أهلاً بالعيد!

نشر في 14-06-2018
آخر تحديث 14-06-2018 | 00:00
 مسفر الدوسري قدمت أهلاً أيها العيد ووطئت سهلاً!

سنة مرت منذ زرتنا آخر مرّة، وما زال مشهد وداعك محفوراً في الذاكرة، وأنت خارج من بوابة ذلك اليوم يقف في وداعك قلة قليلة ممن استقبلوك، بمنظرك ذاك المبكي والمضحك، وجهك الملطخ بقطع الشوكولاتة والقشدة، ثيابك الممزقة والمليئة ببقع "الفيمتو" وبقية المشروبات الأخرى، كأنما خرجت للتو من حفلة عمّت فيها الفوضى، كان منظرك كله أسى، ومثيراً للشفقة! بعد أن ابتعدت قليلاً التفتّ إلى مودعيك ولوحت لنا بيدك، قبل أن تركب عربتك المحملة بما تيسر لك جمعه من صدورنا من هموم بالية وأحزان رثة وصدأ أنين وحطام أحلام، مقابل ما أعطيتنا إياه من هداياك، التي جئتنا بها على ظهر عربتك هذه ذاتها.

هل تذكر أيها العيد ذلك اليوم؟! يوم كنا في استقبالك العام الماضي؟! مفارقة مخزية ومخجلة بين يوم استقبلناك ويوم ودعناك ذلك العام، كنا على بوابة يوم استقبالك نقف نساء ورجالاً وأطفالاً ملهوفين لإطلالتك، قمنا بكل الاستعدادات التي تليق بشوقنا إليك، كنا في حاجة ماسة لأن نفرح، في حاجة لأن نرى حماماً قادراً على أن يهنأ بغفوة على شجرة متى شاء، كنا جميعاً نحمل رايات ملونة من البشائر، كنا في حاجة حينها أن تستعيد ذاكرتنا أناشيد العيد نقية بصوت الأطفال لا تشوبه شائبة من أزيز رصاص ولا تخالطه كلمات هاربة من كتاب مدرسي حولته بقع الدم إلى لوحة سريالية إثر قصف مدرسة أطفال بصاروخ مفترس، كنا في حاجة ذلك العام لأن نختطف بهجة من يد اليأس، جهزنا لأجلك الملابس الجديدة، وأعددنا أطباق الحلوى، وزيّنا قوالب "الكيك" بالشموع، على أمل أن يصلح قدومك ما أفسده البشر، وأرسلنا "العسس" قبل مسافة من ذلك اليوم لتأتي بخبر وصولك، وما إن أنبأونا بقدومك حتى امتلأنا بالسرور، بل قبل أن ننال من فرحك نصيباً، وظهرت صباح ذلك اليوم بشكلك الساحر والبهي، ولباسك المميز، ثوب ناصع البياض وعباءة منسوجة من قوس قزح وعمامة من العطر وابتسامة من نور لم تفارق وجهك، وكان كل من ينتظرك يترقب بلهفة الحصول على هديته التي تخيلها على مقاس أمنيته: لقاء غائب، قطعة رضا، ورقة سماح ملفوفة بشريط حريري، باقة صلح، وجبة أمل، أمان قلب، بطاقة ضمان لمستقبل جميل صالحة مدة عام، كتاب مدرسي لطفل، خيمة وبطانية ودواء لمتشرد، وطن للاجئ، عقاب لفاسدين ينهبون أرواحنا، أما الذين ينهبون أموالنا فقد سلّمنا بأن الله كفيل بهم، وانتظرنا دخولك من بوابة يومنا ذاك، وحينما دخلت عَدَونا متلهفين لما في العربة قبل أن يُصدم الكثيرون من محتواها ، إذ لم يجدوا ما كان يحلمون به، عوقبت حينها شر عقاب، تجاهلك خلال زيارتك الكبار، وتقاذفك الصغار بقطع من بقايا الطعام في الشوارع، تبادل الناس بينهم الملل خلال وجودك إلى أن رحلت ذلك العام بالصورة آنفة الذكر.

أهلا بك أيها العيد وسهلاً، لكن فقط أردت أن أسألك: هل محتوى عربتك هذا العام، هو ذاته ما كانت تحتويه العام الماضي؟!

back to top