فاتن حمامة... أريد حلاً

نشر في 11-06-2018
آخر تحديث 11-06-2018 | 00:01
أكدت فاتن حمامة للمنتج رمسيس نجيب أنها لا تفكر إطلاقاً في العودة إلى مصر، خلال هذه الفترة. حاول أن يعرف منها السبب، فأرجأت ذلك إلى حين مقابلته في بيروت، أو باريس، فلم يكن أمامه إلا أن ينقل كلامها إلى سعد الدين وهبة، الذي كان ينتظر نتيجة محاولات رمسيس.
= يعني إيه مش راجعة؟ طب ماقالتلكش السبب إيه؟

- واضح أنها ماكنتش عايزة تتكلم في التليفون. بس اللي فهمته أنها واخدة قراراً ومش ناوية ترجع فيه.

= طب أنا أقول إيه للريس دلوقت؟

- ريس؟! هو الرئيس جمال عبد الناصر هو اللي مكلفك بالموضوع ده؟

= يا أخي حد جاب سيرة الرئيس عبد الناصر. أنا أقصد نجيب محفوظ... رئيس مؤسسة السينما.

- آه... عموماً قوله اللي حصل.

= صح. أنا هاقوله أنها هاتسافر لتصوير فيلم يوسف شاهين في المغرب... ولما تبقى تخلص يحلها ربنا.

تنقلت فاتن حمامة بين صحراء المغرب ومدريد لتصوير فيلم «رمال من ذهب» الذي لم يحقق نجاحاً يذكر عند عرضه، ولم تمر أشهر بعد عودتها إلى باريس، حتى بدأت تشعر بالملل، وراحت تراودها فكرة العودة إلى مصر جدياً، خصوصاً بعدما بلغها ما وصفها به الرئيس جمال عبد الناصر بأنها «ثروة قومية». غير أنها قبل أن تقرر ذلك، التقت مصادفة أحد المصورين السينمائيين في باريس، الذي أسعدها لقاؤه جداً، فيما أحزنها ما أخبرها به بشكل كبير، وجعلها تستشيط غضباً.

علمت فاتن أن الفنانة ماجدة الصباحي تنوي تقديم فيلم، يروي فصلاً من حياتها بعنوان «القبلة الأخيرة»، ستجسد فيه دورها، فيما يؤدي رشدي أباظة دور زوجها السابق الراحل عز الدين ذو الفقار، وإيهاب نافع شخصية زوجها الحالي عمر الشريف. وزاد من غضبها أن علمت أن صاحب القصة هو الكاتب الصحافي إبراهيم الورداني، الذي سبق وشنّ هجوماً عنيفاً عليها هي وعمر الشريف، في مجلته، عندما أعلنا زواجهما.

تملك الغضب من فاتن، وأرسلت برقية إلى محاسبها في القاهرة، يوسف كامل عبد العزيز، تطلب إليه فيها الاطلاع على أحداث القصة والتأكد من أنها بعيدة تماماً عن حياتها، أو رفع قضية مستعجلة لإيقاف التصوير.

اتصل يوسف كامل بالكاتب إبراهيم الورداني، الذي أكّد له أنه كتب القصة عام 1957، ونشرها كمسلسل في جريدة «الشعب» تحت اسم «كوكب» ثم اشتراها منه المنتج عباس حلمي، وأنتجها من خلال المؤسسة المصرية العامة للسينما، وكتب السيناريو والحوار إبراهيم الورداني بالمشاركة مع يوسف أبو سيف، مؤكداً أن القصة ربما تتشابه مع زواج فاتن من عز الدين ذو الفقار، ونعيمة عاكف من حسين فوزي، ومريم فخر الدين من محمود ذو الفقار، إذ تدور حول مخرج عبقري يتزوّج بطلته التي اكتشفها وقدمها إلى السينما، ثم تقع هي في غرام شاب في مثل عمرها، فيطلقها المخرج العبقري مضحياً بحبه.

لم يستطع يوسف كامل أن يوقف تصوير الفيلم الذي كان بدأ فعلاً، كذلك عجز عن إقامة دعوى قضائية بهذا الشأن. وزاد الأمور تعقيداً أن مخرجه هو محمود ذو الفقار، شقيق عز الدين ذو الفقار، الذي نفى هو وفريق العمل، أي تشابه بين قصة الفيلم وبين حياة فاتن حمامة، مؤكدا أن الشكوك انتابته في بداية الأمر أنه يقدم قصته مع مريم فخر الدين، لكنه اكتشف لاحقاً أن القصة لا علاقة لها به أو بشقيقه عز الدين مع فاتن حمامة.

حزنت فاتن بسبب فشل المحاسب يوسف كامل في إيقاف تصوير الفيلم، وقررت تأجيل فكرة العودة إلى مصر، وزاد من ذلك تلك الأخبار التي سمعتها من قيام قوات العدو الإسرائيلي بهجوم شامل على كل من مصر وسورية والأردن، بالإضافة إلى قطاع غزة في وقت واحد، في الخامس من يونيو 1967، أدى إلى احتلال إسرائيل لسيناء، وقطاع غزة والضفة الغربية وهضبة الجولان السورية. وضمّ العدو «القدس» و{الجولان» إلى حدوده، وفصل الضفة الغربية عن السيادة الأردنية.

انتهت الحرب باحتلال «إسرائيل» الأراضي العربية، وراحت الصحف الغربية تنشر تفاصيلها بشكل مستفز لكل عربي في بلاد الغربة، لتبكي فاتن حمامة كما لم تبك سابقاً، وتشعر بحزن وانكسار شديدين، خصوصاً عندما استمعت إلى خطاب «التنحي»، الذي ألقاه الرئيس جمال عبد الناصر، معترفاً فيه بما حدث، ومعلناً تحمله المسؤولية كاملة.

شعرت فاتن بحنين جارف إلى الوطن، وافتقادها إلى المشاركة بدور مهم، فيما سمعت عن كل الفنانين المصريين الذين راحوا يتبرعون أو يجمعون التبرعات، وهو ما كان واضحاً من خلال شعار رفعته كوكب الشرق أم كلثوم «الفن من أجل المجهود الحربي» قائلة:

= «لن يغفل لي جفن والشعب العربي يشعر بالهزيمة».

قرّرت أم كلثوم أن تحيي حفلتين شهرياً تخصص إيراداتهما لدعم تسليح الجيش لمواجهة العدوان الإسرائيلي، بدأت بحفلات داخل مصر، لتتنقل بين محافظات مصر، ثم إلى بعض الأقطار العربية، أولها الكويت، ثم اتجهت إلى أوروبا لتنطلق من العاصمة الفرنسية باريس.

في كواليس الست

عاد عمر الشريف إلى باريس، ليكون اللقاء بينهما هذه المرة عاصفاً، وتزداد الهوة بينهما اتساعاً، ويقرر ترك شقة الزوجية والنزول في أحد فنادق باريس. شعرت فاتن بأنها لم تكن بحاجة إلى أن تكون في مصر، أكثر من هذا الوقت، غير أنها وقفت عاجزة لم تستطع أن تفعل أية خطوة، حتى سمعت بوجود كوكب الشرق أم كلثوم في باريس لإحياء حفلة ضخمة على مسرح «الأولمبيا» فقررت أن تحضرها.

في كواليس المسرح، وخلال فترة الاستراحة، كان اللقاء حاراً بين سيدة الشاشة العربية وسيدة الغناء العربي، وبدأ حديث طويل بينهما حول ابتعاد فاتن عن الأضواء، وترك مصر، وإقامتها الدائمة في باريس، وما بينها وبين زوجها عمر الشريف:

= مش ممكن نجمة كبيرة زيك تضحي بالمجد اللي عملته في تلاتين سنة بالسهولة دي.

* صدقيني يا ست الكل كان غصباً عني.

= أنا مش شايفة مبرراً لكل اللي حصل ده. والحالة الضبابية اللي حاطة نفسك فيها.

* كنت باحاول أحمي بيتي وحياتي الزوجية.

= للأسف انت ماقدرتيش تعملي ده ولا ده... زي ما بتقولي حياتك انت وعمر بقت زي الزملا اللي بيشوفوا بعض بالصدفة. فإذا كنت خسرتِ حياتك الزوجية بلاش كمان تخسري جمهورك وفنك. عارفة انت عملتي إيه؟

* عملت إيه؟

= ضحيتي بكل حاجة. علشان ولا حاجة.

* يظهر كده فعلاً... وأن بعض قراراتي كانت غلط.

= كلها يا فاتن... صارحي نفسك وواجهيها باللي انت مش قادرة تواجهيها بيه.

اقتنعت فاتن إلى حد كبير بكلام أم كثوم، وراحت تفكر فيه بجدية، وتواجه نفسها بالحقيقة المؤلمة، وهي ما الشيء الذي ضحت من أجله بفنها وجمهورها، وابتعدت عنهما من أجله؟ فقررت أن تضع حداً لحياتها الزوجية مع الشريف الذي كان ترك باريس واتجه إلى لندن. سافرت إليه، غير أنه كان رحل من هناك إلى أميركا، وقبل أن تغادر لندن عائدة إلى باريس، علمت بوجود فريد الأطرش في لندن، للخضوع لبعض الفحوص الطبية، فقررت زيارته، لتكون زيارتها مصدر سعادة كبيرة له، قبل الفحوص، وأكّد لها أنه جاء ليعرف رأي الأطباء في إمكانية الوقوف مجدداً إزاء الكاميرا لأنه يفكر في تقديم فيلم جديد، ووعدها بأنه لن يعود إلى بيروت، التي يعيش فيها راهناً بناء على نصيحة الأطباء، قبل أن يزورها في باريس.

غادرت فاتن لندن، وأجرى فريد فحوصه، وكانت المفاجأة التي أسعدته جداً، أن أخبره الأطباء بتحسن حالة قلبه بشكل كبير، فقرر أن يفي بوعده لفاتن، واتجه إلى باريس ليقابلها:

* أنا مش مصدقة يا فريد أنك هنا في بيتي في باريس.

= لا صدقي. أنا وعدتك ووفيت بوعدي.

* طول عمرك شهم واصيل يا فريد. وفعلا أخلاقك أخلاق فرسان زي ما بيقولوا.

= سيبك من الكلام ده. أنا اللي جابني هنا النهاردة حاجتين. الحاجة الأولانية أني وعدتك أني هازورك.

* والحاجة التانية؟

= الحاجة التانية مش هاقولها إلا لما توعديني توافقي.

* على إيه؟

= اوعديني أنك توافقي الأول.

* أوعدك يا سيدي... بس قول بقى أوافق على إيه؟

أكد فريد لفاتن أن سعادته بما قاله الأطباء حول تحسن حالته بما يسمح بالوقوف مجدداً إزاء الكاميرا للتمثيل، لا توصف، غير أنها ستتضاعف إذا ما وافقت على أن تشاركه البطولة في الفيلم الجديد الذي عرضه عليه هنري بركات، من إنتاجه وإخراجه، ليعيدها مجدداً إلى وطنها وجمهورها وفنها.

شعرت فاتن بسعادة كبيرة بسبب الموقف النبيل الذي يقوم به فريد معها، ورغم أنها كانت تفكر في الأمر نفسه بعد اللقاء الذي تم بينها وبين كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، فإنها شعرت بأنها غير مؤهلة نفسيا للعودة إلى جمهورها في هذه الفترة، إذ سيطر عليها الخوف والقلق والتوتر، حتى قال فريد الأطرش بحزم:

= أنا جيت هنا علشان أرجع بيك لوطنك وأهلك، وجمهورك وفنك، وملايين المعجبين بك. وأحب أقول لك شيئاً واحداً محدداً... فريد الأطرش مش هايرجع يقف قدام الكاميرا تاني إلا إذا كانت فاتن حمامة هي اللي واقفة قدامه في دور البطولة.

أثرت كلمات فريد الأطرش جداً في فاتن حمامة، ووافقت فوراً، وحددت معه موعدا للقاء منتج ومخرج الفيلم هنري بركات في بيروت، لتوقيع العقد، وقراءة السيناريو، والاتفاق على تفاصيل العمل.

عودة سينمائية

غادر فريد باريس، وبعد أيام لحقت به فاتن إلى بيروت، حيث سيُصوَّر العمل بالكامل هناك، ووقّعت على التعاقد من دون قراءة العمل، الذي اقتبسه هنري بركات عن «أريان فتاة روسية» وكتب السيناريو والحوار بالمشاركة مع كامل التلمساني.

«حنان» ابنة أحد مصوري الفوتوغرافيا، الذي يصوِّر حفلات المشاهير، تعجب بالمطرب المشهور «فريد عزت» وتقودها المصادفة إلى إنقاذه من زوج غافل تقيم زوجته علاقة مع فريد، وعندما يدبر الزوج لضبط زوجته مع فريد، تنقذه حنان من الموقف، وتحل محل الزوجة الخائنة. حينئذ، يشعر فريد بفضلها ويتعرف إليها ويقع في حبها. غير أن الأب المصور الحكيم، الذي شهد على كل غراميات فريد، يرفض هذا الحب. لكن عندما يتأكد أن ما بينهما حب حقيقي، يسمح بأن تلحق بحبيبها قبل سفره.

شارك فريد وفاتن، كل من يوسف وهبي، وعبد السلام النابلسي، ومن لبنان، ليز سركسيان، وليلى حكيم، وجوزيف ناصيف، وريمون غانم، والراقصة قطقوطة.

حقّق الفيلم نجاحاً كبيراً، غير أن نجاح فاتن هذه المرة إلى جانب فريد الأطرش، كان له طعم مختلف، فهو يأتي بعد أول عودة بعد غياب أكثر من عامين عن الجمهورين المصري واللبناني، فضلاً عن أن مشاركتها في الفيلم بدور مهم، وليس اعتماداً على اسم فاتن حمامة أو جمالها كأنثى، فضلاً عن استقبال الجمهور لها بشكل رائع، لتقرر بعده العودة إلى لندن، حيث كان الشريف خلال هذه الأيام. غير أنها قبل أن تغادر بيروت، التقت الكاتب يوسف إدريس، الذي قدمت له فيلم «الحرام» وفوجئت به يفاتحها أيضاً في أمر عودتها إلى القاهرة:

= انت خايفة ليه من الرجوع لمصر؟

* مين قال أني خايفة. مصر بلدي والناس اللي فيها أهلي. كل الحكاية أني مش عايزة مشاكل. انت عارف أني باكره المشاكل ومابحبش الدخول في تفاصيل السياسة.

= قبل ما آجي بيروت شوفت أم كلثوم وحكت لي عن مقابلتكم في باريس... وأكدت لي أنها هاتقف جنبك وهاتساندك ومش ممكن حد هايقرب منك.

* أنا عارفة وهي قالتلي الكلام ده بنفسها. لكن...

= لكن إيه؟ مصر كلها في انتظار رجوعك. من أصغر واحد لحد الرئيس جمال عبد الناصر اللي مهتم شخصياً برجوعك. على عكس ما انت فاهمة.

* انتو اللي فاهمين غلط كلكم. أنا ما سبتش مصر بسبب عبد الناصر. أنت ما تتخيلش أنا باحبه قد إيه. وفرحت بوجوده قد إيه وايدته. لكن زي ما بقولك أنا مابفهمش في أي حاجة غير الفن. ومش عايزة حد يفهم أني ضد البلد أو مش عايزة أساعدها.

= أنا فاهمك. وعموماً اللي انت سيبتِ البلد بسببهم كلهم دلوقت في السجن.

كان لا بد من أن تسوي فاتن الخلافات بينها وبين الشريف قبل أن تقرر العودة إلى مصر، فهي تخشى سماع تلك الإشاعات مجدداً حول علاقتهما المتوترة طوال الوقت، ولن تحتمل ذلك. سافرت إلى لندن في محاولة لإنهاء ما بينهما من خلاف، لكن ما إن التقيا، وبدلاً من محاولة رأب الصدع بينهما، كان اللقاء عاصفا أيضاً هذه المرة، وربما أكثر من المرات السابقة، ليضعا معاً نهاية لحالة «الزواج واللازواج» التي يعيشانها، ويقتنع كل منهما بأنه لا بديل عن الانفصال، ويتفقان معاً على تفاصيل العيش إلى أن يتم الانفصال رسمياً على الورق.

بعدما كانت فاتن اتخذت قراراً نهائياً بعودتها إلى مصر، في مطلع عام 1970، جاء الاتفاق مع الشريف على الانفصال ليؤجل ذلك، فلن تعود منكسرة مهزومة، وتعاود الصحف طرح الأسئلة حول علاقتهما وما طرأ عليها، وتخلي زوجها عنها بعدما أصبح «نجماً هوليوودياً»، وهو ما يثار راهناً فعلاً في صحف عربية عدة. قررت ألا تسمح لأحد، حتى ولو كان من اختارته ليكون نجماً سينمائياً، ثم حبيباً وزوجاً، بأن يكون سبباً في انكسارها إزاء جمهورها. ارتأت البقاء في باريس إلى أن تهدأ العاصفة، وتكف الإشاعات عنها، ولكن لم تمر أشهر عدة، حتى فجعت كما فجع المصريون والأمة العربية، في رحيل الزعيم جمال عبد الناصر.

مواجهة مع الذات

بقيت فاتن في باريس لا تعرف ماذا تفعل، وهل تستمر وتكمل حياتها هنا، في حياة «الزواج واللازواج»، خصوصاً بعدما صار الاتفاق رسمياً بينها وبين الشريف على الطلاق، فضلاً عن علاقتها بالفن، التي أصبحت تشبه إلى حد كبير حياتها الخاصة أي «فن ولا فن»، فلا هي تحرص على الحضور الفني بشكل دائم، ولا هي اعتزلت رسمياً. ربما كان الأمر الوحيد الواضح والمستقر في حياتها علاقتها بولديها، طارق الذي يكمل دراسته في المدرسة الإنكليزية، أما نادية فبعد أن درست إدارة الأعمال والسكرتارية، طلبت من عمر الشريف أن تعمل سكرتيرة له، فعهد بها إلى سكرتيرته «كارولين» لتعليمها، ثم أصبحت تتنقل معه من بلد إلى آخر، بين أوروبا وأميركا. ورحل والد النجمة، وأصبح لكل من أشقائها وشقيقاتها حياتهم الخاصة، لتبقى فاتن بمفردها تتنقل أيضاً بين لندن وباريس وبيروت، لكن... ماذا بعد؟

واجهت فاتن نفسها بهذا السؤال الذي فتح الباب إزاء عشرات الأسئلة الأخرى، حول حياتها الخاصة وحياتها الفنية، في الوقت الذي كان بدأ عدد من المنتجين يقدمون العروض إليها مجدداً، كلما التقوها في بيروت أو لندن أو باريس، وهو ما فعله معها أكثر من مرة المنتج رمسيس نجيب، الذي لم تكمل معه فيلم «دعني لولدي»، كذلك تحدث إليها هنري بركات وكمال الشيخ في أكثر من فيلم، لكن لما كانت غير مستقرة نفسياً، وغير قادرة على اتخاذ القرار، كان لا بد أن تواجه نفسها بأسئلة مهمة:

* لماذا أفعل كل ذلك؟ ولمن أضحي بكل هذه التضحيات؟ وهل هناك من قدر كل هذه التضحيات؟

يبدو أنها من خلال مواجهة حقيقية وجادة مع نفسها، استطاعت لأول مرة الإجابة عما لديها من أسئلة، واكتشفت أن الوحيد الذي قدر ما قامت به من تضحيات، هو جمهورها العربي الكبير، الذي لا يزال يلح في عودتها، ولم يمل انتظارها، فكلما تعرف إليها مواطن عربي، من أية جنسية عربية، في أية دولة، سألها عن موعد عودتها، وألحّ في أن تكون قريبة. لذا وإزاء ذلك كله اتخذت قرارها بالعودة إلى مصر.

عادت فاتن حمامة إلى مصر، في مارس 1971، بعد غياب أكثر من خمس سنوات، لتجد ما لم تتوقعه منذ أن وطأت قدماها مطار القاهرة. كان الترحيب بها ضخماً، وتسابق الجميع لخدمتها ومصافحتها، فضلاً عن الترحيب الكبير من الأهل والأصدقاء، الذين لم يصدقوا أن فاتن أخيراً بينهم في القاهرة.

عادت فاتن وفي رأسها أمور كثيرة جداً لتفعلها، غير أن أول ما فعلته، أن ذهبت إلى أسرة المخرج الراحل أحمد بدرخان كي تقدم لها العزاء في رحيله، كذلك قدّمت العزاء لحلمي رفلة ولزوجته في وفاة ابنهما الوحيد الذي فقداه قبل أشهر، وزارت كل استوديوهات السينما التي عملت فيها، والتقت بالعمال والموظفين الذين تعاونت معهم معظم سنوات عمرها.

لم يصدق المنتجون والمخرجون أن فاتن حمامة فعلاً بينهم، وتهافت عليها الجميع يعرضون عليها عقوداً لتوقعها معهم، ورغم الاتفاقيات كافة التي أجرتها، لم توقع عقداً واحداً، إنما أجلت ذلك كله وفوجئ بها الجميع تعود إلى لندن بعد ثمانية أيام فقط من وصولها إلى القاهرة.

فاتن حمامة تستشيط غضباً بسبب فيلم ماجدة الصباحي «القبلة الأخيرة»

أم كلثوم تلتقي فاتن في باريس وتطالبها بالعودة إلى مصر

فاتن تعيد حساباتها بشأن الرجوع إلى القاهرة

فريد الأطرش يؤكد لفاتن أنه لن يعود إلى التمثيل إلا إذا شاركته البطولة

يوسف إدريس يقول لها: من تركت البلد بسببهم أصبحوا في السجن الآن!
back to top