فساد شعبي

نشر في 27-05-2018
آخر تحديث 27-05-2018 | 00:08
فساد الجمعيات التعاونية من صنيع المساهمين ومجالس الإدارات، مما يعني أنه فساد شعبي هذه المرة، ليس للحكومة دخلٌ فيه، وإشهار معهد التدريب المهني التعاوني يجب أن يكون أول اهتمامات الوزيرة هند الصبيح.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

ذكرى التفجير الآثم لمسجد الصادق التي تحل علينا في التاسع من رمضان، هي ذكرى كل الكويتيين، وكل المساجد ودور العبادة.

***

تطالعنا وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل سنويا بأخبار سيئة حول إحالة مجالس إدارات جمعيات تعاونية إلى النيابة أو إدارة التحقيقات، ففي العام الماضي وحده أحيلت 8 جمعيات إلى النيابة، و٦ أخرى إلى إدارة التحقيقات إضافة إلى توجيه 9 إنذارات لجمعيات مختلفة. هذا في عام واحد فقط، ولو قدر للوزارة عمل إحصائية تشمل جميع الجمعيات التي يبلغ عددها 66 جمعية تعاونية لمعرفة ما تم إحالته إلى التحقيق بسبب الفساد على مدى 10 سنوات سابقة لفاقت النسبة أكثر من 50 ٪ منها أو أكثر ربما.

فساد الجمعيات التعاونية من صنيع المساهمين ومجالس الإدارات، مما يعني أنه فساد شعبي هذه المرة، ليس للحكومة دخل فيه، حيث يلعب الهُواة بمئات الملايين على شكل توريد بضائع وترسية أخرى على أرفف السوق محاباة لتاجر دون آخر، ومؤخراً وصل العبث في صرف المواد التموينية من خلال أفرع 3 جمعيات أُحيلت إلى النيابة! وهذا المشهد هو الذي شجع التجار على طرح فكرة تخصيص الجمعيات، وقد يلاقي منصتين مع مرور الوقت وتواتر حل الجمعيات الفاسدة.

من يُقَدَّر له حضور اجتماع جمعية عمومية لانتخابات بعض الجمعيات سيرى العجب: شقاق بين الأعضاء وعلى المكشوف وأمام المساهمين، وقلة عدد الحضور، وعدم جدية الأعضاء في الرد على مطالب الناس، بل الاستهزاء في أسئلتهم، وتأخر تسليم التقرير المالي والإداري على المساهمين، وتراكم مشاكل متقادمة دون حل، وعدم توزيع أرباح على المساهمين لثلاث أو أربع سنوات متتالية دون مبرر، وغير ذلك مما لا تتسع المساحة لذكره.

دوامة حل المجالس وتعيين أناس كبدلاء مؤقتين عنهم والإحالة إلى النيابة كلها إجراءات لاحقة جيدة ولا خلاف حولها، لكن الواقع يقول إنها لن تجدي نفعاً طالما لم تُنفذ فكرة المعهد التدريبي التعاوني الذي رفعه قياديو الوزارة للوزيرة هند الصبيح منذ أكثر من عام، إذ يجب أن ينخرط من يريد أن يتعامل بدنانير الجمعيات التعاونية في هذا المعهد ويتعلم أسس إدارة الأسواق الاستهلاكية قبل الترشح لمثل هذه المهام الجسيمة.

نقول ذلك في ظل استهتار شبه عام بالتعامل مع المال في مجتمعنا، فكل ما هو متصل بمال عام أصبح مجالا للعبث فيه وبحجج غريبة ولا أخلاقية.

قد يتحمل المساهمون جزءاً من المسؤولية عن سوء الاختيار لأن أكثر المرشحين لا صلة لهم بإدارة الأسواق الاستهلاكية لكنهم- أعني المساهمين- غير ملومين أيضا، فـ"سوق المرشحين" يتكون بين ليلة وضحاها وإعلاناتهم تُنصَب في المناطق ليلا ونفاجأ بوجوههم صباحا، وهذا هو الوضع السائد في ظل عدم تفعيل فكرة التدريب الإجباري في المعهد، فلعل وعسى عدد الجمعيات المحالة إلى النيابة ينخفض من ورائها.

back to top