اشربوا حليب التيوس

نشر في 21-05-2018
آخر تحديث 21-05-2018 | 00:09
 علي البداح نطلب من الجبان أن يشرب حليب السباع لكي يتشجع ويدافع عن نفسه، لكننا مكتفون بحليب التيوس لأننا لا نتوقع شجاعة الأسد وقوته، يكفينا أن نتعلم النطح، وأن نخيف من نهاجمه بالانتصاب على القدمين وإخافة من يقابلنا من النطحة القادمة، لا نريد أن نكون سباعا لأنه «حامض على بوزنا»، نريد أن يشاهد الآخرون أننا نفعل ونرغي ونبدو غاضبين حين يتعرض لنا أحد، لا أكثر ولا أقل، لكن أن يلعب بنا الكبار والأطفال وكل يجر لنا شعرة من هنا ومن هناك، ويرمي علينا زبالته ويسد علينا الطريق، ويوجه لنا كل أنواع الإهانة، ولا ننبس ببنت شفة فذلك هوان ما بعده هوان.

أصبحنا «ملطشة»، يكفي أن يقام لنا خيال مآته لنرتعد ونلوذ بالراعي نتوسل الحماية، يتسابق اللصوص للاستيلاء على ما نملك وتنتهك كل حقوقنا وتدنس أفضل بقع أراضينا وتبتلع كل أملاكنا، فلا نفعل شيئا ونكتفي بالنظر للراعي نستكشف ماذا يريدنا أن نفعل، هل يغضب لو غضبنا فلا نغضب، أم نسكت إذا كان السكوت من ذهب، كما علمنا أم لا نفعل هذا ولا ذاك ونتجاهل كل ما يحدث وكأنه لا علاقة لنا به.

يا جماعة اشربوا قليلا من حليب التيوس، وأروا العدو أن لدينا مشاعر وأن مقدساتنا تعني شيئا لنا، أو على الأقل لشعوبنا، قليل من حليب التيوس يجعلنا ننطق بأي شيء حتى لو كان غير مفهوم لعل العالم يحس أن في هذه البقعة من العالم فيها من يحتج أو على الأقل من يشكر العالم على وقفتهم التي لم نفعلها مثلهم.

وضعنا يتردى إلى الأسفل والسادة الكبار في الغرب والشرق يزيدون من إهانتنا، فليس عندنا رجل واحد يقف ليقول كفى أو حتى أن يحتج بصوت مبحوح ومرتجف. استسلام كامل لم يحدث في تاريخنا أبدا، سكوت على الذل لم يحدث في أي مكان في العالم.

ماذا ننتظر؟ هذا إذا كنا في حالة انتظار، ولماذا لدينا كل هذا الاستعداد لنتقاتل بيننا، ولكن ليس عندنا قدرة حتى على الكلام ضد أعدائنا وسراقنا ومذلينا؟ كيف نفهم هذه البلوى؟

اشربوا شيئا من حليب التيوس، وقولوا لحلفائنا سراقنا ومذلينا إننا عاتبون، قولوا لهم إن الناس غاضبة، وإنكم تخشون على أنفسكم وعلى حلفائكم ومصالحهم من الخطر، قولوا لهم بأسلوبكم المتمسكن إنكم تخافون على مصالحهم لهذه الإهانات المتكررة، أبدوا لهم ما دامت جرعة حليب التيوس مؤثرة أنكم أحرص الناس على مصالحهم، ولا تريدون لهذه المصالح أن تتأثر، وأنكم ستستمرون في دعمهم لكن على أن يحموكم من هذا الغصب القادم لا محالة.

الشيء الذي لا تعرفونه أنهم لا يهمهم بقيتم أم ذهبتم، بقيت أوطانكم أم تقسمت، أنتم في حسابهم لا شيء، أنتم الآن حصالة مال يصرف منها بعيدا عن أموال دولهم التي لديها اشتراطات للصرف، ولو ذهبتم لجلبوا غيركم، ولا تحسبوا أن تذللكم سيحميكم بل على العكس ستزداد إهانتكم، وسواء ضيعتم القدس أو قبلتم بتدمير كل الوطن العربي فإنهم في النهاية وبعد أن تجف خزائنكم سيعودون للتخلص منكم.

من قال لكم إن لديه ضمانات فهو ساذج، ولا يفهم في سياسة الكبار ولا خطط الصهيونية، هم الآن يخلقون لكم بعبعاً جديدا لكي تظلوا مرتعشين لاصقين بأحضانهم، لكن ما يعملون عليه هو تدميركم وتدمير البعبع طال الزمان أو قصر، فاشربوا قليلا من حليب التيوس وليسمعوا منكم صوتا، واكسبوا احترام شعوبكم على الأقل، فلربما لو وضعتم أيديكم بيد شعوبكم لقويت شوكتكم وعاد احترام الآخرين لكم.

هل يمكن أن نحلم بمسؤول عربي يقف اليوم ليطلب من الأميركيين على سبيل المثال ترك بلاده وإغلاق السفارة الأميركية احتجاجا على الاعتراف بالقدس عاصمة لما تسمى إسرائيل؟ جربوها مرة واحدة وستعرفون قيمة الاحترام.

back to top