«الفاشينستات» وضياع الأسر

نشر في 26-05-2018
آخر تحديث 26-05-2018 | 00:08
 بشاير يعقوب الحمادي باتت «الفاشينستات» أو فتيات الدعايات ظاهرة منتشرة في المجتمعات، وتحديداً في مجتمعنا الكويتي المحافظ، بما لها أحياناً من تأثير سلبي على أفراد المجتمع، ولاسيما المراهقين الصغار.

غير أن التأثير امتد إلى فئة أخرى، وهي النساء الطامحات للحصول على جميع ما تعرضه وتروجه وتمتلكه هؤلاء العارضات للمنتجات والماركات العالمية الباهظة الثمن، وهو موضوع لا ينتهي ولا يتوقف، ففي كل يوم وكل ساعة هناك الجديد في عالم الموضة والتسوق والمنتجات التي تصل أسعارها إلى المئات بل الآلاف أحياناً... فما أسوأ هذا التقليد الأعمى! نعم هؤلاء «الفاشينستات» يعرضن كل هذا، لكن ليس بالضروري أن نمتلك كل ما يعرضن! فكل شخص له إمكانياته وحدود مصروفاته، ولا يستطيع الجميع شراء كل ما يرى ويريد.

الجري الدائم وراء الجديد تبذير وبذخ، ولن يحصل اكتفاء مادام التفكير سطحياً ومتطلباً لكل شيء، إذ ينبغي الالتفات إلى أمور أخرى في الحياة أفضل من هوس الموضة وخدعة الماركات الكاذبة حتى ولو أحببناها كسيدات، فكثير من العلاقات الزوجية دُمرت وامتلأت بالمشاكل وتوترت بل انتهت بسبب هذه الهوس الذي يؤدي إلى عدم رضا الزوجة وقناعتها بما يملك زوجها وعيشها وفق مستوى دخله، في ظل تسابقها مع غيرها إلى امتلاك آخر ما يطرح في الأسواق والتباهي بشراء الأغلى والأثمن.

نعم، لا بأس أن تشتري الزوجة ما تريد إذا كان الزوج ميسور الحال، لكن بشرط أن يكون ذلك التنعم بعيداً عن الفجور والتباهي، أما إذا كان الزوج غير مقتدر، أو متوسط الدخل، فعليها عدم اختلاق المشاكل لامتلاك حقيبة أو قطعة مجوهرات، مما قد يؤدي إلى الطلاق في النهاية، فالحياة السعيدة تكون بالمحبة والتفاهم والود والتقدير والامتنان التي تجعل الحياة تسير، فإن دخلت الماديات في العلاقة جاءت المشاكل.

الحياة أصبحت معقدة أكثر مع وسائل التواصل الاجتماعي والميديا، ووجود الفاشينستات أصبح مؤثراً سلبياً أكثر من أن يكون نافعا، لا توجد فائدة في متابعتهن إلا لضياع الوقت أو التقليد الأعمى لما يمتلكنه ويفعلنه، فحياتهن عرض لجميع البشر، تعرض أمام الجميع بإيجابياتها وسلبياتها وابتذالها أحياناً، والسطحيون من البشر دائماً يختارون أسوأ ما يعرض، سواء في السلوك أو تقليد الأشكال، حتى أصبحوا متشابهين حتى في الوجه والجسم والهندام والكلام، مع تقليد صغار العقول لهم.

ورغم أننا الآن في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، والذي يجزل فيه الثواب لعباد الرحمن، وقارئي القرآن، نلاحظ أن هؤلاء الفاشينستات يبالغن في عرض ملابسهن، والمشكلة ليست في العرض، بل في التعري المبالغ فيه في مثل أيام هذا الشهر الفضيل، فأي قدوة هؤلاء؟ لا مانع من التزين وجمال الشكل والملبس، لكن ذلك مشروط بالحشمة والستر والوقار، لاسيما في هذا الشهر الكريم بما فيه من أجر وثواب... اللهم تقبل منا صيامنا واسترنا وأعطنا الأجر والثواب، واحفظنا في ديارنا، واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين.

back to top