الفليج: الأنظمة المصرفية الخليجية في موقع قوي يعكسه ارتفاع تصنيفاتها ونجاح تدابير البنوك المركزية

أكد أن «الوطني» سّباق في تبني الحلول الرقمية على صعيد بنوك المنطقة

نشر في 24-05-2018
آخر تحديث 24-05-2018 | 00:04
قال الرئيس التنفيذي في بنك الكويت الوطني- الكويت، صلاح الفليج في لقاء مع مجلة "ميد" المتخصصة بالشؤون الاقتصادية في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن الجهات التنظيمية في دول مجلس التعاون الخليجي استطاعت التعامل جيداً مع تأثير انخفاض نمو الائتمان وارتفاع القروض المتعثرة في السنوات الأخيرة، لاسيما عند انخفاض أسعار النفط. وأضاف الفليج أنه حتى مع انخفاض أسعار النفط، كانت أوضاع معظم البنوك المركزية في المنطقة أقوى بكثير مقارنة بما حدث خلال الأزمة المالية، إضافة إلى أن معظمها تدخّل مباشرة في مسألة الرقابة المصرفية، واتخذ العديد من الإجراءات التنظيمية منذ الأزمة المالية في 2008.

وأوضح أن معظم دول مجلس التعاون الخليجي تستهدف اليوم خطط توسع طموحة برؤوس أموال كبيرة للإنفاق على مشروعات البنية التحتية، ومن المرجح أن يفرض ذلك بعض الضغوط على السيولة بالدولار في المنطقة والتي لن تستطيع تأمينها إلا عبر إصدارات الدين.

وذكر أنه رغم تحسن الآفاق المالية مازال يتعين على الحكومات الخليجية زيادة وتيرة الإصلاح الاقتصادي لتعزيز النمو وخلق فرص العمل.

وفيما يلي تفاصيل اللقاء:

• كيف ستوثر الإصلاحات الهيكلية في المنطقة على العمل المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي؟

- نشهد العديد من الإصلاحات الهيكلية في المنطقة، وبعض الدول الخليجية قطعت مراحل متقدمة في هذا الصدد، بينما أخرى تلحقها بسرعة. وعلى الرغم من الحاجة إلى تسريع وتيرة الإصلاحات، فإننا ننظر إليها بشكل إيجابي، خصوصاً أن التنفيذ تزداد صعوبته مع ارتفاع إيرادات النفط وتحسن المراكز المالية.

ومع ذلك، عادةً ما تستفيد البنوك عموماً من أي تحسن تدريجي في الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية على اعتبار أنه يولِّد نشاطاً في القطاع الخاص، ويخلق بالتالي طلباً على الائتمان، ناهيك عن الأنشطة الإضافية التي يمكن للبنوك أن تولّدها جرّاء هذه الإصلاحات (كالخدمات الاستشارية، والخدمات المصرفية الاستثمارية... إلخ).

علاوة على ذلك، تستفيد الإصلاحات الهيكلية عموماً من قوة الاقتصادات بشكل عام، وبناء عليه ينبغي أن تزيد سلامة الميزانيات العمومية للبنوك، بحيث تُحسّن بصفة عامة قدرة النظم المصرفية في المنطقة على مواصلة دعم النشاط الاقتصادي، الذي أوجدته تلك الإصلاحات. إنها دورة نمو ذاتي بشرط استمرار وتيرة الإصلاحات في الاتجاه الصحيح. وهناك العديد من الإصلاحات التي تجري حالياً في المنطقة، والمتوقع أن تصب في مصلحة الأنظمة المصرفية، ليس فقط من حيث النشاط بل أيضاً في خلق فرصة أمام البنوك لمساهمات متنوعة عبر المنتجات الجديدة. وتتضمن هذه الإصلاحات الخصخصة، وإصلاحات أسواق رأس المال، وتمويل الرهن العقاري والشمول المالي.

• ما آفاق التمويل في المنطقة سواء من حيث تكلفة الدين أو السيولة؟

- بالنظر إلى أن معظم العملات الخليجية مرتبطة عموماً ارتباطاً وثيقاً بالدولار الأميركي، فإنه يجعل سعر الفائدة بالعموم يتجه صعوداً. ومع ذلك، فإن أي انحراف عن اتجاه أو تواتر لتحرك سعر الفائدة من جانب المجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي فسيكون مرتبطاً جداً بالسيولة الدولارية في أسواقنا الإقليمية.

فمعظم دول مجلس التعاون الخليجي تستهدف اليوم خطط توسع طموحة برؤوس أموال كبيرة للإنفاق على مشروعات البنية التحتية. ومن المرجح أن يفرض ذلك بعض الضغوط على السيولة بالدولار في المنطقة، والتي لن تستطيع تأمينها إلا عبر إصدارات الدين، خصوصاً أننا شهدنا إصدارات ناجحة لدول مجلس التعاون الخليجي في الأسواق العالمية، وهناك المزيد من الطلب على مثل هذه الإصدارات ذات الجودة.

وفي غضون ذلك، ستؤدي هذه الحالة أيضاً إلى استمرار الضغط على تكلفة الدين وتكلفة التمويل في المنطقة خلال المرحلة المقبلة مع زيادة المنافسة على رأس المال.

• ما تقييمك لسلامة البنوك في المنطقة بعد مضي ثلاثة أعوام على انخفاض النمو الائتماني وارتفاع القروض المتعثرة؟

- أعتقد أننا بحاجة إلى توخي الحذر عند الحديث عن المنطقة ككتلة اقتصادية واحدة. فعلى الرغم من أن معظم دول المنطقة تتأثر عموماً بانخفاض أسعار النفط، فإننا شهدنا بعض الاختلافات في تلك الدورة الأخيرة لأسباب مختلفة. لكن إذا أردنا التحدث عموماً، لابد من الإشارة إلى أن الجهات التنظيمية في هذه البلدان استطاعت التعامل جيداً مع تأثير انخفاض نمو الائتمان وارتفاع القروض المتعثرة في السنوات الأخيرة، لاسيما عند انخفاض أسعار النفط. ففي ظل انخفاض أسعار النفط، كانت أوضاع معظم البنوك المركزية في المنطقة أقوى بكثير مقارنة بما حدث خلال الأزمة المالية. عدا عن ذلك، معظمها تدخّل بشكل مباشر في مسألة الرقابة المصرفية، واتخاذ العديد من الإجراءات التنظيمية منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008.

وعلى الصعيد العالمي، أطلقت الجهات الرقابية العديد من المبادرات الرامية في الغالب إلى تعزيز السلامة المالية للأنظمة المصرفية وزيادة قدرتها على استيعاب الصدمات النظامية.

ومعظم هذه المبادرات تبنتها الجهات التنظيمية الخليجية، مما يضع أنظمتنا المصرفية اليوم في مركز قوي جداً حتى في السياق العالمي. وينعكس ذلك بدرجة كبيرة في التصنيف الائتماني للبنوك الخليجية مقارنة بنظيرتها في العالم، خصوصاً أن هذه التصنيفات تتميز بقوتها على الرغم من أنها مقيمة في اقتصادات أصغر نسبياً وأكثر تركيزاً.

وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن وجهة النظر المُجمَعْ عليها على أسعار النفط مستقرة إلى إيجابية، مما يعني أن الأنظمة المصرفية في المنطقة شهدت أسوأ هبوط في الدورة، وبقيت سالمة وهو تأكيد جيد لنجاح تلك التدابير التنظيمية التي أشرت إليها.

• مع ارتفاع سعر برميل النفط إلى 75 دولاراً في مايو، هل نكون تجاوزنا أسوأ تباطؤ اقتصادي؟

- أثّر انهيار أسعار النفط في الفترة بين عامي 2014 و 2016 على الثقة في جميع أنحاء المنطقة، ودفَعَ الحكومات إلى شد الأحزمة - بما في ذلك تخفيض الدعم والإنفاق الرأسمالي بشكل أثّر على المستهلكين والشركات على حد سواء. وانخفض النمو غير النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي من 5.3 في المئة ﻋﺎم 2014 إﻟﯽ 2.1 في المئة ﻋﺎم 2016. وﻗد تحسنت اﻟظروف منذ ذلك الوقت ولو تدريجياً. فارتفاع أسعار النفط أدى إلى خفض عجز الميزانية وساعد في إبطاء وتيرة ضبط الأوضاع المالية، ومن المرجح أن يشهد الإنفاق الحكومي نمواً إيجابياً هذا العام مما سيدعم الطلب المحلي.

وفي الوقت ذاته، استفادت دول المنطقة أيضاً من ارتفاع النمو القوي، الذي طرأ على الاقتصاد العالمي، عدا عن أن التأثير الاقتصادي للأزمة الخليجية على المنطقة كان ضئيلاً للغاية. ونتوقع ارتفاع النمو غير النفطي بنسبة 2.6 في المئة هذا العام، مقارنة بنسبة 2.3 في المئة ﻋﺎم 2017.

ومع ذلك، مازالت تلوح العديد من المخاطر السلبية أمام النمو، بما في ذلك انخفاض أسعار النفط والاضطرابات المالية في ظل تشديد السياسة النقدية العالمية وتصاعد التوترات التجارية العالمية والتداعيات الجيوسياسية الناجمة عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني.

علاوة على ذلك، على الرغم من تحسن الآفاق المالية، ينبغي على الحكومات في جميع أنحاء المنطقة زيادة وتيرة الإصلاح الاقتصادي لتعزيز النمو وخلق فرص العمل.

• كيف ستتأثر البنوك الخليجية من التقنيات الرقمية الجديدة مثل البلوك تشين والذكاء الاصطناعي؟

- تعد إمكانية الوصول إلى الخدمات والخدمة السريعة على مدار الساعة مهمة جداً لتلبية الطلب المتزايد من العملاء وإنجاز معاملاتهم على الفور ونيل رضاهم في جميع أنحاء العالم، ومنطقة الشرق الأوسط ليست بمنأى عن ذلك.

وسوف يساعد الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي في أتمتة خدمة العملاء- أي جعلها آلية. وستعمل خدمات مثل تشات بوتس "Chatbots" والمصادقة من خلال الحلول البيومترية / التعرف على الوجوه/ التوقيع الرقمي باستخدام الصوت، على تقليل منحنى التعلم عند المهاجرين التكنولوجيين (والمقصود بهم الجيل الذكي الذي ولد قبل انتشار التكنولوجيا)، وتحسين سرعة الأداء والمعاملات إضافة إلى راحة العملاء. ومن خلال التعرف على الصوت سيضمن العملاء إجراء معاملاتهم المصرفية عبر "التحدث". وسوف تصبح أجهزة الصراف التفاعلية/ الأفرع البنكية الافتراضية/إنترنت الأشياء/ وتقديم الخدمات الاستشارية في إدارة الثروة عن طريق الروبوت مساهماً معيارياً. إضافة إلى أن الخدمات، التي يستخدمها العميل أينما كان بمجرد ضغطة زر بفضل استخدام تحليلات البيانات الكبيرة، سوف تزداد انتشاراً. فخدمات الدفع ستصبح أسرع من خلال استخدام واجهات برمجة التطبيقات للمصادقة (على سبيل المثال: تنفيذ اعرف عميلك لأغراض مكافحة غسل الأموال) دون الحاجة إلى وجود فعلي للعميل أو المستندات. كما سيقلل من الحاجة إلى الاستعانة بمصادر خارجية أو المكتب الخلفي والتنفيذ الفوري.

أما تكنولوجيا البلوك تشين (دفتر الأستاذ الموزع الذي تحتوي فيه كل كتلة على طابع زمني وتحتفظ بكمية من المعاملات الفردية ترتبط بكتلة سابقة) فينظر إليها باعتبارها مستقبل الخدمات المصرفية التي توفر وسائل آمنة وفعالة من حيث التكلفة عند إجراء المعاملات.

ومع ذلك، لا يزال أمام هذه التكنولوجيا طريق طويل (من الناحية الأمنية والتركيز التنظيمي على البتكوين والعملات الافتراضية) قبل أن تصبح اتجاهاً سائداً في القطاع. وبمجرد أن يزداد مستوى قبول تكنولوجيا البلوك تشين، فسنشهد تغيراً في كيفية إنجاز الأعمال المصرفية.

من مزايا وتطبيقات البلوك تشين هي تسريع المعاملات البنكية (من خلال تقليص الفترة الزمنية عبر إلغاء مركزية دفتر الأستاذ) والشفافية والنفاذ (يمكن للمستخدمين النفاذ إلى تفاصيل المعاملة البنكية في أي وقت وفي أي مكان، الأمر الذي يلغي الحاجة إلى تبادل الرسائل بين الأطراف في الخدمات المصرفية التقليدية) أيضاً من المزايا انخفاض تكاليف المعاملات (تجعل الطرف الثالث ورسومه غير ضرورية) وأخيراً تقليص عمليات الاحتيال، تمويل التجارة، وإدارة السيولة.

• كيف يستجيب بنك الكويت الوطني إلى هذا التغير الرقمي؟

- كان بنك الكويت الوطني في طليعة الشركات، التي تبنت التكنولوجيا لتوفير خدمة متميزة للعملاء، عبر ربط جميع نقاط الاتصال باستراتيجية

"الموبايل أولاً". ويتجلى ذلك من خلال حصولنا على المرتبة الأولى في العديد من المبادرات الرقمية على صعيد المنطقة.

لقد كان العامان الماضيان بمنزلة مرحلة مهمة للتحول الرقمي في بنك الكويت الوطني كجزء من استراتيجية "الموبايل أولاً" و"حساباتك بمتناول يديك". وطرح "الوطني" الذي يتمتع بأكبر شبكة نقاط البيع، بطاقات (Tap&Pay) في ديسمبر2016 - في وقت قياسي مدته 3 أشهر، وأصبح لديه أكبر عدد بطاقات وشبكة نقاط بيع تدعم تكنولوجيا اللمس (NFC) في الكويت.

وأطلق بنك الكويت الوطني أخيراً تقنية NFC (سوار الدفع) (الأولى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) وملصقات الدفع (الأولى في الكويت)، بحيث يمكن بفضل استخدام سوار وملصق الدفع التخلي عن محفظة نقودك الآن. كما أطلق البنك خدمة Smart Wealth في 2017 وخدمة الوطني للدفع السريع في 2018.

وكرس بنك الكويت الوطني لنفسه التواجد الأكبر للخدمات المصرفية بين البنوك في وسائل التواصل الاجتماعي بأكثر من مليون متابع، منهم 450 ألفاً في "تويتر"، و300 ألف في انستغرام، و212 ألفاً في فيسبوك، و48 ألفاً في يوتيوب، وسناب شات. هذا الوجود مدعوم بمركز خدمة بنك الكويت الوطني (الأكبر في الخدمات المالية في الكويت)، والذي تطور إلى مركز اتصال يخدم احتياجات العملاء مزود بفريق رقمي مخصص للرد على استفسارات العملاء عبر: نظام الاستجابة الصوتية التفاعلية IVR، وخدمة الصوت Voice، وقنوات وسائل التواصل الاجتماعي التي أطلقها البنك عام 2015، وخدمة واتس آب عام 2016، والدردشة عبر الإنترنت عام 2017.

من الناحية الاستراتيجية، نستهدف النقود والورق، كفرص، إذ نركز باستمرار على تغيير عادات عملائنا من الاستخدام النقدي إلى الأموال الرقمية، والقضاء على الأعمال الورقية وأتمتة العمليات لتقديم خدمات تتسم بالكفاءة والأمان والسلاسة إلى عملائنا.

ويعد الفضاء الرقمي وخصوصاً في نطاق المدفوعات من المجالات الرئيسية التي تحظى باهتمامنا، ونراقب السوق بشكل متواصل ونتحين الفرص المتاحة للاستثمار/ الشريك/ والاستحواذ على تكنولوجيا FinTech من أجل توفير أفضل الخدمات لعملائنا.

الإصلاحات تزيد قوة الاقتصادات وسلامة الميزانيات العمومية للبنوك

نركز باستمرار على تغيير عادات عملائنا من الاستخدام النقدي إلى الأموال الرقمية

الحكومات معنية بزيادة وتيرة الإصلاحات لخلق فرص النمو والعمل

ننظر بإيجابية للإصلاحات التي نفذتها دول «التعاون» أخيراً

أعتقد أننا بحاجة إلى توخي الحذر عند الحديث عن المنطقة ككتلة اقتصادية واحدة

لانخفاض النفط والاضطرابات المالية والانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران مخاطر تهدد النمو

• كيف ستوثر الإصلاحات الهيكلية في المنطقة على العمل المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي؟ - نشهد العديد من الإصلاحات الهيكلية في المنطقة، وبعض الدول الخليجية قطعت مراحل متقدمة في هذا الصدد، بينما أخرى
back to top