5 شروط إيرانية تحرج أوروبا وتقوي موقف واشنطن

الاتحاد الأوروبي يشتبه في وجود «حرب غاز» وراء انسحاب إدارة ترامب من «النووي»

نشر في 25-05-2018
آخر تحديث 25-05-2018 | 00:05
خامنئي خلال لقائه روحاني ومسؤولي الدولة بعد الإفطار أمس الأول (ارنا)
خامنئي خلال لقائه روحاني ومسؤولي الدولة بعد الإفطار أمس الأول (ارنا)
بدلاً من التعاون مع أوروبا، التي تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وضع المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، الذي يملك القرار الأول والأخير في طهران، 5 شروط على أوروبا، مهدداً بوقف الالتزام بالاتفاق النووي والعودة إلى الأنشطة النووية الكاملة.

وقال خامنئي بعد الإفطار، أمس الأول: "يجب أن تؤمن البنوك الأوروبية التجارة مع الجمهورية الإسلامية. لا نريد أن نبدأ نزاعاً مع هذه الدول الثلاث (فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا)، لكننا لا نثق بها أيضاً".

وأضاف أنه يجب أن تتعهد القوى الأوروبية بعدم السعي لمفاوضات جديدة حول برنامج إيران للصواريخ البالستية وأنشطتها في الشرق الأوسط.

وقال "يجب أن تضمن أوروبا مبيعات النفط الإيرانية ضماناً تاماً، وفي حالة تمكن الأميركيين من الإضرار بمبيعاتنا النفطية، يجب أن يعوض الأوروبيون هذا ويشتروا النفط الإيراني".

وأضاف خامنئي أنه على مدى العامين الماضيين "انتهكت" الولايات المتحدة مراراً الاتفاق النووي، والتزم الأوروبيون الصمت، وطالب الأوروبيين "بالتعويض عن ذلك الصمت، والوقوف في وجه العقوبات الأميركية".

واتهم الولايات المتحدة بانتهاك قرار مجلس التابع للأمم المتحدة رقم 2231، الذي يدعم الاتفاق النووي مع إيران، وطالب أوروبا بالسعي إلى استصدار "قرار ضد الانتهاك الأميركي".

وحذر خامنئي من أنه في حالة عدم وفاء الأوروبيين بتلك المطالب فإن إيران ستستأنف نشاط تخصيب اليورانيوم، الذي كانت أوقفته بموجب الاتفاق النووي.

أوروبا محرجة

وبعد الشروط الإيرانية وجدت الدول الأوروبية نفسها عالقة بين الشروط الأميركية الـ12، التي قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إنها ضرورية للتوصل إلى اتفاق جديد مع إيران لا يقتصر على البرنامج النووي، بل يتعدى ذلك إلى البرنامج البالستي الإيراني وأنشطتها التوسعية في المنطقة، وبين الشروط الـ 5 الإيرانية.

ورغم ذلك يقول المراقبون إنه لا يمكن على الإطلاق القول، إن أوروبا تقف على مسافة واحدة بين واشنطن وطهران، وانه لا يجوز في الأساس إجراء مقارنة بين البلدين.

والإحراج الإيراني للأوروبيين من شأنه تقوية الموقف الأميركي، الذي بات الوحيد الذي يقف على أرض صلبة، فواشنطن أعلنت انسحابها بالكامل من الاتفاق وعدم التفاوض عليه مجدداً، وهي تعيد فرض عقوباتها الفعالة تدريجياً، والمشكلة باتت عند الآخرين.

حرب غاز

ويشتبه الأوروبيون في أن الولايات المتحدة تسعى إلى تجميد استغلال احتياطات غاز إيرانية ضخمة عبر فرض عقوبات على طهران في إطار الملف النووي، بهدف زيادة إنتاجها الخاص الذي يشهد ازدهاراً مع الغاز الصخري.

وقال مسؤول أوروبي مطلع على الملف، إن "العقوبات الأميركية ستشمل صادرات النفط والغاز الإيرانية الموجهة إلى أوروبا".

وأوضح لوكالة "فرانس برس" رافضاً الكشف عن اسمه "انها بشكل واضح محاولة جديدة للحد من مصدر إمداد مختلف لكي يمكن إيصال الغاز الطبيعي المسال الأميركي إلى أوروبا بشكل أسهل، وبدون منافسة".

وقال مارك أنطوان آيل مازيغا مدير مركز الطاقة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية "لا أعتقد أن ذلك هو الهدف الرئيسي للعقوبات ضد إيران، لكنه من الآثار التي ستسببها".

وأطلقت الولايات المتحدة استراتيجية البحث عن أسواق لبيع غازها الطبيعي. وصدرت 17.2 مليار متر مكعب عام 2017 نحو موانئ الاتحاد الأوروبي.

وبحسب مركز الدراسات "اي إتش إس ماركيت"، فإن "القدرة الإجمالية لاستيراد الغاز الطبيعي لدى أوروبا ستزيد بنسبة 20 في المئة بحلول عام 2020".

في كل سنة تستورد دول الاتحاد الأوروبي ثلث احتياجاتها للاستهلاك (66 في المئة)، وفي عام 2017 شكل ذلك 360 مليار متر مكعب من الغاز بينها 55 ملياراً من الغاز الطبيعي المسال بقيمة 75 مليار يورو، بحسب الإحصاءات الأوروبية.

وحتى الآن، نصف الغاز الذي تشتريه أوروبا روسي، لكن الأوروبيين يسعون إلى كسر هذا الاعتماد على موسكو.

وتملك طهران أكبر احتياطي غاز في العالم بعد روسيا، خصوصاً مع حقل الأوفشور فارس الجنوبي، ويقدر بنحو 191 تريليون متر مكعب. وصدرت البلاد 10 مليارات متر مكعب عام 2017 عبر انبوب الغاز نحو تركيا والعراق، لكن الحل للمستقبل سيكون الغاز الطبيعي المسال، كما يؤكد المسؤولون الأوروبيون.

وقدر وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنقانة احتياجات الاستثمار بنحو مئتي مليار دولار على خمس سنوات، وساهم قطاع الطاقة بنحو 50 مليار دولار من عائدات الدولة عام 2017، وفق المعطيات الأوروبية.

والاتحاد الأوروبي ليس الجهة الوحيدة المستهدفة من قبل واشنطن، وقال المسؤول الأوروبي "المنافس المستهدف الآخر هو روسيا مع مشروعها الرائد نورد ستريم 2". ويهدف هذا المشروع الى مضاعفة قدرات أنبوبي الغاز "نورد ستريم1" بحلول 2019، وإفساح المجال أمام وصول المزيد من الغاز الروسي بشكل مباشر إلى المانيا عبر بحر البلطيق، وبالتالي بدون المرور عبر أوكرانيا.

ويطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتخلي عنه. وجعل منه ورقة تفاوض لإعفاء الأوروبيين من الرسوم على الفولاذ والألومنيوم بحسب مصادر أوروبية مقربة من الملف.

وتدافع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل بشدة عن مشروع أنبوب الغاز الاستراتيجي هذا.

وقال مصدر حكومي الماني "في الوقت الراهن، الغاز الطبيعي المسال الأميركي اغلى من الغاز الروسي. لدينا سوق حرة، والغاز الطبيعي المسال يجب أن يكون موضع تنافس".

ميركل في الصين

ودافعت ميركل ورئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ، أمس، عن الاتفاق النووي مع إيران، بينما ألمح لي إلى أن إلغاء الاتفاق يعقّد المفاوضات في ملف كوريا الشمالية.

وأظهرت ميركل ولي جبهة موحدة بخصوص إيران والتجارة الحرة، وهما الملفان اللذان شهدا تحركات كبيرة من قبل ترامب، خلال مباحثاتهما في قاعة الشعب في بكين.

وأشارت المستشارة الألمانية إلى التأثير الاقتصادي السلبي على أوروبا من جراء قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، وقالت إن انسحاب الشركات الأوروبية من إيران سيخلق "فرصة للشركات من دول أخرى للدخول ولعب دور أكبر".

في المقابل، رفض لي فكرة أن تكون أزمة إيران مهدت الطريق لتدويل العملة الصينية، وسط تكهنات بأن الطلب على عقود النفط الآجلة باليوان سيزداد. وأكد لي أن "تدويل اليوان عملية طويلة الأمد ومرتبطة بشكل وثيق بتطور الاقتصاد الصيني".

بوتين وماكرون

وقام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس بزيارة لسان بطرسبورغ لإجراء محادثات مع نظيره فلاديمير بوتين حول مسائل مهمة، أبرزها ملف إيران النووي. والزيارة هي الأولى له إلى روسيا، وتأتي في أعقاب زيارة ميركل الأسبوع الماضي.

شروط خامنئي الـ 5

* أن تؤمن البنوك الأوروبية التجارة مع إيران.

* أن تتعهد القوى الأوروبية بعدم السعي لمفاوضات حول البرنامج الباليستي والأنشطة الإقليمية.

* أن تضمن أوروبا مبيعات النفط الإيرانية ضماناً تاماً.

* الوقوف في وجه العقوبات الأميركية.

* السعي لاستصدار قرار ضد الانتهاك الأميركي للاتفاق النووي.

back to top