ومبدئياً ماعنديش مانع. لكن مش هاقدر أقول أي حاجة قبل ما أعرف الموضوع... واقرأ الحلقات.

= وده يكفيني جداً على الأقل دلوقت.

وجدت فاتن الفكرة التي عرضها عليها المؤلف يوسف معاطي مناسبة وجديدة. تدور حول سيدة كانت تعمل في مقتبل حياتها راقصة باليه، واعتزلت منذ سنوات طويلة بسبب إصابة تعرّضت لها على خشبة المسرح في أحد العروض، وصارت تكتفي بالتدريب. وبعد سنوات طويلة، أصبحت تعيش وحيدة بصحبة زوجها، الذي كان يعمل في السلك القضائي، وتقاعد بعد حياة حافلة في القضاء، ذلك رغم أن لديهما كثيراً من الأولاد والأحفاد، وفي حياتهما تفاصيل كثيرة.

وافقت فاتن حمامة على الفكرة، وأعجبت بها، وبدأ يوسف معاطي التردد عليها يعرض عليها كل ما يكتبه أولاً بأول، حتى أنه أمضى أكثر من ستة أشهر في تعديل ما أشارت إليه من أمور، حتى قارب العمل على الاكتمال، وبقي فقط اختيار شركة الإنتاج والمخرج وبقية فريق العمل، في حين بدأت فاتن تتعلم كيف تمشي «الباليرينا» في هذه السن المتقدمة، في ظل وجود إصابة قديمة. لكن فجأة حدث ما لم تتوقعه، فطلبت تأجيل الأمور كافة.

بدأت فاتن تشعر بالآلام في صدرها مجدداً، خلال أغسطس 2014. لم ينتظر زوجها الدكتور محمد أن تطلب زيارة الطبيب، فاصطحبها للخضوع للفحوص والتحاليل اللازمة، ليؤكد بعدها الأطباء ضرورة تركيب «جهاز لتنظيم ضربات القلب» مع نظام علاجي صارم أشرف على تنفيذه زوجها بنفسه.

تحسنت حالة فاتن الصحية إلى حد كبير، وفجأة مع بداية الشتاء وخلال نوفمبر من العام نفسه، هاجمتها الأنفلونزا، وأصيبت بضيق شديد في التنفس، ونُقلت فوراً إلى المستشفى، حيث صودف وجود طبيب ياباني، وهو أكبر خبير في العالم في القلب. عرضها زوجها عليه، فأكد أنها ليست في حاجة إلى جراحة، بل لا بد من «كورس» علاجي خاص تلتزم به، وهو ما تم فعلاً، فتحسنت حالتها، بما سمح لها بالسفر مع زوجها الدكتور محمد إلى الأقصر وأسوان لحضور ليلة رأس السنة الميلادية لعام 2015.

عادت فاتن من أسوان قبل موعد الطبيب المعالج، الذي حدده يوم السبت 17 يناير، والذي جدّد لها بعض الأدوية. رجعت إلى المنزل بصحبة زوجها، وتناولا معاً الغداء وأخذت العلاج الجديد، ثم طلبت أن تستريح في غرفتها قليلاً. لم تمر دقائق حتى وجدها زوجها تصرخ من الألم، فهرع إليها، وجلس إلى جوارها على السرير، وراح يستفسر منها عن الألم، وأخذ يخفف عنها، ثم أخذها في حضنه، وراح يمسح على رأسها.

هدأت فاتن وكفت عن التوجّع، أعاد رأسها إلى الخلف ليسألها كيف أصبحت؟ ليجد أن روحها فاضت إلى بارئها... تركته وحيداً وغادرت الدنيا، عصر اليوم نفسه.

رحلت فاتن حمامة وهي تستعد للوقوف مجدداً إزاء الكاميرا التي عشقتها طوال رحلة عمرها، منذ الطفولة إلى الكهولة... رحلت لتغلق صفحة الإنسانة، ويفتح تاريخ السينما العربية، واحدة من أهم وأكبر صفحاته، ويضعها في المكان الأبرز بين من أثروا تاريخها، على مدار نحو 75 عاماً، قدّمت خلالها ما صنع اسم «السيدة فاتن حمامة».

فاتن رفضت مشاركة حسين فهمي في «وجه القمر» واختارت جميل راتب للدور

الشعب يثور في 25 يناير 2011 وفاتن حمامة تبكي خوفاً على مصر

الرئيس السيسي يحرص على أن تنال فاتن حمامة التكريم اللائق بها

فاتن تتبع نظاماً علاجياً صارماً يشرف على تنفيذه زوجها

فاتن تعود من رحلة الأقصر وأسوان لترحل في بيتها
back to top