رياح وأوتاد: مصدر اللغو في المجلس... وكيف يتوقف؟

نشر في 11-06-2018
آخر تحديث 11-06-2018 | 00:09
 أحمد يعقوب باقر يقول بعض القانونيين إن النصوص الآمرة والناهية في أي قانون إذا لم يتبعها نصوص تعاقب على مخالفتها فهي مجرد نصوص توجيهية، ويصفها آخرون بأنها نار لا تحرق ونور لا يضيء، ويضيف آخرون فيقولون إنها مجرد لغو لا يترتب على مخالفتها أي جزاء.

ولو تأملنا أعمال مجلس الأمة لوجدنا أن كثيراً منها تصح فيه هذه الأوصاف، حيث مرت على المجلس قضايا ومواقف وأحداث تخالف نصوصاً واضحة في الدستور، إلا أن المجلس لم يتخذ بشأنها أي إجراء لعدم وجود نصوص تشريعية تفصّل وتضع الإجراءات المناسبة لهذه القضايا التي أشهرها بالطبع عطايا وهدايا النواب التي تكررت في أكثر من فصل تشريعي، وكذلك موضوع تدخل النواب في عمل السلطة التنفيذية بالمعاملات التي يمهرونها بأختامهم وتعيين محسوبيهم وأقاربهم بالبراشوت، وكذلك شراء النواب أصولا من الحكومة أو بيعها لها، وكذلك تعيين النواب في مجالس إدارة الشركات، وأخيراً تخصيص مزارع أو جواخير أو قسائم للنواب.

جميع هذه الأمور توجد نصوص في الدستور "أبو القوانين" تنهى عنها وتمنعها، ولكن للأسف دون أن تبين مصير من يخالفها وإجراءات التحقيق معه وعقابه أو عزله!

فالمادة 115 من الدستور تمنع تدخل الأعضاء في أعمال السلطتين التنفيذية والقضائية، والمادة 121 تمنع عضو مجلس الأمة من البيع أو الشراء أو الإيجار أو الاستئجار مع الحكومة إلا بالمناقصة أو المزايدة العلنية، ونفس المادة تمنع تعيين العضو في مجلس إدارة أي شركة، والمادة 91 أيضاً تأمر أن يقسم العضو بأن يكون مخلصا، ويحترم القوانين وحقوق الشعب وهي والمادة 108 تمنعان تحقيق العضو أي مكسب شخصي.

ولكن جميع هذه المواد كما ذكرت لم يضع لها الدستور الإجراء الذي يتعين السير فيه في حالة اكتشاف مخالفتها من قبل أحد الأعضاء، لذلك فإنها تظل نصوصاً توجيهية أو نورا لا يضيء أو لغواً لا يعقبه أي إجراء حسب تعبير القانونيين.

وربما كان السبب أن المشرع الدستوري ترك تفصيلها وإجراءاتها إلى اللائحة الداخلية للمجلس، ولكن حتى لائحة المجلس لم تتطرق لها بأي إجراء مثل التحقيق، وبالتالي التأديب والعقوبة التي قد تصل للعزل من عضوية المجلس، رغم أن هذه اللائحة وضعت عقوبات رادعة للأعضاء في حال مخالفتهم لنظام العمل في الجلسات أو اللجان وهي أقل أهمية من القضايا المذكورة أعلاه!

وقد يكون سبب إغفالها عند وضع اللائحة عام 1962 هو استبعاد أن يقوم بمثل هذه الأعمال رجالات الكويت في ذلك الوقت، ولكن لم يخطر ببالهم أنها ستستفحل وتُمارس بعد سنوات على عينك يا تاجر.

فعندما طرحت قضية الإيداعات في جزء من إحدى الجلسات، وكان طرحاً مهما وعاصفاً إلا أنه لم يأتِ بأي نتيجة، والأمر نفسه تم بالنسبة إلى المواضيع الأخرى، حيث اتهم بعض النواب بعضا بالاستفادة من التعامل مع الحكومة، ولكن لم يحدث شيء غير اللغو غير المنتج، واستمر الوضع على حاله السابقة.

لذلك كان على المجلس أن يسارع إلى تعديل اللائحة الداخلية، بحيث يفصّل ما أجملته تلك النصوص الدستورية ويضع لها الإجراء المناسب والعقوبة اللازمة، وكنت قد قدمت تعديلا بهذا الشأن بإنشاء لجنة للقيم البرلمانية في اللائحة الداخلية للمجلس، ومازال هذا الاقتراح محفوظاً في أرشيف مجلس 2006 يمكن تبنيه أو تعديله لكي يتم وضع حد لهذه الأحداث المتكررة، وبذلك يضيء النور فيكشف المخالفين والمستفيدين ويخلص البلد منهم، ويتوقف هذا اللغو المستمر منذ سنوات.

آخر الكلام:

حسناً فعل النائب رياض العدساني بتصديه للكفريات التي نشرها بعض أدعياء الحرية، والمطلوب الآن تصدي جميع النواب للاقتراحات المقدمة باسم الحريات لتعديل قوانين المطبوعات والجرائم الإلكترونية والتي يطالب بها هؤلاء أنفسهم الذين تطاولوا على الدين الإسلامي الحنيف، والتي فصلت خطورتها في مقال سابق.

back to top