دفع المال مقابل استهداف السائحين فساد في الأرض

نشر في 21-05-2018
آخر تحديث 21-05-2018 | 00:00
No Image Caption
السؤال: ما حكم الشرع في دعوة بعض التيارات المتطرفة إلى اغتيال السياسيين والسائحين مقابل المال؟

المفتي: مفتي الديار المصرية د. شوقي علام.

‎الفتوى: إن الأصل في النفس الإنسانية- أعم من أن تكون نفساً مسلمة - هو عصمتها وعدم جواز الاجتراء ‏على إنهاء حياتها إلا بسبب شرعي؛ وقد نص القرآن الكريم على تحريم قتل النفس مطلَقا بغير ‏حق؛ قال تعالى: «ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرم الله إلا بالحق»‏،‏‎ بل جعل الله تعالى قتل النفس مسلمة أو غير مسلمة بغير حق كأنه قتل للناس جميعا، مصداقا لقوله تعالى: «من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا».

وروى البخاري في صحيحه، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه ‏وآله وسلم قال: «لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا»‎.

وفي خصوص غير المسلم الذي لا يُعَدُّ محارباً: فقد روى البخاري عن عبدالله بن عمرو ‏رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ ‏الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا»‎

وعليه: فإن الأشخاص الأجانب الموجودين في بلاد المسلمين؛ نحو: الدبلوماسيين، أو ‏السائحين، أو الأجانب المقيمين في البلاد الإسلامية بغرض العمل فيها، الأصل في نفوسهم هو ‏العصمة من أن يُعتَدَى عليها بأي شكل من أشكال الاعتداء؛ فإن وجودهم في البلاد الإسلامية ‏تابع لإعطائهم تأشيرة دخول إليها، وهذه التأشيرة صورة من صور عقد الأمان، والأمان: هو ‏عهد شرعي، وعقد يوجب لمن ثبت له حرمة نفسه وماله‎.

وأمر الشرع الشريف بالوفاء بالعهود، وجاءت الأدلة الشرعية الدالة على وجوب الوفاء بها مصداقا لقوله: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»، وقد روى الحاكم والبيهقي وغيرهما عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله ‏عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ مَا وَافَقَ الْحَقَّ»‎.

ونص العلماء أنه لو تعارضت المصلحة مع المفسدة، فإن دفع المفسدة مقدَّم على جلب ‏المصلحة، وكلامهم هذا في المصالح المحققة فكيف إذا كانت المصلحة مُتَوَهَّمة أو معدومة، ‏أما عن بذل المال للغير نظير قيامه بتلك الاغتيالات؛ فهو من الإجارات الفاسدة التي لا تنعقد، ‏وبذل هذا المال من المحرِّض وقبوله من المحرَّض أمران محرمان شرعًا‎.

وعليه فإن عمليات القتل والاغتيال المسؤول عنها، وبذل المال وأخذه ‏لأجل القيام بها، كل هذا من الفساد والبغي في الأرض بغير الحق، وذلك من كبائر الذنوب التي ‏عظمت الشريعة التنفير منها وتوعدت عليها بأشد العقوبات.

back to top