فاتن حمامة... الطريق المسدود (16- 31)

نشر في 01-06-2018
آخر تحديث 01-06-2018 | 00:00
لم يكن تفكير فاتن حمامة في الطلاق من أستاذها عز الدين ذو الفقار وليد لحظة انفعال، بل كانت ترى أنه تأخر طويلاً، ولم تكن الأسباب خافية عليها. إلا أنها ترددت خشية أن تبدو إزاء أسرتها بمظهر التي فشلت في اختيارها، وهزمت في حبها، فضلاً عن خوفها من جمهورها الذي تقدم له أدوارها الرومانسية، فتبدو إن تطلقت سيدة فاشلة في حياتها الأسرية. غير أنها لم تستطع أن تمحو مسحة الحزن التي باتت تكسو وجهها.
رغم حالة الإحباط التي كانت تسيطر عليها، لم تتوقف حياة فاتن حمامة الفنية، بل راحت النجمة تفي بارتباطاتها. قدّمت قصة يوسف السباعي «آثار في الرمال» سيناريو وحوار وإخراج جمال مدكور، إلى جانب كل من عماد حمدي، وزهرة العلا، وحمدي غيث، ومحمد عبد القدوس.

طلبها بعد ذلك المخرج هنري بركات لتشارك الفنان محمد فوزي لأول مرة في بطولة فيلم كتبه مع يوسف جوهر بعنوان «دايما معاك» وشاركهما التمثيل كل من عبد الوارث عسر، وسعيد أبو بكر، ورياض القصبجي، وبرلنتي عبد الحميد.

رغم الانشغال الكبير لفاتن بأعمالها الفنية، فإن ملامحها التي بات يكسوها الحزن، كانت تؤكد أنها لم تعد تعيش حياة مستقرة. ولما كانت عاجزة عن أن تشكو لأسرتها، فكانت تلجأ إلى صديقاتها المقربات اللاتي يشعرن بها.

ذات يوم زارت الفنانة هدى سلطان شقيقها الفنان محمد فوزي، في بلاتوه تصوير فيلم «دايما معاك» ورأت فاتن بهذه الحالة، فوجهت لها الدعوة لزيارتها في بيتها لتتحدث إليها، خصوصاً أنها على علم بوجود خلاف بينها وبين عز الدين، في محاولة لتقريب وجهات النظر بينهما، وإزالة أي خلاف:

= لا أوعي تقولي كده. طلاق إيه بس يا فاتن.

* طب قوليلي أعمل إيه. متجوزين من حوالي ست سبع سنين... ماحستش بالجواز يمكن غير أول سنة تقريباً... بعد كده بقت مقابلاتنا بالصدفة. رغم أننا في بيت واحد.

= ما انت كمان يا فاتن ماشاء الله مشغولة طول الوقت بشغلك. مش فاضية برضه.

* ماهو ياريت على الشغل. ما أنا عارفة شغله وشغلي. لكن بقى يرجع للبيت في حالة مش طبيعية. والأكتر من كده يقعد يحكي قدامي مغامراته الغرامية. سواء مع فنانات أو سيدات مجتمع.

= عز بيحبك أوي يا فاتن. بيحاول يثير غيرتك.

* لا لا مش للدرجة دي. ما يوصلش الأمر أنه يجيب بطلات حكاياته الغرامية عندي في البيت. يعزمهم في حفلاته. يبقوا موجودن وسط المدعوين. وعايزني كمان أرحب بيهن. وكله كوم وحكاية الست سامية كمال دي كوم اللي جابها بيتي.

= انت وعز فنانين يا فاتن.

* ماهو علشان احنا فنانين ولازم نعمل ألف حساب لكل قرار بناخده. لازم نبعد في هدوء. لأن كل قراراتنا محسوبة علينا، ولازم نعمل حساب الجمهور والصحافة، وقبل ده كله الناس اللي حوالينا وبنحبهم.

= بس لازم يبقى في حل حتى علشان خاطر نادية.

* الحل الوحيد اللي هايريح الكل هو الطلاق.

شكوى متبادلة

لم تكن فاتن وحدها التي تشكو من عز الدين وتصرفاته، فهو أيضاً أصبح دائم الشكوى من تصرفاتها، لأصدقائه المقربين، من أنه لم يعد يشعر بأنه متزوج له بيت وزوجة وابنة، وأنه كلما عاد إلى منزله يظل وحيداً لأن فاتن مشغولة طوال الوقت بأفلامها وأسفارها، من لبنان إلى فرنسا، ومن فرنسا إلى ألمانيا، وعدد من الأقطار العربية، فضلاً عن التنقل بين محافظات مصر، خلف أفلامها عندما تعرض هنا أو هناك.

هكذا، لم تعد تلازم البيت إلا وهي أكثر إرهاقاً من زوجها، وعندما طلب إليها الخروج معاً، تعتذر بسبب التعب والإرهاق. غير أنها إذا أرادت أن تخرج، تجبره على ذلك، أو يكون لا يحبها وغير مقدر للمظاهر الاجتماعية، حتى اتسعت الهوة بينهما وباتا غريبين تحت سقف واحد.

عاود المنتج جبرائيل تلحمي طلب فاتن حمامة للعمل في فيلم من إنتاجه، بعد أن كان قد طلبها أثناء وجودها في بيروت، وأرسل لها عز الدين برقية بذلك، فبادر يوسف شاهين مخرج الفيلم بالاتصال بها:

= لا ما انت عارفاني. الموضوع جديد ومفاجأة يا تونة.

* أوعى يكون مقلب زي «بابا أمين» يا يوسف.

= طب بذمتك بابا أمين كان مقلب؟

* لا والله يا جو. الفيلم كان حلو. بس حظه كان وحش. المهم إيه حكاية الفيلم اللي بتقول عليه؟

= اسمه «صراع في الوادي» كتب قصته حلمي حليم. والسيناريو والحوار علي الزرقاني. عن بنت باشا عايشة بترجع للصعيد بعد ما بتتعلم برا. وبترجع لحبها القديم اللي أبوها بيورط أبوه في جريمة قتل. وبعدين الأهالي بيقوموا بثورة على الباشا.

* فكرة جديدة حلوة. مين معايا في الفليم؟

= معاكِ زكي رستم وفريد شوقي وعبد الوارث عسر وحمدي غيث.

* فريد ولا حمدي حبيب البطلة.

= لا ده ولا ده.

* إيه ده... فزورة دي؟

= ولا فزورة ولا حاجة. البطل هايكون وجهاً جديداً.

* لا انت بتهرج يا جو.

= ما تحكميش إلا لما تشوفيه.

* واسمه إيه معجزة التمثيل الي بتديله بطولة من أول عمل ده.

= اسمه. اسمه... ميشيل شلهوب.

* هاهاهاها... وده لقيته فين.

= يا تونة قلتلك ما تستعجليش من قبل ما تشوفيه وتعرفي عنه كل حاجة... وبعدين أنا اتفقت معاه هانغير اسمه.

* إيه هاتخليه «يوسف شلهوب» ولا «ميشيل شاهين».

= بعد تفكير طويل استقريت أنا وهو أن اسمه الفني يبقى «عمر الشريف».

نشأ الشاب ميشيل ديمتري شلهوب في عائلة ارستقراطية ميسورة، تعمل في تجارة الأخشاب بالإسكندرية، ورثها والده جوزيف ديمتري. غير أن الابن تمرد عليها، خصوصاً في ظل ثراء الأسرة. وفي الوقت الذي كان راتب كبار الموظفين لا يتعدى 30 جنيها، كان مصروف ميشيل الخاص 60 جنيهاً في اليوم، وهو لا يزال طالباً في «كلية فيكتوريا» بالإسكندرية، التي تعرف فيها إلى مجموعة من الأصدقاء، من طبقته نفسها.

اكتشاف جديد

رغم أنه كان فتى مدللاً، فإن والده كان حريصاً على أن يهتم بتعليمه بشكل كبير، غير أن وجود ميشيل بين أقرانه من أفراد الطبقة الارستقراطية، جعله يعيش أجواءهم الخاصة، وتشتد المنافسة بينهم، في غزواتهم الغرامية، كما في الصيد والقنص وفي سباق الزوارق الشراعية بميناء الإسكندرية الشرقي، وفي سباقات خاصة للسيارات ينظمها اثنان أو ثلاثة منهم، على الطريق الصحراوي، من الإسكندرية إلى القاهرة. وفي «البريدج» تفوق ميشيل أكثر من غيره، ما أكسبه شهرة في النوادي، أضفت عليه نوعاً خاصاً من الاحترام، كان يلقاه ممن يكبرونه سناً من أبطال اللعبة.

أحب ميشيل الشهرة، غير أن شهرة «البريدج» لم تكن كافية، خصوصاً أنها في نطاق محدود، فثمة أمر في داخله يلح عليه بأن يسعى وراء شهرة أعم وأكبر، وكأن القدر سمع هذا الإلحاح فقاد خطواته نحو أول الطريق... طريق المجد والشهرة والتألق.

تخرج ميشيل في «فكتوريا كوليدج»، وبعد سنوات، وفي إحدى زياراته للقاهرة، كان يسير ذات يوم من دون هدف ولا هدى ولا غاية. يريد أن يقطع الوقت، حتى يحين موعد القطار الذي سيعود به إلى الإسكندرية، لتقوده قدماه إلى محل «غروبي»، الذي كان دائم التردد عليه كلما زار القاهرة. أراد أن يرتشف فنجاناً من القهوة إلى أن يحين موعد القطار، وما إن جلس حتى وجد نفسه في مواجهة شخص لم تكن ملامحه غريبة عنه، فقد سبق وشاهده بين طلبة «فيكتوريا كوليدج»، ليبتسم له يوسف شاهين ويدعوه إلى طاولته، ويعيد كل منهما ذكرياته على الآخر. وبعد حديث طويل عما فعله كل منهما في حياته خلال السنوات السابقة، سأله شاهين عما إذا كانت لديه رغبة في أن يصبح ممثلاً.

لم يجب ميشيل بسرعة، بل ابتسم وراح يفكر للحظة، وأدرك أن القدر ساقه إلى الطريق الصحيح، إلى ما كان يبحث عنه، فرد بلا تردد بالموافقة:

= طبعاً أحب جداً بس ازاي؟ أنا صحيح بحب التمثيل، ومافيش فيلم أميركي اتعرض في إسكندرية ولا القاهرة إلا لما شوفته بس عمري ما مثلت... ولا جه في بالي أني أبقى ممثلا.

- أزاي دي بتعتي أنا... أما من ناحية أنك ماسبقش لك التمثيل دي مش مهمة. لكن أنا شايف عينيك فيها لمعة نجوم السيما.

= هاهاها. وهم نجوم السيما عينهم بتلمع أزاي؟

- أنا مابهزرش... لو انت متحمس فعلا سيب لموضوع ده عليا.

= أنا متحمس جداً فوق ما تتصور... بس.

- بس إيه؟

= أنا مش هاقدر أتحمل الفشل... لأني جربت أكتر من حاجة وفشلت... يمكن الحاجة الوحيدة اللي نجحت فيها لحد دلوقت «البريدج».

- أنا لو مش واثق من نجاحك ماكنتش عرضت عليك العرض ده. أنا مش ماشي في الشارع بعرض على أي شاب أنه يمثل.

= بجد أنا مش مصدق نفسي. الفرصة ممكن تيجي بالسهولة دي؟

- لا طبعاً مش بالسهولة اللي انت متخيلها. لسه في شغل وتدريبات كتير جداً.

= وأنا جاهز من النهاردة. لا من دلوقت.

- وأنا أوعدك بعد أول فيلم هاتكون نجما من نجوم السينما المصرية... سمعت عن «سيدة الشاشة العربية»؟

- طبعا.. هو في حد مايعرفش فاتن حمامة.

= انت هاتقف قدامها في الفيلم اللي جاي. مش دور عادي. انت هاتكون البطل قدامها.

مولد نجم

ما إن سمع ميشيل كلام يوسف شاهين، حتى شعر بأن الأرض تلاشت من تحته، وأصبح يطير في الهواء. لم يصدق أن تقوده المصادفة إلى «محل غروبي» لتناول فنجان من القهوة، وبعد دقائق من دخوله المحل، يصبح نجماً سينمائياً، بل وسيقف بطلاً إلى جانب أشهر ممثلة في الشرق، «سيدة الشاشة العربية» فاتن حمامة.

بعد المكالمة الهاتفية بين يوسف شاهين وفاتن حمامة، أرسل إليها سيناريو فيلم «صراع في الوادي». ما إن قرأته حتى أعجبت به، ووجدته مختلفاً عن كل ما سبق وقدمته. لكن المشكلة من الوجه الجديد الذي سيشاركها البطولة؟ فهو قد يتسبب في فشل الفيلم فشلاً ذريعاً، ويطيح بكل ما اجتهدت لتصنعه لنفسها خلال السنوات الماضية. من ثم، طلبت من يوسف شاهين أن يرسل إليها بهذا الشاب لتجلس معه، قبل أن توافق على أن يشاركها البطولة.

كان اللقاء الأول بين فاتن وعمر الشريف في بيتها، كان متردداً وخائفاً، كأنه سيخوض أهم امتحان في حياته، سيقابل «سيدة الشاشة العربية» وأهم ممثلة على الساحة السينمائية في الشرق كله، ماذا ستقول له وعن أي أمر ستسأله؟ وبماذا سيرد؟ أسئلة كثيرة، وارتباك وخوف وتردد، وتحضير لكلمات عدة.

لم تدخل إليه فاتن مباشرة، بل وقفت في زاوية لا يراها منها، ظلت تراقبه دقائق وتتأمل ملامحه، وراحت تتخيله يقف إلى جوارها إزاء الكاميرا، في المشاهد التي قرأتها في السيناريو وتجمع بينهما، وراحت تميل برقبتها يميناً ويساراً، لتراه من الزوايا كافة. كانت دهشتها أن رأته في خيالها يتحرك بشخصية الفيلم تماماً، فلم تطل الوقوف بعيداً واقتربت وصافحته. غير أنه لم يشأ أن يرفع وجهه في وجهها خجلاً، وصافحها وعيناه تنظران في الأرض:

* أهلاً أهلاً. إزيك؟ تحب أقولك يا ميشيل ولا عمر؟

= متهيألي عمر الشريف أوقع. لأن ميشيل شلهوب مابقاش له وجود.

* كده. طب عال أوي. يوسف بيمدح فيك جداً وبيقول أنك هاتبقى حاجة كبيرة خالص.

= يوسف بيبالغ شوية لأنه صاحبي وبيحبني.

* وانت بتحب التمثيل من زمان.

= في الحقيقة أنا بحب السينما جداً... لكن عمري ما فكرت أنا أنفع أبقى ممثلاً ولا لأ.

* ودلوقت عندك رغبة من جواك فعلا أنك عايز تبقى ممثلاً.

= أكيد.

قال جملته وعاد إلى الصمت والنظر إلى الأرض... وما إن دخلت الخادمة لتقدم له القهوة، حتى رفع عينيه وهو يأخذ منها الفنجان لتقعا على بورتريه رسم ببراعة لفاتن، فظل معلقاً عينيه به:

* عاجبك البورتريه؟ ده للفنان الجميل صلاح طاهر.

= بورتريه رائع رسمه فنان مبدع. بس في الحقيقة هو مايساويش حاجة قدام الإبداع اللي عمله ربنا. رسم وصوّر أجمل ملامح بأعظم ريشة في الكون... وجسد الإبداع كله في أرق مخلوقة ممكن الإنسان يقابلها في حياته.

شعرت فاتن بأن كلمات الشريف عادت بها سنوات إلى الخلف، منذ كانت تلميذة صغيرة في مدرسة «الأميرة فوقية» لتستمع إلى أول عبارة إعجاب وكلمات غزل في حياتها، أحست بأن كلماته نفذت إلى قلبها.

بعد أيام من لقائهما في بيتها، كان اللقاء الثاني، لكن إزاء كاميرا المخرج يوسف شاهين. لم يكن اللقاء عادياً، بل تم في الظروف التي هبت فيها العاصفة على بيت فاتن حمامة وعز الدين ذو الفقار.

منذ اللقطات الأولى للفيلم، أدركت فاتن أن لدى الشريف موهبة جديرة بالتشجيع حقاً، لذلك لم تدخر جهداً في مساعدته، ما أدى إلى نوع من الألفة بينهما، كانت سبباً في أن يبدأ الممثل بالشعور بأن ثمة شيئاً آخر في داخله بدأ ينمو ويكبر... ويدرك من خلاله أن هذه السيدة التي يقف إلى جانبها، كما يقف التلميذ إزاء أستاذته، تعني الكثير بالنسبة إليه، لتبدأ عواطفه تتركز حول محور واحد، هو فاتن حمامة.

بدأ الشريف يشعر بأن حياته كلها مرتبطة بهذه السيدة، حتى أنه أصبح يحلم خلال الأوقات التي يقفان فيها إزاء الكاميرا كي يمثلا دوري «آمال وأحمد»، ألا يقول كلام الحب لآمال فحسب، بل أيضاً لفاتن حمامة بصدق وإخلاص، فقد وجد فجأة أنه ليس ممثلاً يمثل دوراً، بل هو إنسان يعيش قصة حب حقيقية.

أول قبلة

منذ المشهد الأول ظلت فاتن تساعد عمر الشريف، لأنها لا تجد حرجاً في أن تشجع وجهاً جديداً يملك الموهبة الحقيقية، يقف إلى جانبها في دور جيد ينجح فيه. لكنها راحت تستقبل مشاعره بإحساس الإنسانة التي تعتقد أن الظروف قست عليها وظلمتها، وتشعر بالرثاء لنفسها لأن حياتها الزوجية مع عز الدين ذو الفقار لم تحقق آمالها وأحلامها وهي لا تزال شابة، من ثم تشعر، رغم صداقاتها الكثيرة، بفراغ عاطفي كبير. ومع ذلك لم تفكر لحظة أن تقع في غرام هذا الشاب الجديد.

اقترب الفيلم من نهايته، ولاحظت أن ثمة مشهداً بعينه يؤجله يوسف شاهين، رغم أنه لم يكن في النهاية، وفهمت السبب، إذ يحتوي على «قبلة»، وهو ما ترفضه تماماً في أفلامها كافة، ويعرف يوسف الغضب الذي انتابها عندما وضع «قبلة» بينها وبين شكري سرحان في «ابن النيل»، لدرجة أنها هددت بعدم استكمال تصوير الفيلم.

يوسف أجّل مشهد «القبلة» في «صراع في الوادي» إلى قرب نهاية الفيلم، على أن يستخدم الحيلة السينمائية لتصويرها، لأنه يعرف مسبقاً أن فاتن سترفض.

بدوره، قرأ عمر الشريف المشهد، وعرف أنه يتضمن «قبلة». رغم أنه تمنى أن تحدث فإنه تردّد طويلاً في مناقشة الأمر مع فاتن قبل التصوير، كما اعتادا في المشاهد كافة، والاستماع إلى نصائحها في هذا الشأن بعد توجيهات يوسف شاهين، الذي تردد أيضاً في أن يفاتح البطلة في الموضوع. وبدأ الثلاثة تصوير المشهد الخاص بالقبلة»، من دون أن يتحدث أي منهم إلى الآخر، وعندما حانت اللحظة فوجئ يوسف شاهين بالنجمة تنفذ القبلة بشكل أفضل مما كان يطمح إليه، حتى أنهما لم يسمعا صوته وهو يقول:

= ستوب.

مرّ تصوير «القبلة» بسهولة لم يتوقعها عمر الشريف أو يوسف شاهين، غير أنها لم تكن لتمرّ على الصحافة، فراحت صفحات الفن تفرد مساحات واسعة لأشهر قبلة سينمائية، بين الاكتشاف الجديد للمخرج يوسف شاهين وبين سيدة الشاشة العربية، التي وافقت لأول مرة في حياتها السينمائية على تصوير «قبلة» في أحد أفلامها، بعدما رفضت تنفيذها إزاء كبار نجوم السينما المصرية، في أفلامها كافة.

انتهى تصوير الفيلم، وكانت مرت خمسة أشهر على طلب فاتن الطلاق من عز الدين، من دون أن تبدو بارقة أمل لتحقيقه، أو حتى العدول عنه، فقد كان الزوج يماطل فيه، على أمل بأن تكون مجرد «زوبعة في فنجان» وتتراجع فاتن عن قرارها. إلا أنه اكتشف أن العلاقة تسير من سيئ إلى أسوأ ولم يعد ثمة مفر من الطلاق...

لم تصدق فاتن عندما فوجئت بعز الدين ذو الفقار وهو يدخل عليها حجرتها ويقول لها: «ماكنتش أتمنى إن ده يحصل. كان عندي أمل أنك تغيري رأيك. لكن طالما انت مصرة ودي رغبتك. فأنت حرة... أنت طالق يا فاتن».

قبل أن يتمم عز الدين ذو الفقار الطلاق رسمياً، فوجئت به فاتن يمنحها ورقة أخرى لم تتوقع أن يعطيها إياها.

البقية في الحلقة المقبلة

هدى سلطان تحذر فاتن من «الطلاق» فتؤكد لها أنه الحل الأمثل

يوسف شاهين يقدِّم وجهاً جديداً إلى جانب فاتن في «صراع في الوادي»

عمر الشريف يقف إزاء فاتن خائفاً لا ينظر في عينيها

النجمة تسمح للوجه الجديد بأول «قبلة» لها على شاشة السينما
back to top