فارس المجلس

نشر في 20-05-2018
آخر تحديث 20-05-2018 | 00:08
 مظفّر عبدالله أول العمود:

إعلان شركة "زين" الذي حمل عنوان "سيدي الرئيس" ساهم في ترسيخ اللجوء إلى الجلاد للخلاص من الكارثة.

***

كانت مناسبة مسائية مُفرِحة تلك التي دعت لها سفيرة الجمهورية الفرنسية لدى دولة الكويت ماري ماسدوبوي يوم الثلاثاء الفائت لتقليد وسام السعف الأكاديمي بدرجة فارس (Chevalier) لأمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي حسين اليوحة، وسط حضور نوعي لفنانين ومثقفين وكتاب وإعلاميين كويتيين، وهو وسام أنشأه نابليون الأول عام 1808 وعُدل بمرسوم عام 1955 ليكون بدرجات ثلاث: قائد، وضابط، وفارس.

سأبتعد قليلا عن شخص الأمين العام، وسأتحدث كثيرا عن الحراك الثقافي الذي حدث في السنوات العشر الأخيرة من عمر المجلس، فالأخ علي اليوحة لا يحتاج دعم أعمدة صحافية لأنه يحظى بشعبية واسعة ليس بين أوساط المثقفين والفنانين فقط بل بين عموم الناس، وكان الاختبار الذي يوثق هذا الاعتقاد موجة التأييد التي حصل عليها من الناس وقت استجواب وزير الإعلام الأسبق سلمان الحمود، والذي أُقحم فيه "مجلس الثقافة" إقحاماً جائراً، فالناس وقفوا معه لأنه يعمل من أجلهم.

مجلس "الثقافة" هذا لا يمكن تجاوزه في حركة الدولة، فهو يتناول أهم سلعة يمكن أن تساهم بشكل فعال في تحقيق السلم السياسي والاجتماعي في أي بلد كان، فالثقافة وسيلة أو أداة جامعة لا تُفَرِق، تساهم في خلق شغف لدى العامة لمعرفة ما لدى الآخرين من أشعار وقصص وفنون وأغان، وهذه هي مهمة الثقافة بكل تبسيط، وكوادر "مجلس الثقافة" عملوا وبذلوا الكثير من أجل رفع شأن الحراك الثقافي في سنوات كانت قوى التخلف والرجعية تسيطر على مفاصل مهمة من الدولة، فالمسارح اليوم مشغولة بكم متقاطر من الجمهور، وملتقيات الشباب الثقافية الأهلية والخاصة صارت تتجه إلى المجلس طلباً للدعم والمشورة والرعاية، وحركة القراءة والكتابة صارت أكثر انتشارا بين الشباب، ومجالات التنقيب عن الآثار في أراضي الدولة باتت كخلايا النحل بفضل علاقات المجلس مع مراكز البحث والجامعات المتخصصة بالآثار والتي بلغ عددها اليوم 9 فرق استطاعت تغيير تاريخ الوجود البشري في حدودها الجغرافية وبأدلة علمية! والمهرجانات السنوية المبرمجة في رزنامة أنشطة المجلس صارت علامة ثقافية كويتية في الفن والموسيقى، وعالم الكتاب، والفِكر، والطفل وغيرها.

هذه المؤسسة التي تواكب في عملها- وبدون مبالغة- وزارة الخارجية في هدف إيصال اسم البلد وتاريخ أهله إلى الداخل والخارج، باتت اليوم تقدم ما لا يقل عن نشاطين في اليوم على مدار السنة، وأثبتت خلال مناسبة تسمية مدينة الكويت عاصمة للثقافة والفنون والآداب في 2016 أنها قادرة بكوادرها وشح ميزانيتها أن تفعل ضعف نشاطها في السنوات العادية، فإحصاءاتها الرسمية تؤكد حصول أكثر من 800 نشاط في تلك السنة، أي أكثر من 3 أنشطة في اليوم! كان عاماً مفعماً بالحراك الثقافي.

يقاس على ذلك كم الاتفاقيات الثقافية التي أسس لها المجلس مع مؤسسات ودول نتج عنها انتعاش المشهد الثقافي من خلال الأسابيع الثقافية، ومعاهدات التبادل المعرفي، كما حرص المجلس على المحافظة على التراث من خلال اتفاقية بهذا الشأن مع مكتب الأمم المتحدة للإنماء.

الشاهد هنا أن المسؤولين عن التخطيط في هذا البلد مطالبون بالالتفات لما يقوم به "مجلس الثقافة" من جهد تنموي وثقافي بين عامة الناس، وأن يدعموه بكل الوسائل، بمزيد من الصرف، ومزيد من التواصل معه من البعثات الدبلوماسية، ففي مرحلة قيادة المهندس اليوحة أصبحت هذه المؤسسة قريبة من الشارع ومرافقة لعامة الناس، وليست منصة مثقفين فقط.

شكرا لجمهورية فرنسا، وشكرا لسفيرتها الأنيقة التي تعيش بين أهلها في الكويت على هذا التكريم، وهذا الوسام الذي يعني الكثير لدى الفرنسيين هو من دون شك يعني الكثير لتاريخ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الذي تأسس عام 1973 ، وقاده مفكرون كويتيون خلقوا "حالة كويتية" ثقافية في الداخل والخارج.

ولرئيس الوزراء الموقر نقول: هذا المجلس رديف لوزارة الخارجية في الترويج للنظام العام للدولة وسماتها التي اختزلها دستور عام 1962 ، فنرجو من سموكم حمايته من الصفقات السياسية.

back to top