فاتن حمامة... موعد مع الحياة (11- 31)

نشر في 27-05-2018
آخر تحديث 27-05-2018 | 00:11
مع عمر الشريف وابنهما
مع عمر الشريف وابنهما
جلست فاتن وعز الدين ذو الفقار في غرفتهما بفندق «وندسور» بالإسكندرية، في صمت لحظات، مرّت عليهما كدهر وهما يتبادلان النظرات، بعد قراءة برقية أحمد حمامة التي حملت تهنئته لهما بالزواج، مرة ومرات، وفي كل مرة كان يتناولها أحدهما من الآخر وينظر إليها، ثم ينظر إلى الطرف الثاني، ويهز رأسه وكتفيه، وتمط فاتن شفتيها، معبرة عن عدم فهمها.
رغم ما حملته رسالة الأب من أخبار سارة إلى الزوجين، من المفترض أن تسعدهما، فإنها زادت من ارتباكهما، إذ لم يعودا يفهمان ما الذي يحدث، كما لا يفهمان مغزى هذه البرقية:

* معناه إيه الكلام اللي في التلغراف ده؟

= مش عارف. حقيقي مش عارف!

اقرأ أيضا

* ممكن يكون بابا رضي بسهولة كده وباعت يبارك لنا؟

= ماظنش طبعاً. معقول الدنيا تتغير من النقيض للنقيض في يومين!

* وارد... أصل بابا طيب أوي والله.

= هاهاها. ملهاش علاقة بالطيبة يا حبيبتي. المواقف اللي زي دي بيتساوي فيها الطيب والشرير والغني والفقير.

* عندك حق. وهو معذور لو عمل أي حاجة حتى لو قتلنا.

= فاتن يا حبيبتي. احنا اتجوزنا معملناش حاجة غلط نستحق عليها القتل.

* أنا عارفة. بس احنا اتجوزنا بس من غير رضاه.

= مين قال من غير رضاه. احنا كل اللي عملنا أننا قدمنا معاد جوازنا بس. بدل ما كان هايبقى بعد سنة... عملناه دلوقت بس مش أكتر.

* طب معناه إيه التلغراف ده؟ تفسر الكلام المكتوب ده أزاي؟ ويقصد إيه؟

= ماهو ده اللي اربكني بصراحة. ما هو لأنه مش ممكن يكون رضي فجأة واعتبر الموضوع كده عادي من غير غضب ولا خناق ولا عتاب حتى. لا وباعت يباركلنا... وكمان منتظرنا!

* تفتكر ده ممكن يكون فخاً علشان نرجع ويعمل اللي عايز يعمله فينا؟

= ماهو لو عايز يعمل حاجة. كان جه لحد هنا وعملها... ما هو عارف المكان اللي احنا فيه أهو... بس استني. هو عرف اللي احنا نازلين هنا في الفندق ده إزاي.

* أيوا صحيح. ما اخدتش بالي أنه باعت التلغراف هنا على الفندق وهو مايعرفش أحنا فين أصلاً... لا بقى كده الوضع اتعقد أكتر.

= ولا اتعقد ولا حاجة. بس خلاص أنا فهمت. أكيد التلغراف ده هزار من فؤاد الجزايرلي ولا مصطفى حسن. هما اللي عارفين أننا هنا. فحب واحد منهم أنه يهزر فبعت التلغراف ده باسم والدك.

راح عز الدين وفاتن يرسمان سيناريوهات عن هوية التلغراف ومن أرسله، وإذا كان والدها المرسل فعلاً، فماذا تعني هذه البرقية؟ وما الذي يمكن أن يفعله بهما، أو على وجه الدقة ما الذي يمكن أن يفعله بابنته فاتن؟

قبل أن يستمر الزوجان في رسم السيناريوهات، رنّ هاتف الغرفة، وإذا بالمتحدث المصور مصطفى حسن. أكّد لهما صديقهما صدق البرقية، وحقيقة موقف أحمد حمامة، موضحاً أنه استطاع ومعه المخرج فؤاد الجزايرلي وأنيس حامد، تهدئة ثورة الأب، وإقناعه بمباركة الزواج. كذلك كشف أن البرقية تؤكد أن العاصفة مرت بسلام، ولم يعد ثمة ما يخشيان منه وأنهما يستطيعان أن يعودا كي يكملا تصوير فيلم «خلود» بدلاً من أن يؤخرا العمل، ما قد يسبب خسارة مزدوجة، لأن عز الدين وأحمد حمامة كانا شريكين فيه.

فكّر الوالد أحمد حمامة في حلِّ يخرج الجميع من هذا المأزق، وهو التمهيد لخبر الزواج عبر المقربين وفي الصحف، ثم إقامة “عرس كبير” يليق بالأسرتين ويتمِّم الزواج بشكل معلن إزاء الجميع. لكن: «سبق السيف العزل»، فحتى هذا الحل لم يعد في المتناول، بعدما اتفق العروسان مع الكاتب الصحافي جليل البندراي، لوضع الجميع إزاء الأمر الواقع، على أن ينشر خبر زواج النجمة الجديدة فاتن حمامة من المخرج عز الدين ذو الفقار. وكان البنداري كتب الخبر فعلاً قبل الذهاب إلى حفلة الزواج، لينشر في صباح اليوم التالي، فلم تجد الأسرة سوى الرضوخ إلى الأمر الواقع ومباركة الزواج.

عاد العروسان قبل أن يمرّ على وجودهما في الإسكندرية أسبوع، لكنهما لم يتجها إلى بيت أحدهما بل قصدا فندق «شبرد» لتجهيز بيت الزوجية، وفي مساء يوم العودة نفسه، كان الأصدقاء فؤاد الجزايرلي، ومصطفي حسن، وأنيس حامد، وجليل البنداري، وأبطال فيلم «خلود» وعدد آخر من الأصدقاء والفنانين، أقاموا حفلة تليق بالعروسين، وفوجئت فاتن بأن على رأس الحضور والدها أحمد حمامة، ووالدتها زينب هانم، وأشقاءها، لمباركة زواجها.

ما إن رآهما والدها حتى هرع إليها ليقبل ابنته وصهره، ويهنئهما إزاء الجميع ويتمنى لهما حياة سعيدة وذرية صالحة. وبدا عليه كأنه قبل تماماً بالأمر الواقع وأنه لا يريد أن يخسر ابنته، لذلك دعاهما إلى المبيت في بيته إلى أن يتم الانتهاء من بيت الزوجية.

أمضى العروسان تلك الليلة في الفندق ثم ذهبا في الليلة التالية إلى بيت الوالد أحمد حمامة، وأمضيا الليلة الثالثة في منزل أسرة عز الدين، وفي اليوم الرابع عادا لدخول استوديو «ناصيبيان»، حيث بدأ عزالدين يخرج ويمثل دور البطولة إلى جانب فاتن في فيلم «خلود».

زواج سينمائي

تضمّن فيلم «خلود» مشهد زفاف بين «ليلى» التي تجسدها فاتن، و«محمود» الذي يجسده عز الدين، حسب أحداث الرواية. من ثم، اشترى عز الدين فستان زفاف ولكن من ماله الخاص، بعيداً عن إنتاج الفيلم، لترتديه فاتن في المشهد، على أن تستمر به بعد انتهاء التصوير، بعدما قرّر أن يستغل المشهد ليقلبه إلى زفاف حقيقي فور انتهاء التصوير.

وجّه الدعوة إلى أسرة فاتن بكاملها، كذلك دعا العاملين في الفيلم من فنانين وفنيين وعمال، وكل أصدقائهما ووزعت خلال الزفاف أكواب «الشربات» وأطباق الحلوى، كي لا يحرم حبيبته فاتن وأسرتها من الاحتفال بها، ورؤيتها في فستان الزفاف.

استأجر عز الدين بيت الزوجية في مصر الجديدة بشارع «المقريزي» الموازي لشريط المترو، بإيجار شهري 35 جنيهاً، لتدخل فاتن بعد أسبوع شقتها في الطابق الرابع، المكونة من صالة استقبال وخمس غرف، وتشرف على تأثيثها بنفسها، وهي خصصت إحداها لتكون مكتباً للزوج المخرج، وكان حافلاً بالكتب الأدبية والمؤلفات الخاصة بصناعة السينما.

بدأت سفينة الحياة تمضي بالزوجين السعيدين، وزاد من سعادتهما، النجاح الجماهيري الكبير الذي حققه فيلم «خلود» وأثبتت فاتن من خلاله أنها ممثلة من طراز فريد، إذ تفوقت في تجسيد دوري «ليلى وآمال» بشكل أدهش الجمهور، كذلك النقاد الذين راحوا يكتبون مقالات تؤكد نضج الممثلة الصغيرة، وتألقها كممثلة كبيرة.

فنانة استثنائية

قرّر عز الدين ذو الفقار أن يحتفل بنجاح الفيلم، فأقام حفلة كبيرة في «بيت الفن» عقب العرض، وبعد كلمات عدة تعاقب عليها بعض الأبطال والنقاد، وكاتب الحوار جليل البنداري، وأجمعت على براعة عز الدين كمخرج، وفاتن كممثلة متميزة، جاء دور الزوج في الحديث، فتكلّم عن الفيلم وكيف ولدت فكرته، ثم عن جميع المشاركين فيه، بدءاً من الممثل الشاب كمال الشناوي، ثم بقية المشاركين من فنانين وفنيين، ووصل إلى الأدوار الثانوية، من دون أن يذكر اسم فاتن حمامة، أو يتطرق إلى دوريها. عندئذ، بدأ الحاضرون ينظرون إلى بعضهم بعضاً، في دهشة من هذا التجاهل، ثم فجأة توقف، ونظر إلى فاتن، وأشار إليها قائلاً:

= لن أتحدّث الآن عن زوجتي فاتن حمامة، فأنا لم أتزوج فاتن الفنانة، بل تزوجت فاتن الإنسانة، وهي الآن في البيت، فأنا قد أملك قلب الإنسانة، لكن عقل وقلب الفنانة ملكها وملك فنها. أنا عرفت فاتن حمامة كممثلة قبل أن تعمل معي، وعندما قدمنا معا فيلم «أبو زيد الهلالي» لم يتح لها موضوع الفيلم أن تظهر قدراتها كممثلة، لكن عندما عملنا معا في فيلم «خلود» اكتشفت أنني إزاء فنانة من طراز فريد، فاسمحوا لي أن أتحدث عن فنانة من طراز خاص جداً، فنانة تملك أدواتها التي تمكنها من تقديم فن جديد ومختلف، وأكاد أجزم أنها خلال سنوات قليلة جداً ستكون في مكانة منفردة بعيدة عن كل فنانات عصرها.

بدأت فاتن حمامة حياة جديدة كإنسانة وفنانة. باتت شهرتها تسبقها لدى المخرجين والمنتجين، غير أنها رغم ذلك كانت لا تزال لا تملك القدرة على انتقاء ما يعرض عليها.

رغم زواجها من مخرج متميز، فإن والدها كان لا يزال يختار لها ما تقدمه على الشاشة، ما جعله يوقع عقوداً بخمسة أفلام دفعة واحدة لما تبقى من عام 1948، بدأها مع المخرج والمنتج أحمد سالم، وبطولة «حياة حائرة» من تأليفه وإخراجه، من بطولة المطربة اللبنانية نور الهدى وفاتن حمامة، وكل من بشارة واكيم، ومحمود المليجي، وفردوس محمد، ومحمود السباع، والسيد بدير.

تدور أحداثه حول فتاة تتهم بقتل شاب وجدت في منزله، فيحكم عليها بالسجن، لكنها تهرب وتسافر إلى لبنان عند قريبة لها بعد تغيير اسمها، قبل أن يقبض عليها وتسجن؛ لكن يتمكن أستاذ في علم النفس الجنائي بطرائقه الخاصة، من كشف المجرم الحقيقي وتبرئتها.

كان التعاقد الثاني مع المخرج والمنتج والمؤلف إبراهيم لاما، لتشارك فاتن في البطولة إلى جانب نجله من الفنانة بدرية رأفت، الممثل الشاب سمير لاما، في «الحلقة المفقودة». شاركهما البطولة كل من أحمد علام، وحسن فايق، والمطرب عبد العزيز محمود، ليقدمها في الوقت نفسه المخرج كمال بركات في البطولة المطلقة لفيلم من تأليفه بعنوان «المليونيرة الصغيرة» إزاء الممثل الشاب رشدي أباظة، ويشاركهما كل من ماري منيب، ولولا صدقي، وفؤاد شفيق، وعبد السلام النابلسي.

وكان الفيلم الرابع مع الفنان حسين صدقي، من إنتاجه وإخراجه وبطولته بعنوان «نحو المجد»، قصة وسيناريو محمد كامل حسن المحامي، وحوار عبد الحميد يونس وحسين صدقي، وشاركهما البطولة كل من كمال الشناوي، ولولا صدقي، وأحمد علام، وسعاد مكاوي، ومحمود شكوكو. وكانت المحطة الأخيرة هذا العام مع المخرج حسن الإمام:

= إيه يا مدام فاتن قريتي؟

* طبعاً. فيلم حلو أوي. بس مش قاتم شوية؟

= لا طبعاً... هو قاتم شويتين... هاهاها.

* أيوا أنا قصدي أن كمية الحزن والبكاء فيه كتير أوي ويمكن ده يخلي الجمهور يبعد عنه.

= شوفي يا تونة... بحكم خبرتي البسيطة الجمهور بيعشق النوعية دي من الأفلام. وإذا ماخرجش من السيما وعينه وارمه من البكاء مايرتحش.

* مش للدرجة دي يا أستاذ حسن.

= صدقيني زي مابقولك كده. الجمهور بيحب النكد. والقصص الإنسانية دي بتأثر فيه جداً. الجمهور عايز يشوف نفسه على الشاشة. والواقع مر أوي... والناس لما بتشوف بلاويهم على الشاشة بنفسيتهم بتهدا شوية.

* ماكنتش أعرف أنك دكتور نفساني كمان مش مخرج بس.

= وانا هاروح فيكِ أنت وعز فين يا ست فاتن.

أسند حسن الإمام دور البطولة المطلقة إلى فاتن في فيلم «اليتيمتين»، من إنتاج آسيا داغر، وشارك معها كل من المطربة ثريا حلمي، وفاخر فاخر، وعبد العزيز أحمد، ونجمة إبراهيم، ومحمد علوان، وصلاح منصور، وجمالات زايد، والراقصة ماري عز الدين، والفنان الشاب نبيل الألفي، فيما شارك في كتابة السيناريو المخرج هنري بركات مع مخرج الفيلم حسن الإمام، وكتب الحوار أبو السعود الإبياري.

دارت الأحداث حول أب ثري ينتقم من ابنته لأنها تزوجت من شاب فقير من دون رضاه، بأن يأخذ طفلتها الرضيعة ويضعها إزاء باب مسجد فجراً. يلتقطها الحاج مرسي، أحد المصلين، ويتبناها لتتربى مع ابنته «سنية» ويطلق على الطفلة الجديدة اسم «نعمة».

تكبر الفتاتان وهما تظنان أنهما شقيقتان. يموت الأب، ويطردهما صاحب البيت لعدم سداد الإيجار، ورفض «نعمة» الزواج منه. ذات يوم تفقد نعمة بصرها، ولا تجد شقيقتها على محطة القطار، فيأخذها «حسونة» بائع الجرائد العاجز بساقه المبتورة إلى بيته، حيث تستغلها والدته في بيع ورق «اليانصيب» ويحاول شقيقه البلطجي اغتصابها. لكن حسونة ينجح في تهريبها وإعادتها إلى شقيقتها، وتخضع لجراحة يعود لها بصرها في إثرها، وتقرر أن تتزوّج من حسونة.

رفض الولاية

صدق حدس حسن الإمام، ونجح الفيلم بشكل لم يتوقعه أحد، لدرجة أنه أبهر فاتن نفسها، ليرتفع اسمها عالياً وتصبح فجأة الفتاة التي لم تغادر مرحلة المراهقة بعد، فنانة كبيرة في مصاف كبار النجمات، وفي الوقت نفسه مسؤولة عن مملكة صغيرة تدير شؤونها وتدبر أمورها. من ثم، انهالت عليها العروض بشكل لم تتوقعه.

راح المنتجون والمخرجون يطاردونها في ردهات البلاتوهات، وبين بيتها وبيت والدها. غير أن الفتاة الصغيرة تعلمت الآن أن تقبل هذا وترفض ذاك، من دون أن تكون لوالدها ولاية عليها، بل ومن دون ولاية من زوجها المخرج عز الدين ذو الفقار، فهو كان بالكاد بإمكانه أن يقول رأيه في الموضوع، أو يبدي رأيه في مخرج ستعمل معه لأول مرة. فيما عدا ذلك أصبحت هي الوحيدة التي تستطيع تقييم الأعمال التي يمكن أن تقدمها، أو ترفضها، مع مراعاة عدد الأفلام التي تقبلها بسبب أن وقتها لم يعد ملكاً لها بالكامل، باعتبارها زوجة لديها زوج وبيت مسؤولة عنهما، رغم أن زوجها عز الدين ذو الفقار مشغول طوال الوقت أيضاً.

فيما انشغل عز الدين بإخراج ثلاثة أفلام خلال عام 1949، لم تكن فاتن مشاركة في إحداها، اكتفت النجمة بقبول القيام ببطولة أربعة أفلام فقط خلال العام نفسه، جميعها تشارك فيها بدور البطلة الأولى، وفيها يتصدر اسمها إعلانات الشوارع، وشارات الأفلام، باستثناء تلك التي تشارك فيها يوسف بك وهبي، إذ يتصدّر اسمه نجوم عصره كلهم.

بدأت فاتن بالعمل مع أهم نموذج سينمائي بالنسبة إليها، المنتجة آسيا داغر في «ست البيت» الذي كتب له القصة والحوار أبو السعود الإبياري، سيناريو هنري بركات، بالمشاركة مع المخرج أحمد كامل مرسي، وشاركها البطولة كل من، عماد حمدي، ومنى ابنة المنتجة آسيا، ومعهم زينب صدقي، ومحمود شكوكو، والمطرب عبد العزيز محمود، والراقصة الاستعراضية نعيمة عاكف. جاء بعده فيلم «كرسي الاعتراف» المأخوذ عن واحدة من أشهر مسرحيات «فرقة رمسيس» للفنان الكبير يوسف وهبي، الذي حولها إلى فيلم سينمائي من بطولته وإخراجه، وكتب له الحوار محمد أسعد لطفي، وشاركهما في البطولة كل من سراج منير، ونجمة إبراهيم، وفاخر فاخر، وشكري سرحان، وعمر الحريري، وحسن البارودي. وهي تجربة، رغم حماسة فاتن للمشاركة فيها، فإنها لم تقع في حبها، كما لم تفكر في تكرراها، ربما لأنها قريبة جداً إلى شكل المسرح الذي لا تفضله، إضافة إلى أنها بالعربية الفصحى، فيما كانت تميل إلى البساطة والطبيعية في الأداء، من خلال واقعية تنبع من المجتمع المصري، وهذا ما جعلها أكثر حماسةً وحباً للتجربة التالية مع الفنان نفسه يوسف وهبي، عندما قرّر إعادة تقديم إحدى أشهر مسرحياته أيضاً بعنوان «بيومي أفندي» من إنتاج أستوديو مصر، والذي أدار الإنتاج فيه الفنان عماد حمدي، إذ كان لا يزال موظفاً في شركة «أستوديو مصر»، وكتب له القصة والحوار يوسف وهبي، وشارك في الإخراج معه لأول مرة المخرج جمال مدكور، ليأتي اسم فاتن حمامة عقب اسم يوسف وهبي منفرداً، باعتبارها البطلة الأولى، وشاركهما كل من فاخر فاخر، وميمي شكيب، وسراج منير، وكمال حسين، وعبد الوارث عسر، وحسين عسر، والوجه الجديد إيفون ماضي.

حقق الفيلم نجاحاً كبيراً، وقدّمت بعده سيدة الشاشة فيلمها الأخير خلال هذا العام بعنوان «كل بيت وله راجل» إلى جانب كل من محمود المليجي، وأمينة رزق، وعبد العزيز أحمد، والمطرب عبد العزيز محمود، عن قصة وحوار وإنتاج مجدي فريد، وسيناريو وإخراج أحمد كامل مرسي.

لم تمر أشهر على زواج فاتن وعز الدين، حتى أصبحا كضيفين في بيتهما، يلتقيان أوقاتاً قليلة، يطمئن فيها كل منهما على الآخر ثم ينصرفان إلى عملهما. غير أن فاتن حاولت جاهدة أن تكون زوجة وربة بيت، توفر لزوجها سبل الراحة، وكانت أسعد اللحظات بالنسبة إليها وهي تجلس وقد أعدت وليمة من الأطعمة التي يحبها، في انتظار عودته. حتى ساقتها الأقدار إلى أن يقع في يديها ألبوم صور خاص بعز الدين وعائلته، لم تكن شاهدته سابقاً، فبدأت تقلِّب الصور، وهي تضحك إزاء لقطات لزوجها بالملابس العسكرية برتبة «يوزباشي»، وغيرها داخل أستوديوهات السينما، أثناء عمله كمساعد مع المخرج الراحل كمال سليم، ومع المخرج محمد عبد الجواد، إضافة إلى صور أشقائه الذين تعرفهم، سواء الإناث أو الذكور، فقد سبق وعرفها عقب الزواج بهم جميعاً، كذلك هي تعرف معظم أصدقائه من الفنانين والعاملين في صناعة السينما.

وفيما تتصفح الصور واحدة تلو الأخرى، توقفت فجأة إزاء لقطة أصابتها بالدهشة والحيرة!

البقية في الحلقة المقبلة

أحمد حمامة يبارك زواج فاتن من عزالدين ويحتفي بهما ويستضيفهما في بيته

عز الدين ذو الفقار يقيم حفلة زواجه بفاتن على طريقة أنور وجدي وليلى مراد

بعد إشادة عزالدين بها فاتن توقع خمسة عقود دفعة واحدة في عام 1948
back to top